الأمم المتحدة تؤكد استمرار حصار المدنيين في الفاشر.. ودعوات للتحرك ضد جرائم الدعم السريع
أكدت الأمم المتحدة الاثنين، أنّ عدداً كبيراً من المدنيين لا يزالون محاصَرين في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور غربي السودان، فيما دعا سفير السودان بأنقرة إلى تحرك دولي حيال جرائم قوات الدعم السريع.
وقال نائب المتحدث باسم الأمين العامّ للأمم المتحدة فرحان حقّ خلال مؤتمر صحفي في نيويورك: "يجب إتاحة وصول فوري غير مقيَّد إلى المحاصَرين في الفاشر"، مشيراً إلى أنّ "المدنيين غير قادرين على مغادرتها، فيما قُتل مئات منهم، بمن فيهم عاملون في المجال الإنساني".
وتابع: "لا يزال عدد كبير من الأشخاص محاصَرين داخل المدينة، مع انقطاع أو انعدام التواصل مع العالم الخارجي"، مضيفاً أنّ "الوقف الفوري للأعمال العدائية أمر بالغ الأهمية لضمان حماية المدنيين".
دعوة إلى تحرك دولي
من جانبه دعا السفير السوداني لدى أنقرة نادر يوسف الطيّب الاثنين، إلى تحرك دولي حيال جرائم قوات الدعم السريع بمدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور غربي البلاد.
وذكر الطيّب خلال مؤتمر صحفي عقده في العاصمة التركية أنقرة، أن أحداث الفاشر "جريمة غير مسبوقة في التاريخ المعاصر بعد عامين من الحصار"، مشدّداً على أن قوات الدعم السريع منعت الغذاء والدواء عن سكان المدينة.
وتابع: "نائب قائد قوات الدعم السريع عبد الرحيم دقلو أعطى جنوده تعليمات بأنه لا يريد أسرى في الفاشر، وبالفعل نفّذوا تعليماته، ففي المستشفى السعودي قتلوا كل المرضى والمرافقين والكوادر الطبية، حتى بلغ عدد القتلى نحو 460 شخصاً".
وأشار السفير السوداني إلى تقارير قال إنها "غير مؤكدة" تُفيد بوصول عدد القتلى إلى 20 ألف شخص، واتهم الإمارات بالوقوف وراء "الدعم السريع" بتوفير كل أنواع الأسلحة الحديثة والمتطورة، إضافة إلى خبراء عسكريين من كولومبيا وجنوب السودان ومرتزقة من تشاد والنيجر وجنوب السودان وإثيوبيا ودول أخرى"، الأمر الذي تنفيه الإمارات.
واستغرب السفير السوداني "إنكار الإمارات" تلك الاتهامات، واتهم أبو ظبي أيضاً بتوفير "دعم سياسي وإعلامي للدعم السريع"، التي وصفها بأنّها "مليشيات إرهابية". ولم يصدر تعقيب فوري من الإمارات على هذه الاتهامات.
وأعرب الطيّب عن شكره كل من عبّر عن تضامنه حول العالم بعد أحداث الفاشر الأخيرة، وقال: "المجتمع الدولي لم يحرّك ساكناً حيال الفاشر، في تَحدٍّ سافر للقوانين الدولية ذات الصلة". واعتبر ذلك "خيبة أمل"، متسائلاً: "هل الدم السوداني رخيص إلى هذا الحد؟!".
107 مجازر
وأشار إلى "رصد 107 مجاز لقوات الدعم السريع" خلال عامين ونصف من الحرب، قال إنها "راح ضحيتها عشرات آلاف الأبرياء"، داعياً المجتمع الدولي إلى "الضغط الجدي" على الإمارات لوقف مساندتها "الدعم السريع".
وقدّم السفير السوداني شكره لتركيا لمواقفها الداعمة للسودان، موضحاً أنّ تركيا ساعدت كثيراً خلال أزمة الدواء والغذاء التي يعيشها السودان، وتابع: "لقد رأينا الآن بوضوح مَن الصديق الحقيقي ومَن العدو".
واستولت قوات الدعم السريع في 26 أكتوبر/تشرين الأول الماضي على مدينة الفاشر، وارتكبت مجازر بحق مدنيين وفقاً لمنظمات محلية ودولية، وسط تحذيرات من تكريس تقسيم جغرافي للبلاد.
وفي 29 أكتوبر/تشرين الأول أقر قائد "الدعم السريع" محمد حمدان دقلو "حميدتي" بحدوث تجاوزات في الفاشر، مدعياً فتح تحقيق في هذا الشأن.
وفي وقت سابق الاثنين أعلن مكتب المدعي العامّ للمحكمة الجنائية الدولية في بيان، اتخاذه خطوات فورية لجمع أدلة ذات صلة بالأنباء عن "جرائم" الفاشر، لاستخدامها بملاحقات قضائية.
وتسيطر قوات الدعم السريع حالياً على جميع ولايات إقليم دارفور الخمس غرباً، إضافة إلى الأجزاء الشمالية من ولاية شمال دارفور، التي لا تزال تحت سيطرة الجيش، وتشمل محافظات كرنوي وأمبرو والطينة شمال الولاية.
كما توجد مناطق تحت سيطرة قوات حركة "تحرير السودان" بقيادة عبد الواحد محمد نور، بما فيها منطقة طويلة التي تضمّ أكبر عدد من نازحي الفاشر.
ويسيطر الجيش على أغلب مناطق الولايات الثلاث عشرة المتبقية من أصل 18 ولاية في الجنوب والشمال والشرق والوسط، بما فيها العاصمة الخرطوم.
ويشهد السودان منذ أبريل/نيسان 2023 حرباً دامية بين الجيش وقوات الدعم السريع أدّت إلى مقتل عشرات الآلاف وتشريد نحو 13 مليون شخص.