توسُّع "بريكس".. ما الذي يضيفه انضمام 6 بلدان جديدة إلى المجموعة؟

يمثل هذا التوسع لحظة محورية في تطور مجموعة "بريكس"، وتحويلها من تحالف إقليمي إلى قوة عالمية أكثر تنوعاً وشمولاً. ولكن ما الذي تجلبه هذه الإضافات الجديدة بالضبط؟

By حسام خضر
توسع "بريكس".. ما الذي يضيفه انضمام 6 بلدان جديدة للمجموعة؟ / Others

في خطوة مهمة تؤكد النفوذ المتنامي للمجموعة وأهميتها العالمية في مواجهة النفوذ الأمريكي، قرر تحالف "بريكس"، (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا)، خلال قمته التي عُقدت هذا الأسبوع في جوهانسبرغ، توسيع عضويته عبر دعوة 6 دول جديدة للانضمام إلى المجموعة، هي: السعودية والإمارات ومصر والأرجنتين وإثيوبيا وإيران.

ويمثّل هذا التوسع، الذي يُعد الأول منذ عام 2010، لحظة محورية في تطور مجموعة "بريكس"، وتحويلها من تحالف إقليمي إلى قوة عالمية أكثر تنوعاً وشمولاً.

وأعلن رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا، الخميس، أن الدول ستنضم إلى تحالف "بريكس" جيوسياسي بداية العام المقبل كأعضاء كاملي العضوية، وهي الخطوة التي تعد "المرحلة الأولى من عملية التوسع" للمجموعة التي تسعى إلى بناء نظام موازٍ للنظام العالمي الحالي الذي تقوده الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

"حدث تاريخي"

مباشرةً بعد إعلان مجموعة "بريكس" المكونة من 5 دول توسيع عدد أعضائها، بعد أن دعت 6 دول للانضمام إلى الكتلة، يوم الخميس، خرج الرئيس الصيني شي جينبينغ، وقال إن "توسيع العضوية هذا أمر تاريخي". مضيفاً: "يظهر تصميم دول (بريكس) على الوحدة والتنمية".

كان هذا التوسع موضوعاً رئيسياً للمناقشة خلال القمة التي عُقدت في جنوب إفريقيا واستمرت طوال ثلاثة أيام، على الرغم من أن رامافوزا قال إن الفكرة جرى العمل عليها لأكثر من عام.

وبينما قال الرئيس الصيني إن توسع "بريكس" يعد نقطة انطلاق جديدة لتعاون الكتلة في تعزيز قضية السلام والتنمية العالميين، قال رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، إن بلاده كانت دائماً داعمة بشكل كامل لتوسع "بريكس". وأضاف أن الأعضاء الجدد سيعززون الكتلة ويمنحونها طاقة جديدة، وفق ما نقلته "الأناضول".

وقد سبق وأعربت أكثر من 20 دولة عن اهتمامها بالانضمام إلى كتلة الاقتصادات الناشئة التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا. ولكن كان لا بد من وجود إجماع بين أعضائها الخمسة الحاليين حتى تُقبل الدول المرشحة.

كانت المرة الأخيرة التي توسعت فيها مجموعة "بريكس" في عام 2010، عندما انضمت جنوب إفريقيا، مضيفة حرف "S" إلى الاختصار، بعد عام واحد من إنشاء الكتلة التي تمثل حالياً نحو 40% من سكان العالم وأكثر من ربع الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

هل يتوسع نفوذ التحالف على الساحة العالمية؟

حسب صحيفة "الغارديان" البريطانية، من غير الواضح بعد كيف سيعزز هذا التوسع من نفوذ المجموعة على الساحة العالمية. ونقلت عن محللين قولهم إن ذلك سيعتمد على مدى قدرتها على العمل في انسجام تام، وقد جعلت مجموعة الأعضاء الجدد المجموعة أكثر تبايناً، فهي مزيج من "الأنظمة الاستبدادية" القوية مع الديمقراطيات متوسطة الدخل والنامية.

فيما قالت مارغريت مايرز، مديرة برنامج آسيا وأمريكا اللاتينية في حوار البلدان الأمريكية: "ليس من الواضح تماماً ما الذي سيجنيه أعضاء (بريكس) الجدد من عضويتهم في الكتلة". "في الوقت الحالي، على الأقل، تعد هذه الخطوة أكثر رمزية من أي شيء آخر؛ فهي مؤشر على دعم واسع النطاق من الجنوب العالمي لإعادة ضبط النظام العالمي".

ويمثل التوسع خطوة مهمة في محاولة إعادة تشكيل النظام العالمي إلى عالم متعدد الأقطاب، مع وجود أصوات من الجنوب العالمي في مركز الأجندة الدولية.

ما الذي يضيفه هذا الانضمام لـ"بريكس"؟

على الرغم من عدم حضور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، القمة، شخصياً، إذ يواجه مذكرة اعتقال صادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا، فإن توسيع "بريكس" يمثل دفعة رمزية له، وهو يحارب العقوبات الاقتصادية والسياسية التي تقودها الولايات المتحدة منذ بدء الحرب الأوكرانية.

من جهته، قال ريان بيرغ، رئيس برنامج الأمريكتين في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية: "بالنسبة إلى الصين وروسيا، يعد هذا فوزاً. لقد ظلوا يضغطون من أجل ذلك منذ أكثر من خمس سنوات حتى الآن". وأضاف: "بالنسبة إلى الصين، فهو يسمح لهم بمواصلة بناء ما يأملون أن يكون نظاماً يتمحور حول بكين. وبالنسبة إلى روسيا، التي تستضيفها العام المقبل، فإنها ترى في ذلك فرصة هائلة في ظل العزلة الكبيرة التي تعيشها حالياً".

وأشار بيرغ إلى أن البرازيل والهند كانتا أقل حماساً للتوسع، على الرغم من أنهما ملتزمتان به خطابياً، لأنه يُضعف قوة عضويتك في منظمة تضم قوة عالمية مثل الصين.

ومن غير المرجح أن تكون هناك فائدة اقتصادية فورية من العضوية للأعضاء، الذين لديهم بالفعل علاقات ثنائية واسعة النطاق مع الصين، حسب مارغريت مايرز، التي قالت إنه على الرغم من أن هذه الخطوة رمزية إلى حدٍّ كبير، فإن ذلك لا يعني أنها غير مهمة.

وأضافت: "هذا أمر مهم، ولا ينبغي لمجموعة السبع وغيرها من الجهات الفاعلة في الشمال العالمي أن ترفضه". "مع انضمام هؤلاء الأعضاء الجدد -خصوصاً الدول الكبرى المنتجة للنفط- فإن تكوين (بريكس) يمثل حصة أكثر أهمية بكثير من الاقتصاد العالمي وسكان العالم".

ومن المرجح أن يؤدي إدراج المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، أكبر ثقلين سياسيين وماليين في الخليج واثنين من أكبر موردي الطاقة في العالم، إلى إعطاء الكتلة ثقلاً إضافياً في سعيها لتحدي النظام العالمي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة.

ما الذي يضيفه الانضمام للدول المدعوة؟

يمثل قرار قبول إيران، التي تبحث أيضاً عن وسيلة لتجنب العقوبات، فوزاً لبوتين وشي ومكافأة لطهران التي أقامت على مدى السنوات القليلة الماضية شراكة أمنية وعسكرية عميقة مع روسيا وعززت علاقاتها الاقتصادية مع الصين، وفق "نيويورك تايمز".

وحسب الصحيفة الأمريكية، فقد سعت إيران، التي تمتلك ثاني أكبر احتياطيات من الغاز في العالم وربع احتياطيات النفط في الشرق الأوسط، إلى الانضمام إلى مجموعة "بريكس" لتعزيز علاقاتها الاقتصادية والسياسية مع القوى غير الغربية.

وبالنسبة إلى الأرجنتين، التي تواجه مشكلات اقتصادية خطيرة، فإن العضوية تمثل شريان حياة محتملاً للهروب من الأزمة المتفاقمة. حيث قال رئيسها ألبرتو فرنانديز، إن هذا يمثل "سيناريو جديداً" للبلاد.

وترى المملكة العربية السعودية والإمارات الانضمام إلى الكتلة خطوة أخرى في جهودها لتحقيق التوازن في شراكاتها التقليدية مع الولايات المتحدة وأوروبا مع شركائها التجاريين في الشرق، الصين والهند. وأشار وزير الخارجية السعودي إلى أن بلاده لم تقرر بعد ما إذا كانت ستنضم إلى "بريكس". وقال إنه يقدّر الدعوة لكنه ينتظر المزيد من التفاصيل من المجموعة حول طبيعة العضوية.

وبالنسبة إلى مصر يمكنها التجارة بالعملة المحلية داخل مجموعة "بريكس". كما تأمل في جذب المزيد من الاستثمارات من الدول الأعضاء.

وأصبحت إثيوبيا الدولة الوحيدة ذات الدخل المنخفض في المجموعة. ووصفها رئيس وزرائها آبي أحمد بأنها "لحظة عظيمة" لبلاده.