رئيس "المناخ الدولية": تخفيف الآثار الكارثية للاحترار يستلزم إجراءات فورية

جدد رئيس الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ "IPCC" جيم سكيا أن الحد من ارتفاع حرارة الأرض يستلزم إجراءات فورية وتخفيضات سريعة ومستمرة في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في جميع القطاعات.

حذر سكيا من استمرار استخراج المزيد من احتياطيات النفط والغاز في الوقت الراهن / صورة: AA / AA

أكد العالم الإسكتلندي جيم سكيا، الذي انتخب الشهر الماضي لإدارة رئيس الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ "IPCC"، أن هدفه الحالي "تركيز جهود اللجنة على الإجراءات الفورية للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري خلال العقد الجاري، والتي ستكون حاسمة في الحد من آثاره الكارثية المحتملة".

وحث سكيا في مقابلة مع وكالة الأناضول الحكومات في أنحاء العالم على اتخاذ خطوة، قائلاً "إذا كان لدينا أي أمل في الحد من الاحترار إلى مستوى 1.5 درجة مئوية، فذلك يحتاج إلى إجراءات فورية".

وأشار إلى أن "النتائج الواردة في التقرير الأخير للهيئة أشارت إلى أن هذه العتبة يمكن تجاوزها أوائل عام 2030."

وفي السابق كانت هذه الدراسات تعتمد على متوسط الاحترار على المدى الطويل، إلا أن احتمالية تجاوز حرارة الأرض عتبة 1.5 درجة مئوية في السنوات المقبلة، حتى قبل ذلك الوقت (2030)، أصبحت مرتفعة.

وعندما تتحدث الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ عن مستوى الاحترار، فإنها في الواقع تعتمد متوسطات تزيد عن 20 عاماً. لذلك يمكن أن تكون مختلفة عن مستوى الاحترار الذي نراه في عام واحد.

حتى الآن، ارتفعت حرارة الكوكب بنحو 1.1 درجة مئوية منذ حقبة ما قبل الصناعة بسبب الأنشطة البشرية، بما في ذلك حرق الوق ود الأحفوري، واستخدام الطاقة غير المستدامة، وفقاً للتقرير التجميعي السادس والنهائي للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، والذي صدر في 20 فبراير/شباط الماضي.

ويقول التقرير إن الحفاظ على ارتفاع الحرارة إلى أقل من 1.5 درجة مئوية سيتطلب تخفيضات سريعة ومستمرة في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في جميع القطاعات، ما يؤدي إلى خفض قرابة نصف المستوى الحالي بحلول عام 2030.

قرارات حاسمة مستقبلا

رغم الضرورة الملحة للتصدي لتغير المناخ، الذي ظهر بشكل أكثر وضوحاً في أحدث الظواهر المناخية القاسية التي شوهدت في أنحاء العالم هذا الصيف، لا تزال البلدان تمضي قدماً في استثمارات الوقود الأحفوري الجديدة.

وكانت الحكومات مترددة في التخلي عن استثمارات الوقود الأحفوري، مستشهدة بمجموعة متنوعة من الأسباب، بما في ذلك أمن الطاقة، في حين أن عديداً من الدول النامية التي لديها احتياطيات كبيرة من النفط والغاز تريد الاستمرار في استغلال هذه الموارد للمساعدة في جهود التنمية.

وشدد سكيا: "في تقرير المناخ الأخير، قلنا إن الاحتياطيات ستكون غير قابلة للحرق إذا أردنا الحد من الاحترار إلى1.5 درجة أو حتى درجتين مئويتين. على سبيل المثال، سيحتاج 30% من احتياطيات النفط الحالية إلى البقاء في الأرض إذا كنا سنقصر الاحترار على درجتين مئويتين".

وتابع: "في حال الموافقة على مزيد من احتياطيات النفط والغاز، فإن هذا يعني أن الحكومات ستواجه خيارات حاسمة في المستقبل فيما يتعلق بترك بعض هذه الاحتياطيات بالأرض في إطار الجهود الرامية إلى تحقيق أهداف"، في إشارة إلى اتفاق المناخ لعام 2015 الذي ينص على حد 1.5 درجة مئوية.

وتتهيأ بريطانيا لمنح أكثر من 100 رخصة جديدة في قطاع النفط والغاز في بحر الشمال في إطار الجهود للاستفادة من الإمدادات المحلية ولجعل البلاد أكثر استقلالية في مجال الطاقة، حسبما أعلن رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك في 31 يوليو/تموز الماضي.

وقال سوناك إن الخطوة متوافقة مع الأهداف البيئية للحكومة، وإن نحو ربع الطلب على الطاقة في بريطانيا سيُلبى من النفط والغاز عندما تصل البلاد إلى صافي صفر انبعاثات في 2050.

ودون التمعن في إجراءات السياسات الحكومية الفردية، حذر سكيا من استمرار استخراج مزيد من احتياطيات النفط والغاز في الوقت الراهن، قائلا: "إذا أرادت دول العالم تحقيق أهداف اتفاقية باريس، فهذا يعني أنه يجب إبقاء مزيد من هذه الاحتياطيات داخل الأرض".

وشدد على أن "استخراج مزيد من الاحتياطيات من عدمه أصبح خياراً حاسماً لصانعي السياسة".

تأثيرات شديدة

وقال سكيا إنه بينما يستمر العمل لتخفيف آثار البشرية على المناخ، فإن الأحداث المتطرفة الأخيرة جعلت التكيف مع عواقب الاحترار أكثر بروزاً على جدول الأعمال العالمي.

وأضاف: "تنبأ العلماء بالفعل أننا سنرى هذه الأنواع من الأحداث التي نشهدها هذا الصيف في نصف الكرة الشمالي، وبشكل متزايد في نصف الكرة الجنوبي أيضًا".

وأوضح: "أعتقد أن ما كان غير متوقع بعض الشيء هو مدى سرعة حدوث هذه الظواهر.. ربما تكون هذه هي المفاجأة.. ليس من المستغرب أننا في مرحلة ما سنشهد هذا النوع من التداعيات، إلا أنها جاءت بسرعة أكبر، ربما، أكثر مما توقعنا جميعاً".

وفقاً للخبير، ستتجاوز بعض هذه التأثيرات قدرة العالم على التكيف مع ظهور ما يسمى "بالمخاطر المتبقية" في المستقبل.

وأكد الحاجة إلى "اتخاذ تدابير التكيف المطلوبة للحد من الآثار السلبية لتغير المناخ على المستوى الوطني".

واختتم سكيا حديثه قائلاً إن "الموارد والقدرات والتمويل لا تزال مسألة رئيسية في قضية مواجهة الاحتباس الحراري في العالم