تضطلع تركيا بدور متزايد في مكافحة التغير المناخي، إذ اتخذت مجموعة من الإجراءات والسياسات للتصدي لتحديات هذه الظاهرة التي باتت تؤرق العالم.

وتعمل تركيا وفق إستراتيجية وطنية لمكافحة التغير المناخي، تتضمّن جملة من الأهداف والتدابير للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة وتعزيز الاستدامة البيئية.

وكشف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال كلمته عقب ترؤس الاجتماع الحكومي في 22 أغسطس/آب الجاري، اعتزامه أداء واجبه تجاه مواطنيه والإنسانية جمعاء، عبر التركيز على قضايا مكافحة تغير المناخ خلال مشاركته في قمة العشرين واجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، الشهر المقبل.

وتستهدف تركيا الوصول إلى صفر انبعاثات في عام 2053 ضمن ثورتها التنموية الخضراء، وتتعامل مع تغير المناخ والمشاكل البيئية باعتبارها قضايا مشتركة للبشرية، التي تتطلّب التضامن العالمي لمواجهتها.

قمة التغيّر المناخي

وفي خطوة تؤكد حرص تركيا على مواصلة العمل من أجل احتواء آثار التغير المناخي، استضافت مدينة إسطنبول في منتصف يونيو/حزيران الماضي، "قمة التغير المناخي 2023: التحول الأخضر".

وشهدت هذه القمة الدولية مشاركة مسؤولين من تركيا والأمم المتحدة إضافة إلى أكثر من 200 شخصية رفيعة المستوى من عالم الأعمال، وذلك ضمن فعاليات الإستراتيجية التركية طويلة المدى لمواجهة تغير المناخ، بالتعاون بين وزارة البيئة والتطور العمراني والتغير المناخي التركية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

وكشف نائب وزير البيئة والتطور العمراني والتغير المناخي التركي، محمد أمين بير بنار، في كلمته خلال القمّة عن تحضيرات بلاده بشأن سن قانون حول المناخ في البرلمان، خلال المرحلة المقبلة.

وطالب المسؤول التركي المجتمع الدولي بضرورة توجيه الاستثمارات العالمية وبخاصة في مجال الصناعة، بما يتناسب مع تطورات التغير المناخي والتحول الأخضر.

جهود تركية متواصلة

وتعزّزت الجهود التركية لمكافحة تغير المناخ خلال العام الحالي، من خلال تنفيذ مشاريع استراتيجية شاملة في مختلف القطاعات.

ويُظهر افتتاح مصنع السيارات الكهربائية تصميم الحكومة التركية على تقليل انبعاثات الكربون، كما تهدف تركيا أيضاً إلى تحقيق شوارع خالية من الضوضاء ومطارات بدون انبعاثات كربونية وطرق سريعة تحافظ على التوازن البيئي.

وفي هذا السياق اعتمدت تركيا 18 مطاراً باعتبارها مطارات خالية من الكربون، بينما تُجرى دراسات على 32 مطاراً في الإطار ذاته، كما جرى إعداد خرائط الضوضاء لأكثر من 1600 كيلومتر من الطرق السريعة في عموم البلاد.

وتأتي هذه الجهود في إطار انضمام تركيا إلى اتفاقية باريس للمناخ، وانسجاماً مع مبادرة "الصفقة الخضراء" للاتحاد الأوروبي، إذ تعمل الوزارات المعنية على تنفيذ مشاريع تحسين التنوع البيولوجي من خلال بناء جسور بيئية لحماية الحيوانات، ومشاريع طاقة شمسية وطاقة رياح لتغذية شبكات السكك الحديدية، وتقديم شهادات خضراء للصناعات، وتحسين مراقبة الطاقة.

وتسعى تركيا لتحقيق استدامة بيئية وتقليل تأثيرات التغير المناخي على المدى البعيد، من خلال تقديم فرص تمويل أخضر للمشاريع التي تعزز التحول الأخضر، بالتزامن مع استمرار جهود توفير البنية التحتية اللازمة للسيارات الكهربائية من خلال تركيب محطات شحن وتشجيع استخدام النقل النظيف.

كما أبرمت تركيا عديداً من اتفاقيات التعاون الثنائي في مجالات مثل الطاقة المتجددة وتقنيات الكربون.

وكان الرئيس التركي قد أكّد في رسالة مصورة أرسلها إلى مؤتمر المناخ الدولي الخاص الذي استضافته الأمم المتحدة وباكستان في جنيف خلال يونيو/حزيران 2022، على أنّ تركيا تفي بدورها في مكافحة التغير المناخي العالمي.

وجدد أردوغان تحذيره من التأثيرات المدمرة لأزمة المناخ والتي تتطلب المزيد من الجهود الجماعية، لإيجاد الحلول اللازمة للمشاكل المشتركة التي تواجه البشرية.

وحول ذلك يؤكد رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية فخر الدين ألطون على أنّ تركيا حققت نجاحات كبيرة على مر السنين في زيادة حصة الطاقة المتجددة ضمن تنوّع مصادر الطاقة لديها، وقطعت خطوات كبيرة في تقليل انبعاثات الكربون.

ونوّه ألطون إلى أنّ "الإدارة التركية ومنذ زمن طويل تعي حقيقة أزمة المناخ وضرورة اتخاذ إجراءات العاجلة، وينبع هذا الوعي من صميم تقاليدنا وثقافتنا التي علمتنا دائماً أنّه من غير العدل إهدار الموارد وترك العالم للأجيال المقبلة أسوأ مما ورثناه".

تأثيرات عالمية خطيرة

ويعدّ التغير المناخي أحد أكبر التحديّات الخطيرة التي تؤثر على جميع جوانب الحياة والبيئة والاقتصاد في كوكبنا.

ويعكف العالم بأسره على التصدي لهذا التحدّي العالمي من خلال تبني استراتيجيات مكافحة التغير المناخي وتفعيل التعاون الدولي القوي لتحقيق الاستدامة والحدّ من التأثيرات السلبية على البيئة والمجتمعات.

وفي مؤشّر على حجم تلك التداعيات، حذّرت شركة ديلويت المتخصصة في الخدمات المهنية، دول العالم من التقاعس عن التصدّي للتغير المناخي والذي قد تصل خسائره الاقتصادية على مستوى العالم إلى نحو 178 تريليون دولار بحلول عام 2070.

وفي الإطار ذاته، رجّحت دراسة نشرتها مجلة "ساينس" في مايو/أيار الماضي، أنّ ظاهرة "إل نينيو" والاحتباس الحراري، وهي إحدى نتاجات التغيّر المناخي، قد تكلّف العالم خسائر قيمتها 84 تريليون دولار خلال القرن الحالي.