بعد المحاولات المتكررة لإطلاقه، لا يزال صاروخ "أريان 6" الفرنسي يعاني من مشكلة تقنية عويصة، ما يؤجل تاريخ دخوله الخدمة إلى السنة القادمة. هذا ما قاله مدير وكالة الفضاء الأوروبية جوزيف أشبيكر، في تغريدته يوم الثلاثاء على منصة إكس (تويتر سابقاً).
فيما يأتي هذا التأخير في وقت تعد الوكالة في أمس الحاجة إلى هذا الصاروخ، مع خروج سابقه "أريان 5" من الخدمة، وبذلك يهدد بعرقلة عدد من المشاريع التي يسعى برنامج الفضاء الأوروبي لتحقيقها. ويعد تأخير إطلاق "أريان 6" أحد أوجه فشل صناع الفضاء الفرنسية، ما يدفع الوكالة الأوروبية إلى البحث عن بدائل، أبرزها صواريخ الملياردير الأمريكي إيلون ماسك.
"أريان 6" لن يقلع هذه السنة
في تغريدته، أعلن مدير وكالة الفضاء الأوروبية جوزيف أشبيكر، أن وكالة الفضاء الأوروبية ووكالة الفضاء الفرنسية، كما مهندسي الصواريخ بمجموعتي "Arianespace" و "Ariane Group" الفرنسيتين، أكدوا أن "الإطلاق الافتتاحي حُدد الآن في عام 2024".
وكان من المفترض أن يجري "أريان 6" أول رحلة له في عام 2020، وعرف تأجيلاً أولاً إلى 2023. وحسب ما ذكرت مجلة "بوليتيكو" الأمريكية سابقاً، فإن وكالة الفضاء الأوروبية سعت لتجهيز نظام الإطلاق الثقيل للاستخدام هذا العام، لكن هذا فشل لتعاد جدولته في عام 2024.
ويأتي التأخير في وقت تزداد فيه حاجة برنامج الفضاء الأوروبي إلى إدخال الصاروخ الفرنسي إلى الخدمة، من أجل إنجاز عدة مشاريع من بينها إطلاق برنامج الأقمار الصناعية الأوروبي "غاليليو"، الذي بقي معلقاً لثلاث سنوات.
وكان من المبرمج استخدام "أريان 6" لإرسال تلك الأقمار الصناعية، وحجزت من أجلها وكالة الفضاء الأوروبية 6 رحلات مسبقاً. ومقابل ذلك خرجت النسخة السابقة للصاروخ الفرنسي، صاروخ "أريان 5" من الخدمة شهر يونيو/حزيران المنصرم.
قصة فشل "أريان 6"
وكما ذُكر، كان من المزمع تسليم صاروخ "أريان 6" وإجراء أول رحلة له في عام 2020، لكن ذلك ما لم يتحقق، وتأجل لعدة مرات بسبب "مشكلات تقنية في الصاروخ إلى جانب تبعات الأزمة الصحية الناجمة عن فيروس كورونا"، وفق ما ذكره سابقاً مدير النقل الفضائي الأوروبي في وكالة الفضاء الأوروبية دانييل نوينشفاندر.
أبعد من ذلك، يرجع موقع "Ars Technica" المتخصص في أخبار علوم وتكنولوجيا الفضاء، التأخر في تسليم "أريان 6" إلى ما وصفه بأنه "سياسة الفضاء الضيقة للاتحاد الأوروبي". مشيراً إلى أنه بالرغم من أن برنامج تطوير الصاروخ يجري تحت إدارة مجموعة واحدة كبرى هي الفرنسية "أريان غروب"، فإن وكالة الفضاء الأوروبية تفرض توزيع أجزائه على عدد من شركات من الدول الأعضاء، وهو ما يؤخر عملية إنجاز المشروع لاختلاف سياسات الإنتاج لدى كل من تلك الشركات.
ويضيف الموقع أن هذا النمط من التطوير الذي تنتهجه الوكالة يرفع تكلفة إنشاء الصاروخ بكثير، مقارنة بتكلفة إنشاء صاروخ "فالكون 9" الأمريكية الذي تصنعه شركة واحدة بسياسة إنتاج موحدة. وفي عام 2020، طالبت وكالة الفضاء الأوروبية بزيادة في ميزانية برنامج تطوير "أريان 6" بـ230 مليون يورو، مضافة إلى 4 مليار يورو التي حُددت ميزانية أولى.
هذا وترى أوروبا، حسب ذات الموقع، في تطوير "أريان 6" أداة لتكريس سيادتها على برنامج الفضاء خاصتها، "دون الحاجة إلى الاعتماد على وكالة ناسا أو روسيا أو نزوات المليارديرات الأمريكيين"، حسب ذات الموقع. ويزيد هذا الأمر إلحاحاً في ضوء الأحداث الجيوسياسية الأخيرة، التي قطعت وصول أوروبا إلى صاروخ "سويوز" الروسي.
بدائل عند إيلون ماسك؟
يفرض تأخر "أريان 6" على وكالة الفضاء الأوروبية البحث عن بدائل، وهي المهمة التي أنيطت بالمفوضية الأوروبي التي عبرت عن اهتمامها بعدة صواريخ أخري، على رأسها "فالكون 9" الذي تصنعه شركة الفضاء الأمريكية الخاصة "سبيس إكس"، المملوكة للملياردير إيلون ماسك، وفق ما ذكر موقع "بوليتيكو".
في مسودة طلب تقدمت بها إلى الدول الأعضاء، اطّلع عليها موقع "بوليتيكو" الأمريكي، كشفت المفوضية الأوروبية أنها تخطط لطلب الضوء الأخضر للتفاوض بشأن "اتفاقية أمنية خاصة" مع شركات الصواريخ الأمريكية، ذلك "بشكل استثنائي" من أجل إطلاق الأقمار الصناعية غاليليو.
ويبلغ وزن كل واحد من هذه الأقمار الصناعية الأوروبية الحديثة نحو 700 كيلوجرام. وقال الموقع الأمريكي، إن المفوضية ترى أن صاروخ "فالكون 9" التابع لشركة "سبيس إكس" وصاروخ "فولكان" التابع لشركة "يونايتد لانش ألاينس"، قادران على إرسال الأقمار الملاحية "غاليليو" إلى مدارها.
وتبقى الصواريخ الأمريكية الخيار الأمثل لوكالة الفضاء الأوروبية (ESA)، وفق موقع "بوليتيكو"، بعد أن منعت الحرب في أوكرانيا والصراع الأوروبي-الروسي، استخدام الصاروخ "سويوز" المملوك لموسكو.
وليست هي المرة الأولى التي يعتمد فيها الاتحاد الأوروبي على صواريخ إيلون ماسك في برنامجه الفضائي. ففي شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ذكر المدير العام لوكالة الفضاء الأوروبية، اعتماد الوكالة على "فالكون 9" في إرسال المسبارين "هيرا" و"أقليديس"، قائلاً إنه "إجراء استثنائي بسبب تأخر أريان 6". وجرت برمجة رحلة إطلاق أولى في هذا العام والثانية في 2024.


















