قطع الإنترنت والاتصالات يفاقم معاناة السودانيين في ظل الحرب

تحدث عدد من المواطنين السودانيين استطلعتهم TRT عربي بعد العودة التدريجية لإحدى شبكات الاتصال مؤخراً بمدينة بورتسودان عن معاناتهم مع انقطاع الإنترنت والاتصالات، وقالوا: إن قطع الشبكة عطّل حياتهم تماماً وأعادهم عقوداً إلى الوراء.

By فريق العمل
#KUH85 : Fighting in Khartoum amid rivalry between generals / صورة: AFP

مع اقتراب الحرب في السودان من دخول شهرها الحادي عشر، أصبحت معاناة السودانيين تأخذ أشكالاً جديدة، إذ تفاقمت في 6 فبراير/شباط الجاري بقطع خدمات الإنترنت والاتصالات في جميع أنحاء السودان لأول مرة منذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في 15 أبريل/نيسان 2023.

خسائر يومية

وكشف الخبير الاقتصادي د. هيثم فتحي، عن أن قطع الإنترنت يضر بالقطاعين العام والخاص، إذ يجعل من المستحيل تقديم أي خدمات أو القيام بأي اتصالات إلكترونية.

ويوضح فتحي في حديثه مع TRT عربي، أن قطع الإنترنت يتسبب في اضطرابات اجتماعية مختلفة وخسائر اقتصادية في السودان تقدر بنحو 5.7 مليون دولار يومياً.

ويُشير إلى أن قطاع الصرافة والبنوك هو الأكثر تضرراً من انقطاع الإنترنت، إذ تُقدر خسائر البنوك بمئات المليارات (بحساب الجنيه السوداني)، نظراً إلى أن عمليات التحويلات المالية ومختلف التعاملات البنكية تعتمد على خدمة الإنترنت.

ويضيف فتحي أنه منذ بداية الحرب في البلاد انخفضت عائدات شركات الاتصالات لارتفاع تكاليف التشغيل وتدمير كثير من البنى التحتية للاتصالات، كما تعرّضت بعض الشركات للابتزاز المالي ونهب الأصول والأموال والمكاتب والمقار، وأثر كل ذلك في استمرارية استثمار هذه الشركات وبقائها في السودان.

ويُستخدم الإنترنت في السودان بديلاً للقنوات المادية لتوزيع الصادرات والواردات السودانية والأعمال المصرفية، كما أحدث استخدام الإنترنت زيادة کبيرة في التدفقات الدولية للسلع والخدمات، وأدى القطع إلى اختفاء تواصل السودان مع كل دول العالم، الأمر الذي يُسبب حالة من الضيق لدى المواطن والمؤسسات.

اتهام الدعم السريع

حمّل الرئيس التنفيذي لشركة زين-السودان للاتصالات، الفاتح عروة، قوات الدعم السريع مسؤولية قطع الاتصالات، وقال في مقطع مصور فيديو نُشر بمواقع التواصل، إن قوات الدعم السريع قطعت خدمات الشركة من خلال إيقاف مولدات الكهرباء عن مركز بياناتها الرئيسي بمنطقة جبرة في العاصمة الخرطوم، ما أدى إلى قطع الاتصالات كلياً في السودان.

وأوضح أن السبب الرئيس لفصل قوات الدعم السريع للشبكة من كل السودان هو اعتقادهم أن انقطاع الاتصالات عن ولايات دارفور التي يسيطرون على معظمها ناتج عن أوامر حكومية، و"هو ما لم يحدث".

وقال عروة إن الخدمة انقطعت هناك بسبب الحرب وعدم القدرة على توصيل الوقود ومعدات الصيانة وتأمين فرق العمل.

وفي السياق ذاته، اتهم جهاز تنظيم الاتصالات والبريد في السودان قوات الدعم السريع بإيقاف وتعطيل شبكات الاتصالات، وقال: إن "الدعم السريع أجبر الفنيين بشركة زين لإيقاف الخدمة عن ولاية نهر النيل وبورتسودان، مهددة بإيقافها بشكل كلي، في خرق واضح لاتفاق جدة الذي نصّ على خروجهم من الأعيان المدنية والمراكز الخدمية".

وأضاف البيان، أنّ "مليشيا الدعم السريع المتمردة مُواصلة لنهجها الإجرامي في التخريب، وإمعاناً في زيادة معاناة المواطن السوداني، أوقفت العمل في مركزي بيانات شركتي سوداني و(MTN)، مطالبة بإعادة الاتصالات إلى بعض المدن التي احتلتها في ولايات دارفور التي توقفت الاتصالات فيها نتيجة لإحراق عديدٍ من الأبراج وتخريب الفايبر وانقطاع التيار الكهربائي وانعدام الوقود".

استخدام الاتصال ضمن أدوات الحرب

وعقب تزايد التأثيرات والمهددات المباشرة على الأمن الصحي والغذائي للموجودين داخل السودان، الذين ترتبط حياتهم ومعيشتهم على التطبيقات البنكية المتصلة بشبكات الإنترنت، حذرت قوى الحرية والتغيير في السودان طرفي القتال من استخدام خدمات الاتصال والإنترنت ضمن الصراع الدائر بينهما.

وقالت في تصريح صحفي إن قطع خدمات الإنترنت داخل السودان وتحويل هذه الخدمة الحيوية كإحدى أدوات الحرب بين الطرفين وهو أمر ترتبت عليه أضرار مباشرة على حياة المواطنين.

وفي وقت تنفي فيه قوات الدعم السريع قطعها للاتصالات وتتهم الحكومة السودانية بقطع الشبكة، جددت وزارة الخارجية السودانية الاتهام لقوات الدعم السريع بالوقوف وراء قطع الاتصالات الهاتفية وشبكة الإنترنت، ودعت في بيان "المجتمع الدولي لإدانة هذه الجريمة والضغط على المليشيا (الدعم السريع) لوقف هذا العدوان الذي له تكلفة إنسانية باهظة".

ودخلت الأمم المتحدة على خط الأزمة، إذ دعا وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ مارتن جريفيث إلى استعادة شبكة الاتصالات في جميع أنحاء السودان "فوراً".

وذكر عبر حسابه على منصة إكس يوم الأحد الموافق 11 فبراير/شباط الجاري، أن "انقطاع الاتصالات في السودان يمنع الناس من الوصول إلى الخدمات الأساسية وتحويل الأموال، كما يعيق الاستجابة الإنسانية.. وهذا غير مقبول".

تعطيل الحياة

وتحدث عدد من المواطنين السودانيين استطلعتهم TRT عربي بعد العودة التدريجية لإحدى شبكات الاتصال مؤخراً بمدينة بورتسودان عن معاناتهم مع انقطاع الإنترنت والاتصالات، وقالوا: إن قطع الشبكة عطّل حياتهم تماماً وأعادهم عقوداً إلى الوراء، وأثر سلباً في الأوضاع المعيشية القاسية أصلاً منذ اندلاع الحرب، وخاصة أن كثيراً من العائلات تعتمد على مساعدة أبنائها المغتربين عبر التحويلات البنكية التي توقّفت مع الشبكة.

وعاش المغتربون السودانيون فصولاً من الخوف والقلق بشأن أحوال أسرهم التي أصبحوا لا يعلمون عنها شيئاً، في ظل أجواء الحرب، وشهدت مجموعاتهم في منصات التواصل الاجتماعي كثيراً من الأسئلة المشفقة عن مصير الناس والأحداث بالمناطق التي تشهد اشتباكات، من دون أن يجدوا إجابات عن أسئلتهم الحائرة.

وقالت إحدى السودانيات اللائي لجأن إلى القاهرة بعد الحرب، إنها لم تستطع حتى الآن إبلاغ أشقائها في السودان بخبر وفاة والدتها الذي حدث في مصر قبل أيام.

بينما قال صلاح حسن وهو مواطن سوداني من الذين تحدثوا لـTRT عربي، إن قطع الاتصالات أعادهم 70 عاماً للوراء، وأصبحوا يتنقلون بوسائل النقل المتاحة لأيام عدّة أحياناً لإيصال خبر وفاة مثلاً.

SOURCE: TRT عربي