سياسة
7 دقيقة قراءة
شمال قبرص التركية.. طريق بيله-يغيتلر يظهر ازدواجية المعايير الغربية
أظهرت أحداث طريق " بيله-يغيتلر" ازدواجية الغرب والأمم المتحدة في التعامل مع حقوق القبارصة الأتراك واليونانيين، ففي حين تتجاهل الأمم المتحدة انتهاكات القبارصة اليونانيين للوضع القانوني القائم، تقف ضد أبسط حقوق القبارصة الأتراك.
شمال قبرص التركية.. طريق بيله-يغيتلر يظهر ازدواجية المعايير الغربية
وزارة خارجية جمهورية شمال قبرص التركية تحمّل قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام مسؤولية التوتر / صورة: AA / AA
28 أغسطس 2023

استأنفت جمهورية شمال قبرص التركية، صباح يوم الخميس 18 أغسطس/آب، أعمال توسيع ومد طريق بيله-يغيتلر، أكدت قبرص التركية الطابع الإنساني للمشروع الذي يهدف إلى تسهيل التواصل مع مواطنيها في البلدة التي تقع ضمن المنطقة العازلة.

وعلى الرغم من الطابع الإنساني للمشروع فإن القوات الأممية المتمركزة في المنطقة بدأت بمجموعة من الإجراءات التي تهدف لعرقلة عملية التطوير والبناء، ما أدى إلى تدخل قوات الأمن القبرصية لإزالة العوائق التي وضعتها القوات الأممية.

حمّلت وزارة خارجية جمهورية شمال قبرص التركية قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام مسؤولية التوتر، وأكدت أن الطريق يهدف لتسهيل وصول القبارصة الأتراك الموجودين في قرية بيله إلى جمهورية شمال قبرص، بينما اتهم رئيس جمهورية شمال قبرص التركية أرسين تتار، الجانب القبرصي اليوناني بالسعي لجعل "بيله" قرية يونانية بالكامل، مؤكداً أن بلاده لن تسمح بذلك.

وقد أظهرت أزمة طريق بيله-يغيتلر ازدواجية معايير الأمم المتحدة في التعامل مع القضايا التي تخص الجانب التركي والجانب القبرصي اليوناني من الجزيرة. ففي حين اتخذت قوات حفظ السلام الأممية موقفاً حازماً مع الجانب التركي وصل إلى إصدار مجلس الأمن بياناً يعلق فيه على الحادثة، يسود الصمت على الانتهاكات اليونانية المتكررة بحق الوضع القانوني القائم في الجزيرة وحقوق القبارصة الأتراك.

قبرص قضية وطنية

حافظت تركيا على موقفها التقليدي الداعم لجمهورية شمال قبرص التركية، مؤكدة حقوق القبارصة الأتراك.

وظهر الموقف التركي من المستويات المختلفة بدءاً من الرئيس أردوغان الذي رفض أن يتدخل "جنود قوات حفظ السلام الأممية على أراضٍ خاضعة لسيادة جمهورية شمال قبرص التركية".

وأضاف أن "تدخل بعثة السلام الأممية ضد القرويين في شمال قبرص التركية ثم الإدلاء بتصريحات مؤسفة أخلّ بحيادها وألحق الضرر بسمعتها".

على حين أكد وزير الدفاع التركي يشار غولر أن تركيا ترى قبرص كـ"قضية وطنية". مضيفاً أنه "رغم أن قوة الأمم المتحدة لحفظ السلام في الجزيرة أُنشئت بهدف إيجاد حلول للخلافات من خلال التعامل مع الجانبين على قدم المساواة، فإنها لا تعمل بهذه الطريقة".

واعتبرت الخارجية التركية موقف مجلس الأمن الذي أدان الهجوم على عناصر القوات الأممية بـ"المنفصل تماماً عن الحقائق على الأرض". وأكدت أن العبارات الواردة في بيان مجلس الأمن "تحرّف الحقائق وتعكس ما جرى بشكل مضلل".

وتأكيداً لمدى التزام تركيا تجاه قبرص التركية، زار رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة التركية، متين غوراك، الأحد رئيس جمهورية شمال قبرص التركية، أرسين تتار، في العاصمة لفكوشا، إذ أكد غوراك أن قبرص "قضية وطنية" لتركيا.

25 عاماً من السعي

تقع قرية بليه داخل الخط الأخضر الذي يفصل بين جمهورية شمال قبرص التركية، وقبرص اليونانية، ويسكن القرية خليط من السكان الأتراك واليونانيين، بينما تشرف الأمم المتحدة على الوضع الأمني في القرية، على حين يُخضع مواطنو عريقة إلى الدولة قسماً معيناً من الجزيرة.

لا تُعدّ قضية طريق "بيله-يغيتلر" وليدة اليوم، بل ترجع إلى سنوات سابقة، فعلى مدار 25 سنة الماضية حاول القبارصة الأتراك الحصول على الموافقة لإنشاء الطريق من خلال الطرق الدبلوماسية وعبر التفاوض مع الأمم المتحدة.

ويشير رئيس جمهورية قبرص التركية أرسين تتار إلى أن المواطنين الأتراك في القرية أصبح لديهم اعتقاد بأننا قد "نسيناهم هناك"، مضيفاً أنهم حاولوا دفعنا لترك الموضوع عبر "إلهائنا".

ويؤكد وزير الخارجية تحسين أرطغرل أوغلو إلى أن جمهورية قبرص التركية "عادت وتواصلت مع مبعوث الأمم المتحدة كولن ستيوارت في بداية العام، وأبلغته بعزمها توسيع وتطوير الطريق الترابي القائم، على أن تبدأ الأعمال في شهر يونيو/حزيران الماضي. طلب ستيورات التأجيل من أجل التشاور."

ويضيف أرطغرل أوغلو "أن القبارصة الأتراك انتظروا حتى منتصف أغسطس/آب عندما اتهمت قبرص اليونانية الأتراك بمحاولة مد طريق مع قاعدة عسكرية، عندها عاد ستيوارت وتقدم بمقترح جديد بموجبه تحصل قبرص التركية على موافقة قبرص اليونانية والأمم المتحدة للبدء بالمشروع، رفض القبارصة الأتراك وأكدوا حقهم في مواصلة المشروع".

الأهمية الإنسانية للمشروع

ويبلغ الطول الإجمالي للطريق ما يقرب 11.6 كيلومتر، 7.5 كيلومتر منه في يغيتلر، و4.1 في قرية بيله نفسها.

ويهدف المشروع إلى ربط أتراك القرية مع جمهورية شمال قبرص التركية، وذلك للمساهمة في تغطية احتياجاتهم الإنسانية التي يعتمدون في تلبيتها على قبرص التركية كالتعليم والصحة والنقل وغيره.

ووفقاً للدبلوماسي والأكاديمي القبرصي التركي حسين إيشكسال فإن "الوقت الذي تستغرقه الرحلة من القرية إلى عاصمة جمهورية شمال قبرص ما يقرب ساعة، يضطر خلالها السكان الأتراك إلى المرور عبر أراضي القاعدة البريطانية المجاورة للخط الأخضر".

ويضيف إيشكسال أن "الطريق الجديد يقلص وقت المسافة الواجب قطعها إلى 10-15 دقيقة، ما يجعل حياة المواطنين الأتراك أسهل، وقدرتهم على التواصل مع أشقائهم في الشطر التركي من الجزيرة أسهل وأيسر".

الجدير بالذكر أن هذه القيود والتعقيدات لا يعيشها مواطنو قبرص اليونانية في الجزيرة الذين يتنقلون بحرية ومن دون أي عوائق بين القرية والشطر اليوناني من الجزيرة.

حلال على الجنوب حرام على الشمال

تُظهر قضية طريق "بيله-يغيتلر" ازدواجية المعايير الغربية في التعامل مع القضايا التي تخص حقوق واحتياجات سكان القبارصة الأتراك واليونانيين.

ففي حين يضطر القبارصة الأتراك إلى السفر لمسافات أطول والمرور من خلال أراضي القاعدة البريطانية في قبرص والمرور بعدد من الإجراءات والتعقيدات، يسافر القبارصة اليونانيون بحرية من القرية إلى الشق اليوناني من دون أي عائق أو إشكالية.

كما تكررت حوادث مشابهة لطريق "بيله-يغيتلر" لكن الجانب اليوناني قام بها، ولم تُبدِ الأمم المتحدة أي اعتراض، ففي العام 1996 قام القبارصة اليونانيون بمد طريق لارنكا-ديكيليا-أيا نابا الذي يمرّ جزء منه من المنطقة العازلة، وأراضي القبارصة الأتراك، وعلى الرغم من اعتراضات الأتراك فإن الطريق مدّ.

وتكررت هذه الحادثة في عام 2004، عندما مد القبارصة اليونانيون طريق بيله-أوروكليني الذي امتد جزء منه على أراضي المنطقة العازلة، ورغم اعتراضات واحتجاجات الأتراك فإن الأمم المتحدة لم تحرك ساكناً ومد الطريق.

ولم تقتصر انتهاكات القبارصة اليونانيين للمنطقة العازلة على شق الطرق، وامتدت إلى توسيع حرم جامعة بيله من دون إذن الأمم المتحدة عام 2012، وافتتاح السينما المفتوحة عام 2020، من دون موافقة الأمم المتحدة وفي ظل احتجاجات الجانب التركي.

ويشير الأكاديمي والدبلوماسي القبرصي التركي إيشكسال إلى أن هناك "عملية فرض الهوية اليونانية على القرية والمنطقة، ودفع المواطنين القبارصة الأتراك إلى الهجرة منها، وكل ذلك يجري في ظل صمت الأمم المتحدة".

كما تظهر ازدواجية المعايير في تعامل قوات حفظ السلام في جزيرة قبرص، التي ترفض توقيع اتفاقية وضع القوات مع جمهورية شمال قبرص التركية على غرار الوضع القائم مع جمهورية قبرص اليونانية.

مصدر:TRT عربي - وكالات
اكتشف
شهداء وإصابات في قصف إسرائيلي يستهدف مناطق عدة في غزة
رغم اتفاق وقف إطلاق النار.. شهداء وجرحى في غارات مكثفة على غزة والاحتلال يجدّد عمليات نسف المباني
اعتقالات واقتحامات وإصابة رضيع بالاختناق في الضفة.. والأمم المتحدة تحذر من تصاعد اعتداءات المستوطنين
كندا ترفع سوريا من قائمة الإرهاب.. ودمشق ترحّب بمرحلة جديدة من العلاقات
الاتحاد الدولي لكرة القدم يمنح ترمب جائزة "فيفا للسلام" في نسختها الأولى
"تحت راية الطوفان".. ملامح من عالَم رجل الأنفاق محمد حمد زكي
محاكمة "لافارج".. شهادات تكشف اتصالات مع الاستخبارات الفرنسية وتمويلاً لجماعات إرهابية في سوريا
إصابات برصاص جيش الاحتلال في رام الله والإعلان عن انتهاء العملية العسكرية شمالي الضفة
البرلمان الألماني يوافق على قانون جديد للخدمة العسكرية وسط دعوات لتعزيز القدرات الدفاعية
"داخلية غزة" تدعو المتعاونين مع جيش الاحتلال لتسليم أنفسهم عقب مقتل أبو شباب
إصابات بقصف إسرائيلي شمالي قطاع غزة ودعوة أممية لوضع حدّ للانتهاكات
إيران تختبر صواريخ كروز وباليستية في مناورات بحرية بالخليج
"تعود إلى الفترة البيزنطية".. فلسطين تتهم جيش الاحتلال بسرقة أعمدة أثرية من رام الله
عون: مفاوضات وقف إطلاق النار مع إسرائيل تهدف لوقف اعتداءاتها واستعادة الأسرى
أنقرة ترحب بـ"اتفاقيات واشنطن للسلام" بين الكونغو الديمقراطية ورواندا