البرهان: مستعدون للعمل مع واشنطن وأي سلام يستلزم تفكيك مليشيا الدعم السريع
أبدى رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، اليوم الأربعاء، استعداده للعمل مع الولايات المتحدة والسعودية لإحلال سلام دائم في بلاده "يستلزم تفكيك مليشيا الدعم السريع".
ووصف البرهان، بمقال نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترمب عقب لقائه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في واشنطن بـ"الإيجابية والمشجعة".
وفي 19 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، قال ترمب إنه "سيبدأ العمل" على حل الأزمة في السودان، بعد طلب من ولي العهد السعودي.
وقبلها بـ6 أيام، قال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو إن "قوات الدعم السريع لا تفي بالتزاماتها، ويجب حظر تزويدها بالسلاح، ونمارس ضغوطاً على الدول الداعمة لها لوقف تسليحها".
وأضاف البرهان: "نرحب بالجهود المخلصة للولايات المتحدة والسعودية لتحقيق سلام عادل ومنصف في السودان، ونقدر اهتمامهما والتزامهما المستمر إنهاء إراقة الدماء"، وأعرب عن "الاستعداد للعمل الجاد معهما لإحلال السلام الذي طالما تاق إليه الشعب السوداني".
واستدرك البرهان وهو أيضاً قائد الجيش: "غير أن أي حل يضمن سلاماً دائماً يستلزم تفكيك مليشيا الدعم السريع ومرتزقتها"، وشدّد على أنه "لا مكان لهم ولا لحلفائهم (لم يسمهم) في مستقبل السودان الأمني أو السياسي".
وفي سبتمبر/أيلول 2025، طرحت الرباعية الدولية التي تضم الولايات المتحدة والسعودية ومصر والإمارات، خطة تدعو لهدنة إنسانية بالسودان لمدة 3 أشهر، تمهيداً لوقف دائم للحرب، ثم عملية انتقالية جامعة خلال 9 أشهر، تقود نحو حكومة مدنية مستقلة.
ورغم مواصلة "قوات الدعم السريع" ارتكاب جرائم بحق المدنيين وتوسيع رقعة سيطرتها بولايات دارفور (غرب) وكردفان (جنوب)، أعلن قائدها محمد حمدان دقلو "حميدتي" موافقته على هدنة من طرف واحد لمدة 3 أشهر.
بينما تحفّظ البرهان على خطة الرباعية التي قدمها مسعد بولس مستشار ترمب، لأنها "تلغي وجود الجيش، وتحل الأجهزة الأمنية، وتبقي المليشيا المتمردة في مناطقها" التي احتلتها.
لكن الحكومة السودانية تؤكد في الوقت ذاته أنها لا تمانع التفاوض وفقاً لخريطة طريق قدمتها للأمم المتحدة، وتشترط في هذا الإطار انسحاب "قوات الدعم السريع" من المدن والمنشآت المدنية كافة، حتى يعود عشرات آلاف النازحين إلى مناطقهم.
وقال البرهان إن "الإجماع بين السودانيين هو أن الرئيس ترمب قائد يتحدث مباشرة ويتحرك بحسم، ويعتقد كثيرون أنه يملك الإرادة لمواجهة الأطراف الأجنبية (لم يسمها) التي تطيل أمد معاناتنا"، وتابع أن "الحرب التي تشنها مليشيا قوات الدعم السريع ليست كأي صراع واجهناه، فهي تمزق نسيج مجتمعنا، وتقتلع ملايين الأشخاص من ديارهم، وتهدد كامل الإقليم بالخطر".
البرهان استدرك: "مع ذلك، لا يزال السودانيون ينظرون إلى حلفائهم في المنطقة وواشنطن بأمل"، وشدّد على أن "السودان مستعد للعمل البناء مع إدارة الرئيس ترامب ومع كل مَن يسعى بصدق إلى السلام"، ولفت إلى أن "الصراع اندلع لأن قوات الدعم السريع، وهي مليشيا مدججة بالسلاح ذات سجل طويل من الوحشية، تمردت على الدولة".
وحذّر من أن "الحرب تهدد استقرار البحر الأحمر شرقاً ومنطقة الساحل (الإفريقي) الهشة غرباً، كما تشكل خطراً مباشراً على المصالح الأمريكية"، وزاد أن "أغلبية العالم ما تزال تنظر إلى الصراع باعتباره مجرد صراع على السلطة بين جنرالين، لا تمرداً عنيفاً ضد الدولة وشعبها".
وأردف البرهان: "عندما تنتهي الحرب يريد السودان أن يكون شريكاً قوياً للولايات المتحدة، وأن يسهم في حماية الاستقرار الإقليمي ومكافحة الإرهاب، وإعادة بناء المدن والبلدات المدمرة"، وأضاف أنه "سيكون للشركات الأمريكية دور مهم في إعادة الإعمار والاستثمار والتنمية".
وفي أبريل/نيسان 2023، اندلعت الحرب بين الجيش و"قوات الدعم السريع" بسبب خلاف بشأن المرحلة الانتقالية، ما تسبب بمقتل عشرات الآلاف ونزوح نحو 13 مليون شخص، وسط تحذيرات من تكريس تقسيم جغرافي للبلاد.
وتحتل "الدعم السريع" كل مراكز ولايات دارفور الخمس غرباً من أصل 18 ولاية بعموم البلاد، بينما يسيطر الجيش على معظم مناطق الولايات الـ13 المتبقية بالجنوب والشمال والشرق والوسط، وبينها العاصمة الخرطوم.
ويشكل إقليم دارفور نحو خمس مساحة السودان البالغة أكثر من مليون و800 ألف كيلومتر مربع، غير أن معظم السودانيين وعددهم 50 مليوناً يسكنون في مناطق سيطرة الجيش.