الصراع بين نتنياهو والشاباك.. قرار الإقالة يفتح معركة سياسية وقانونية
الحرب على غزة
8 دقيقة قراءة
الصراع بين نتنياهو والشاباك.. قرار الإقالة يفتح معركة سياسية وقانونيةأعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مساء الأحد، أنه قرر إقالة رئيس جهاز الشاباك الإسرائيلي، رونين بار، مشيراً إلى أنه سيعرض القرار على الحكومة. كما أفادت القناة 12 العبرية بأن نتنياهو استدعى بار إلى اجتماع طارئ تمهيداً لاتخاذ القرار.
00:00
رئيس جهاز الشاباك الإسرائيلي رونين بار
18 مارس 2025

وفي بيان نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أكد بار أنه سيستمر في منصبه حتى تُنجَز مهمة إعادة جميع الأسرى. كما دعا إلى تشكيل لجنة تحقيق شاملة تضم جميع الأطراف، بما في ذلك السياسيون، الحكومة، ورئيس الوزراء، معتبراً أن ذلك ضروري لحماية الأمن العام.

وأوضح بار أن استقالته لا تتعلق بأحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ولكن التحقيقات أظهرت أن السياسات الحكومية خلال العام الماضي كانت السبب وراء الفشل الأمني. كما أشار إلى أن طلبات نتنياهو بالولاء الشخصي تتعارض مع القانون والمصلحة العامة.

وقال بار إن الجمهور يجب أن يعرف الأسباب التي أدت إلى انهيار مفهوم الأمن في إسرائيل، مضيفاً أن التحقيق كشف عن تجاهل سياسي طويل الأمد لتحذيرات جهاز الشاباك.

ومن المتوقع أن تشهد إسرائيل في الأيام المقبلة نقاشاً قانونياً وسياسياً حول إقالة رئيس جهاز الشاباك، وفي حين رحبت الأحزاب اليمينية بالقرار، رأت أحزاب المعارضة الإسرائيلية فيه خطوة باتجاه هدم مؤسسات دولة الاحتلال والإضرار بالعملية الديمقراطية.

كيف وصل الصراع إلى هذه المرحلة؟

على مدار شهور الحرب والفترة التي سبقتها، سادت حالة من التوتر في العلاقة بين رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ورئيس جهاز الشاباك، رونين بار، وفقاً لما ذكرته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، التي أشارت إلى أن رئيس الشاباك تعرض لهجمات متكررة من أعضاء في ائتلاف نتنياهو، وخاصة خلال الاحتجاجات ضد الإصلاح القضائي.

ومع اندلاع الحرب، تصاعدت حدة المواجهات، لكن في معظم الأحيان لم يكن نتنياهو هو من يهاجم بار مباشرة، بل كان ذلك يجري عبر مقرّبين منه أو أعضاء في حزبه. ووفقاً لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، ففي 7 أغسطس/آب 2023، وبعد هجوم من أعضاء الكنيست المنتمين للائتلاف، أجرى نتنياهو مكالمة مع بار، ثم نشر بياناً أكد فيه أنه "يدعمه ويدعم رجال الجهاز".

في يناير/كانون الثاني 2024، بعد ثلاثة أشهر من عملية "طوفان الأقصى"، دعا بار إلى تشكيل لجنة تحقيق وطنية، قائلاً: "الجمهور متعطش لهذا، والشاباك متعطش لهذا". ولاحقاً، في اجتماع لمجلس الوزراء عُقد في الشهر نفسه، تعرض بار لهجوم من الوزيرة ميري ريغيف، كما هاجمه وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، والوزير دافيد أمسالم خلال اجتماع حكومي في مارس/آذار من العام الماضي، إذ زعموا أن التهديدات ضد رئيس الوزراء تتزايد، وأن الشاباك لا يقوم بدوره بشكل كافٍ لحمايته.

في 6 مايو/أيار 2024، حاول نتنياهو منع تعيين عدد من رؤساء الأقسام الذين قررهم بار، بحجة أنه يريد دراستها بعمق. وفي الأسبوع نفسه، وخلال مناقشة توسيع العملية العسكرية في رفح، نشب خلاف حاد بين نتنياهو ووزير الدفاع آنذاك، يوآف غالانت. غضب نتنياهو عندما قال بار: "عقدنا اجتماعاً مع وزير الدفاع، إذ أخذنا في الاعتبار جميع الجبهات والاعتبارات".

رد نتنياهو بانفعال: "ماذا؟ أنتم تعقدون اجتماعات استراتيجية لدى وزير الدفاع؟"، فرد رئيس الشاباك: "أي سؤال هذا؟ بالطبع". فأجاب نتنياهو: "حسبما أذكر، فإن الشاباك والموساد يتبعان لرئيس الوزراء".

بحسب الصحيفة العبرية، جاء التغيير الأهم في العلاقة بين نتنياهو وبار بعد عودة رئيس الوزراء من زيارته إلى الولايات المتحدة في فبراير/شباط الماضي، إذ التقى بالرئيس الأمريكي دونالد ترمب. وخلال الفترة ذاتها، فتح الشاباك تحقيقات فساد ضد شخصيات مقربة من نتنياهو والعاملين في مكتبه.

ونقلت الصحيفة عن مصدر سياسي أن محادثات ترمب ونتنياهو تطرقت إلى "الدولة العميقة في إسرائيل"، إضافة إلى "العبثية في استدعاء رئيس الوزراء ثلاث مرات أسبوعياً إلى جلسات المحكمة بينما يدير حرباً تعيد تشكيل الشرق الأوسط". ومنذ ذلك الاجتماع، ازدادت تصريحات نتنياهو ومحيطه ضد النظام القضائي و"الدولة العميقة".

بحسب المراسل العسكري والأمني في صحيفة معاريف، نير دافوري، فإن التقارير الاستقصائية التي نشرها الشاباك قبل أكثر من أسبوع، تُعد جزءاً أساسياً من القصة، إذ ألقت بالمسؤولية أيضاً على المستوى السياسي، الذي أصدر توجيهات مختلفة للأجهزة الأمنية، ما أدى إلى مساهمته المباشرة في إخفاقات 7 أكتوبر.

ويضيف دافوري أن هناك قضية فساد لا تزال قيد التحقيق من الشاباك تتعلق بمكتب رئيس الوزراء، وقد ساهمت هذه المواجهات في زيادة التوتر بين نتنياهو وبار، ما أدى إلى تفجير الصراع علناً هذا المساء.

يعتقد مراسل الشؤون الأمنية في صحيفة هآرتس، يوسي مليمان، أن تهديدات رئيس الشاباك السابق، نداف أرغمان، ضد نتنياهو شكّلت فرصة للأخير لبدء حملته ضد بار، وخاصة بعد أن اتهمه بممارسة "ابتزاز مماثل" عبر الإحاطات الإعلامية.

هل يحق لنتنياهو إقالة بار؟

وفقاً للمادة الثالثة من قانون "جهاز الأمن العام (الشاباك)" لعام 2002، يجري تعيين رئيس جهاز الشاباك من الحكومة بناءً على اقتراح رئيس الوزراء، ويُنشر إعلان التعيين في السجلات الرسمية.

تبلغ مدة ولاية رئيس الجهاز خمس سنوات، ما لم تحدد الحكومة فترة أقصر في قرار التعيين، كما يجوز للحكومة تمديد فترة ولايته، في ظروف خاصة، لمدة إضافية لا تتجاوز سنة واحدة.

ومن المفترض أن تستمر ولاية رئيس الشاباك الحالي حتى أكتوبر/تشرين الأول 2026، لكن القانون ينص بوضوح على حق الحكومة في إنهاء ولايته قبل انقضاء مدتها.

من المهم ملاحظة أن الحكومة -بصفتها هيئة عامة- هي الجهة المخولة قانونياً بإقالة رئيس الشاباك، وليس رئيس الحكومة بمفرده. وأشارت مصادر إعلامية إلى أن جلسة الحكومة المقبلة ستناقش قرار إقالة بار.

وعلى مدار 77 عاماً من عمر دولة الاحتلال الإسرائيلي، لم يسبق أن جرت إقالة أي رئيس للشاباك من الحكومة، وفقاً لما أشار إليه المختص الأمني في صحيفة "هآرتس"، يوسي ميليمان.

هل يمكن لنتنياهو إقالة بار؟

في الظروف الطبيعية، يمكن للحكومة الإسرائيلية إقالة رئيس جهاز الشاباك، لكن وجود تحقيقات يجريها الشاباك حول قضايا فساد تتعلق ببعض المسؤولين في مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، يطرح تحديات قانونية أمام هذه الخطوة.

ووفقاً للقناة 12 العبرية، فإن عملية الإقالة ستواجه عقبات قانونية إذا جرى تنفيذها بعد إعلان المستشارة القانونية للحكومة، غالي بهاراف-ميارا، التي أبلغت نتنياهو قائلة: "لا يمكنك إقالة رئيس الشاباك، على الأقل حتى يُستكمل فحص الأساس القانوني والواقعي لقرارك، ويُعالج الموضوع في الوقت الحالي".

ونقلت القناة عن نائب المستشارة القانونية للحكومة للشؤون الإدارية، جيل ليمون، أنه أرسل خطاباً قبل أسبوعين، يؤكد فيه أن أي قرار بشأن إقالة رئيس الشاباك يجب أن يجري بالتشاور مع المستشارة القانونية للحكومة قبل المضي قدماً في هذه الخطوة.

وأشار ليمون في خطابه إلى أن المستشارة القانونية لم تتلق أي إخطار أو نية بخصوص إنهاء فترة ولاية رئيس الشاباك.

كما أوضح أن قراراً كهذا، ولا سيما عندما يتعلق برئيس جهاز أمني يتمتع بصلاحيات تنفيذ القانون، يجب أن يكون مبنياً على إجراءات واضحة وأسباب موضوعية، تستند إلى أدلة كاملة ومؤكدة، وخالية من أي اعتبارات غير قانونية، بما يتماشى مع قواعد القانون الإداري.

ورداً على هذه التصريحات، قال بنيامين نتنياهو، في رسالة إلى المستشارة القانونية للحكومة، غالي بهاراف-ميارا، يوم الاثنين: "محاولتها الهيمنة على قرارات الحكومة تمثل إنكاراً خطيراً للصلاحيات الواضحة التي تتمتع بها الحكومة".

وأضاف مؤكداً أن:"الإيحاءات المتعلقة بالاشتباه في -عدم الشرعية وتضارب المصالح- تمثل انقلاباً كاملاً عن العدالة".

وشدد نتنياهو على أن إقالة رئيس الشاباك لم تكن بسبب التحقيقات، موضحاً أن "التحقيق بدأ فقط بعد أن طُرحت إمكانية إنهاء ولايته في وسائل الإعلام".

إذا قررت الحكومة المضي قدماً في إقالة بار، رغم معارضة المستشارة القانونية، فمن المحتمل أن يجري تقديم التماسات إلى المحكمة العليا، تدعي أن القرار "غير معقول بشكل متطرف"، وأن نتنياهو في حالة تضارب مصالح. ومن المرجح أن يطالب مقدمو الالتماسات بإصدار أمر قضائي مؤقت لمنع الإقالة حتى يجري البت في القضية.

السياسة في قلب الحدث

يربط الصحفي والكاتب الإسرائيلي في صحيفة "معاريف"، بن كاسبيت، بين قرار نتنياهو إقالة رونين بار ومحاولته تأمين الدعم اللازم للتصويت على قانون ميزانية الحكومة، وتحديداً مساعيه لاستمالة إيتمار بن غفير وحزبه "عوتسما يهوديت".

يشير كاسبيت إلى أن الدلائل تتزايد على أن أحد الأسباب الرئيسية لإقالة رئيس الشاباك، وكذلك الخطة لإقالة المستشارة القانونية للحكومة، هو تحقيق أهداف بن غفير، أي تأمين أصوات "عوتسما يهوديت" لمصلحة الميزانية.

وكما هو معروف، فقد رحّب بن غفير بالقرار، قائلاً: "لقد طالبت بهذا منذ فترة طويلة، ومن الأفضل أن يأتي القرار متأخراً على ألا يأتي أبداً".

يضيف كاسبيت أن بن غفير لا يزال يتلقى مغازلات سياسية من المقربين من رئيس الوزراء، إذ يجري معه مسؤولون في الحكومة محادثات منذ أسابيع حول شروط عودته المحتملة إلى الائتلاف الحكومي.ومع ذلك، يرفض بن غفير التعليق على كيفية تصويت كتلته البرلمانية على قوانين الميزانية.

لا يقتصر البعد السياسي في إقالة رئيس الشاباك على القرار نفسه، بل يمتد إلى بديله المحتمل، وهو نائب رئيس الشاباك السابق وعضو الوفد المفاوض، الذي يُشار إليه بالرمز "م". الذي كان من المفترض أن تنتهي ولايته في بداية الحرب، لكن بناءً على طلب رئيس الشاباك ورئيس الوزراء، جرى تمديد خدمته حتى بداية العام الجاري.

وفقاً لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، فإن "م" رجل ميداني، متخصص في الشؤون العربية، ويرتدي القلنسوة (كيباه)، نشأ في بيئة الصهيونية الدينية، وخرج من كيبوتس ديني، كما أنه ينتمي إلى عائلة فقدت أحد أفرادها في النزاعات.

بدأ "م" مسيرته في الشاباك ضابط تنسيق في الضفة الغربية، وتدرّج في المناصب حتى أصبح رئيس منطقة الضفة الغربية والقدس في الجهاز. وخلال سنوات خدمته، تولى سلسلة من المناصب المهمة، إلى أن جرى تعيينه نائباً لرئيس الجهاز.

توضح الصحيفة أنه من الناحية الطبيعية، يُعتبر نائبا رئيس الشاباك دائماً مرشحين طبيعيين لخلافته. ومع ذلك، هناك من يعتقد أن نتنياهو لم يُعِد "م" إلى الخدمة ولم يُوكله برئاسة فريق المفاوضات عبثاً.

وإذا قرر نتنياهو بالفعل تعيين "م" خليفةً لرونين بار، فمن المتوقع أن يواجه تعيينه عقبات كبيرة، نظراً لوجود تساؤلات حول مسؤوليته عن الإخفاق الأمني. 

يُذكر أن نائب رئيس الشاباك هو المسؤول عن العمليات الميدانية، وكان المشرف على كل الأنشطة التنفيذية للجهاز قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول وبعدها. لذلك، هناك شخصيات داخل المؤسسة الأمنية ترى أن المسؤولية عن الفشل تقع عليه أكثر من رئيس الشاباك نفسه.

من المهم الإشارة إلى أن قانون الشاباك لعام 2002 لا يُلزم رئيس الوزراء باختيار رئيس الشاباك من داخل الجهاز، إذ يمكنه تعيين أي شخصية من خارجه.

وقد حدث ذلك سابقاً مع عامي أيالون (1996-2000)، الذي خدم قبل تعيينه رئيساً للشاباك في سلاح البحرية الإسرائيلي، إذ قاد وحدة "شييطت 13" (وحدة الكوماندوز البحري)، ثم شغل منصب قائد سلاح البحرية، من دون أن يكون لديه أي تجربة سابقة داخل الشاباك.

اكتشف
"تعذيب جسدي ونفسي".. هيئة الأسرى تكشف انتهاكات قاسية بحق فلسطينيين في معسكر "جلعاد" داخل سجن عوفر
"القسام" تحمّل إسرائيل مسؤولية الاشتباك في رفح وتعلن استعدادها لتسليم جثة الضابط غولدين
استشهاد فلسطيني في قصف على القطاع ومنظمات صحية تدعو لإجلاء عاجل للمرضى وإعادة فتح معابر غزة
صفقة أمريكية مرتقبة لإخراج مقاتلي حماس من رفح مقابل جثة غولدن
بطن الهوى.. الحي الذي ينام على موعد التهجير والاستيطان
المجلس العالمي للصحفيين يقدم جائزة الصحافة لمصور قناة TRT عربي في غزة سامي شحادة
شهيد ومصابون برصاص جيش الاحتلال خلال اقتحامات عدة بالضفة الغربية
الاحتلال يسلّم 15 جثماناً فلسطينياً لغزة.. و"الصحة العالمية" تدعو لفتح المعابر فوراً
"انتصار للعدالة".. فلسطين ترحّب بمذكرات الاعتقال التركية ضد مسؤولين إسرائيليين بينهم نتنياهو
انطلاق "مؤتمر مناهضة الصهيونية" في إسطنبول بمشاركة باحثين ومنظمات مدنية
الاحتلال يواصل قصف ونسف منازل غزة.. ومصر تطالب بالانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق
إسرائيل تعلن التعرف على جثة أسير "ضابط صف" تسلمته من غزة مساء الجمعة
إصابات واعتقالات بالضفة الغربية والأمم المتحدة تحذر من مستوى قياسي لهجمات المستوطنين
إسرائيل تتسلم عبر الصليب الأحمر رفات أحد أسراها في غزة من القسام وسرايا القدس
لارتكابهم "إبادة جماعية" في غزة.. نيابة إسطنبول تصدر مذكرة اعتقال بحق نتنياهو و36 مسؤولاً إسرائيلياً
"سرايا القدس" تعلن اعتزامها تسليم جثة أسير إسرائيلي مساء الجمعة
الضفة.. جيش الاحتلال الإسرائيلي يهاجم وقفة سلمية في طولكرم ويصيب فلسطينيين
تسجيل المنظمات الدولية.. سلاح الاحتلال الإسرائيلي لتجويع الفلسطينيين وخنق العمل الإغاثي
استشهاد طفلين برصاص جيش الاحتلال في القدس.. ومستوطنون يهدمون مساكن بالأغوار
وزير جيش الاحتلال يأمر بتدمير جميع أنفاق غزة رغم اتفاق وقف إطلاق النار