مع تعيين الرياض سفيراً بالقدس.. تعرّفْ موقع مبنى قنصليتها المستخدم قبل 1967
تزامناً مع إعلان الرياض تعيين سفير لها بالأراضي الفلسطينية، كشفت صور أرشيفية المكان الاستراتيجي الذي اتخذته السعودية سابقاً مقراً لقنصليتها بالقدس الشرقية حتى عام 1967.
يقع المبنى الذي اتخذته السعودية بالسابق مقراً لقنصليتها بالقدس الشرقية حتى العام 1967، بمكان استراتيجي في وادي الجوز حيث يلاصق "بيت الشرق" المقر شبه الرسمي لمنظمة التحرير الفلسطينية الذي أغلقته إسرائيل عام 2001.
مبنى القنصلية السابق بات يستخدم حالياً مدرسةً عربيةً يدرس فيها 134 طالباً، يلاصق أيضاً مدرسة "دار الطفل العربي" وجامعة القدس.
وحسب مصادر محلية، فإن المبنى مملوك لإحدى العائلات المقدسية، دون أن تتوافر معلومات دقيقة عن تاريخه، وحتى ما قبل الكشف عنه تفاوتت تقديرات خبراء وباحثين وسياسيين مقدسيين حول مكانه الحقيقي.
وسرت تقديرات بوجود مبنى القنصلية بحي الشيخ جراح، وأن السلطات الإسرائيلية صادرته ويستخدم حالياً لأغراض غامضة.
لكن حسب صور أرشيفية، لا يتطابق ذلك مع المبنى، حيث يظهر على المبنى لافتة حديدية صغيرة مكتوب عليها باللغتين الإنجليزية والعربية "القنصلية السعودية"، تتطابق بالكامل مع مبنى المدرسة الملاصق لـ"بيت الشرق" ، ويظهر في الصور جنود سعوديون يحرسون المبنى وينتشرون عند بواباته.
والمبنى، المسقوف بالقرميد الأحمر، ضخم في بنيانه ومساحته، إذ يشمل ساحة واسعة مسورة فيها عديد من الأشجار، إذ يتكون من طابقين ويضم 13 غرفة.
وحسب نسخة لجريدة "الدفاع" الفلسطينية صدرت في 7 أبريل/نيسان 1941، فإن قرار فتح قنصلية سعودية في القدس لاقى ترحيباً محلياً، وكانت فلسطين تحت الانتداب البريطاني في الفترة بين 1920 و1948.
ونشرت الجريدة الخبر آنذاك بعنوان "الابتهاج بتعيين قنصلية للمملكة السعودية"، ورد فيه: "قابل الرأي العربي العام هنا تعيين قنصل للحكومة العربية السعودية في فلسطين بمنتهى الغبطة والسرور بالنظر إلى ما يكنه الناس من محبة وولاء لصاحب الجلالة الملك".
ويبدو أن القنصلية عملت في أكثر من موقع قبل أن تستقر في مقرها الأخير، ففي 30 أبريل/نيسان 1941 قالت "الدفاع" في النسخة التي اطلعت عليها الأناضول: "باشرت القنصلية السعودية العربية أعمالها في دارها الجديدة الواقعة في محلة باب الساهرة" وهو أحد أبواب البلدة القديمة بالقدس الشرقية.
وحسب عدد الجريدة الصادر في 3 نوفمبر/تشرين الثاني 1942، فإن القنصلية السعودية كانت تصدر تأشيرات على جوازات سفر الحجاج.
والأحد الماضي، نشر سفير الرياض لدى الأردن وفلسطين، نايف السديري، صورة تاريخية لافتتاح قنصلية المملكة السعودية في القدس الشرقية عام 1947.
وأرفق السديري الصورة بمنشور على منصة "إكس" قائلاً: "بتوجيه من المغفور له جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن عام 1947، رعى العم عبد العزيز بن أحمد السديري افتتاح القنصلية العامة السعودية في القدس، حي الشيخ جراح".
والسبت قدم السديري سفير السعودية لدى الأردن، نسخة من أوراق اعتماده سفيراً فوق العادة غير مقيم لدى دولة فلسطين، وقنصلاً عاماً بمدينة القدس، إلى مستشار الرئيس الفلسطيني للشؤون الدبلوماسية مجدي الخالدي في مقر السفارة الفلسطينية بالعاصمة الأردنية عمّان.
وبعد تسليم أوراق اعتماده، قال السديري للصحفيين: "التعيين يأتي لإعطاء العلاقات مع فلسطين الطابع الرسمي في جميع المجالات سواء السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، ونتطلع إلى مستقبل واعد لهذه العلاقات".
ولم يُعلن قرار فتح سفارة في الضفة الغربية أو قنصلية عامة في القدس أو موعد هذه الخطوة في حال اتخذ القرار.
وجاء منشور السفير السعودي بعد ساعات من تعهد وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين، بعدم السماح لأي دولة بفتح ممثلية دبلوماسية بالقدس الشرقية تكون معتمدة لدى السلطة الفلسطينية.
واعتبر كوهين في مقابلة مع إذاعة "103" التابعة لصحيفة "معاريف" العبرية، أن الخطوة التي أقدم عليها السعوديون "بمثابة رسالة للفلسطينيين بأنهم لم ينسوهم على خلفية التقدم في مفاوضات التطبيع" بين الرياض وتل أبيب، مضيفاً: "لا نسمح للدول بفتح قنصليات (بالقدس) هذا لا يناسبنا".
ولم تصدر السعودية تعقيباً رسمياً على تصريحات وزير الخارجية الإسرائيلي، لكنها اشترطت في أكثر من مناسبة حل القضية الفلسطينية أولاً، قبل أي عمليات تطبيع مع تل أبيب.
وقال الخبير الفلسطيني بشؤون القدس، خليل التفكجي: "قبل الاحتلال الإسرائيلي عام 1967 كان لعديد من الدول العربية قنصليات وهي السعودية ومصر ولبنان والعراق وسوريا في القدس".
وبقرارها الأخير تصبح السعودية أول دولة عربية تعين قنصلاً عاماً لها في القدس بصفتها عاصمة دولة فلسطين.
وفي القدس الشرقية حالياً قنصليات عامة معتمدة لدى السلطة الفلسطينية لدول تركيا وفرنسا واليونان والسويد والكرسي الرسولي وإيطاليا وإسبانيا وبلجيكا.
وكان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب أغلق القنصلية العامة لبلاده بالقدس المعتمدة لدى السلطة الفلسطينية وأدمجها بسفارة بلاده لدى إسرائيل التي نقلها من تل أبيب إلى القدس منتصف عام 2018.
وفي مدينة رام الله عديد من السفارات والممثليات الأجنبية والعربية بينها سفارات الأردن ومصر والمغرب وتونس.
وبدأت الإدارة الأردنية للضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، من 12 يونيو/حزيران 1950 حتى الاحتلال الإسرائيلي في يونيو/حزيران 1967.
وتسود تقديرات بأن السعودية أبقت على قنصليتها في المدينة حتى ما قبل الاحتلال الإسرائيلي للقدس الشرقية عام 1967.