"عنصرية وتمييز ".. مقتل شاب يطرح علامات استفهام حول الشرطة الفرنسية
أثار مقتل شاب برصاص أحد أفراد الشرطة تساؤلات بخصوص حالة الشرطة الفرنسية في دولة ترفض الاعتراف بأن العنصرية تلعب دوراً في أعمال الشغب. وارتبط ارتفاع عمليات إطلاق النار المميتة بإصلاح قانون يوسع الظروف التي يمكن فيها للشرطي استخدام سلاحه الناري.
أثار مقتل شاب برصاص أحد أفراد الشرطة تساؤلات مطروحة منذ فترة طويلة بخصوص حالة الشرطة الفرنسية وعجز الحكومات المتعاقبة عن إصلاح هذه المؤسسة المرتبطة بنقابات شرطية قوية.
وتعاني فرنسا من اندلاع موجات منتظمة من الاضطرابات التي غالباً ما تؤدي إلى إطلاق دعوات لقمع مثيري الشغب.
يقول خبراء إنّ السلطات لم تعُد قادرة على غض الطرف عن اتهامات الجماعات الحقوقية بتفشي العنصرية داخل جهاز الشرطة والتصنيف العرقي والقضايا المتعلقة بالتجنيد والتدريب وعقيدة الشرطة.
وشعر عدد من الحكومات الغربية، مثل بريطانيا في 2011 والولايات المتحدة مع حركة (بلاك لايفز ماتر) في 2013، بضرورة التعامل مع أعمال الشغب العرقية ضد الشرطة على مدار العقود الماضية. لكن فرنسا ترفض منذ فترة طويلة الاعتراف بأن العنصرية تلعب دوراً في أعمال الشغب.
وقال أوليفييه كان، أستاذ القانون بجامعة سيرجي، إنه مع أن فرنسا قدمت نحو 30 تشريعاً بخصوص الجوانب القانونية والنظام في العقدين الماضيين، فإنّ أياً منها لم يتضمن إصلاحاً لقوات الشرطة منذ الإصلاح الذي جرى عام 1995 وأعطى النقابات الشرطية سلطات إدارة مشتركة واسعة النطاق.
وتضمن هذه السلطات الواسعة ولاء ضباط الشرطة على الأرض وتجعلهم يَدينون بترقيهم الوظيفي للنقابة التي ينضمّون إليها، مما أعطى قادة هذه النقابات نفوذاً هائلاً على وزراء الحكومة.
وأضاف كان: "التخوف الرئيسي هو فقدان السيطرة على قوات الشرطة".
محاولات للتغيير
وزراء الحكومة الفرنسية الذين حاولوا إصلاح جهاز الشرطة وإضفاء مزيد من الاستقلالية على عمل هيئة مراقبة جهاز الشرطة (آي جي بي إن) فعلوا ذلك على مسؤوليتهم.
ففي يونيو/حزيران 2020 أعدّ وزير الداخلية السابق كريستوف كاستانير خططاً لإصلاح الشرطة. وشمل ذلك حظر خنق الأشخاص في أثناء عمليات الاعتقال، وإصلاح هيئة مراقبة جهاز الشرطة، وتطبيق سياسة عدم التهاون مطلقاً مع العنصرية داخل الجهاز.
وقال فرانك لوفرييه الذي كان يشغل منصب مستشار الاتصالات للرئيس السابق نيكولا ساركوزي عندما كان وزيراً للداخلية: "إما أن تدعم الشرطة وإما أن تواجه مشكلات".
وأضاف: "وزارة الداخلية تقوم على العامل البشري ومشاعرك تجاههم، لأن أفراد الشرطة يتعرضون للهجوم كل يوم".
وأثار اقتراح طرحه دارمانان لإصلاح فرع تحقيقات الشرطة حالة من الغضب داخل أجهزة الشرطة هذا العام، مما أدى إلى عدة إضرابات في وقت عصيب على الحكومة مع اندلاع مظاهرات ضد خطط الحكومة لرفع سن التقاعد.
عنصرية
في قلب أحداث الشغب التي تهز الضواحي التي يقطنها أبناء الطبقة العاملة المختلطة عرقياً في محيط المدن الفرنسية، توجِّه جماعات حقوقية منذ وقت طويل اتهامات إلى الشرطة بالعنصرية الممنهجة.
وقال مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان يوم الجمعة إنه قلق إزاء الوضع في فرنسا، وحثَّ الحكومة على معالجة التمييز العنصري.
وتقول نقابات الشرطة ووزير الداخلية إنه لا توجد سوى حالات متفرقة من العنصرية، وينكرون أن تكون منهجية أو منتشرة.
وبعد أزمة "السترات الصفراء" في 2018-2019، التي شهدت احتجاجات عنيفة وقمعاً من الشرطة على مدى شهور، تجددت الانتقادات لعقيدة الشرطة وكذلك خططها.
وارتبط ارتفاع عمليات إطلاق النار المميتة برصاص الشرطة خلال السنوات القليلة الماضية بإصلاح القانون عام 2017، الذي يوسع الظروف التي يمكن فيها للشرطي استخدام سلاحه الناري.