اعتقال مطلوبين وملاحقة فلول النظام.. كيف تسير العمليات الأمنية في الساحل السوري؟
يواصل جهاز الأمن العام السوري وقوات من وزارة الدفاع عمليات ملاحقة فلول النظام السوري المنهار، وسط فرض حظر تجوال في عدد من مدن الساحل السوري.
وتشتد المعارك في مدن جبلة وقرداحة وبانياس، وبعض أحياء اللاذقية، حيث سقط حتى اللحظة عشرات القتلى والجرحى من قوى الأمن وفلول النظام، في حين اعتقلت الأجهزة الأمنية العشرات منهم.
وصباح اليوم، نقلت وكالة الأنباء السورية عن مصدر قيادي في إدارة الأمن العام، خبر تمديد حظر التجوال في مدينتي اللاذقية وطرطوس.
ولم تذكر الوكالة موعد انتهاء الحظر، إلا أن تقارير إعلامية أفادت بأنه سيمتد حتى الساعة 12 ظهراً بالتوقيت المحلي.
كما أعلن المصدر الأمني بدء عمليات تمشيط واسعة في مراكز المدن والقرى والبلدات والجبال المحيطة بمدينتي اللاذقية وطرطوس.
وأضاف: "العمليات ستستهدف فلول ميليشيات الأسد ومَن ساندهم أو قدم لهم الدعم. نوصي أهلنا المدنيين بالتزام منازلهم والتبليغ الفوري عن أي تحركات مشبوهة”.
ووجّه القيادي الأمني "رسالة إلى من يريد تسليم سلاحه ونفسه للقضاء، داعياً إلى الإسراع بذلك عبر التوجه إلى أقرب نقطة أمنية”.
من جهته، قال مصدر في وزارة الدفاع للوكالة الرسمية: "بدأت قواتنا الانتشار في مدينتي اللاذقية وطرطوس دعماً لقوات إدارة الأمن العام في مواجهة فلول ميليشيات الأسد، ولإعادة الاستقرار والأمن إلى المنطقة”.
وأضاف المصدر: "باشرنا عمليات تمشيط واسعة في ريفَي اللاذقية الشمالي والشرقي، وعلى طول أوتوستراد M4 (اللاذقية – حلب – الحسكة) باتجاه مدينة جبلة”.
تعزيزات في الساحل
أعلنت محافظة طرطوس، غربي سوريا، يوم الجمعة، وصول أرتال من قوات تابعة لوزارة الدفاع، دعماً لقوات الأمن العام في مواجهة فلول نظام الأسد.
وذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا) أن قوات وزارة الدفاع دخلت مدينة طرطوس دعماً لقوات إدارة الأمن العام في التصدي لفلول ميليشيات الأسد، ولإعادة الاستقرار والأمن إلى المنطقة.
وأضافت الوكالة، نقلاً عن محافظة طرطوس، أن "أرتالاً من قوات وزارة الدفاع السورية دخلت مدينة بانياس لملاحقة فلول النظام البائد”.
من جهته، وجّه المتحدث باسم وزارة الدفاع السورية، العقيد حسن عبد الغني، تحذيراً إلى فلول نظام الأسد، داعياً إياهم إلى أن لا يكونوا وقوداً لحرب خاسرة، بعد أن هرب رأس النظام المخلوع، بشار الأسد، وتركهم لمصيرهم.
وفي سلسلة منشورات على منصة إكس، قال عبد الغني: "إلى كبار مجرمي الحرب، لقد هُزمتم رغم تحصيناتكم وعتادكم، واليوم أنتم مشتَّتون بين الجبال، لا ملجأ لكم سوى المحاكم، حيث ستواجهون العدالة”.
وأضاف:"الآلاف اختاروا تسليم سلاحهم والعودة إلى أهلهم، فيما يصرّ البعض على الهروب والموت دفاعاً عن قتلة ومجرمين”.
ثم تابع موجهاً تحذيره إلى الفلول المتبقين: "لا تكونوا وقوداً لحرب خاسرة. بشار هرب وترككم لمصيركم، فلا تكرروا الخطأ حتى لا يكون الخطأ الأخير”.
هجوم منسَّق
منذ سقوط نظام الأسد، ينصب فلوله كمائن لقوات الأمن، ما يخلّف قتلى وجرحى، وكان آخرها وأكبرها يوم أمس الخميس، في محافظة اللاذقية، شمال غربي سوريا.
وما يميّز هذه الهجمات أنها جاءت منسَّقة وفي أكثر من موقع في وقت واحد ضمن منطقة الساحل، وهو ما أشار إليه مدير إدارة الأمن العام في محافظة اللاذقية، المقدم مصطفى كنيفاتي، قائلًا: "ضمن هجوم مدروس ومُعدّ مسبقاً، هاجمت عدة مجموعات من فلول ميليشيات الأسد نقاطنا وحواجزنا، واستهدفت عديداً من دورياتنا في منطقة جبلة وريفها، مما أسفر عن سقوط عديد من الشهداء والمصابين في صفوف قواتنا”.
وأشار كنيفاتي إلى أن الهجوم شمل "المباني الحكومية والممتلكات العامة والخاصة، حيث خرب فلول ميليشيات الأسد وكسَّروا المرافق العامة في مدينة جبلة ومحيطها”.
وفي حديث له مع قناة TRT عربي، قال المحلل الأمني والعسكري عصمت العبسي، إن العملية سبقتها "حالة من الترقب الواضح، خصوصاً في ظل الأنباء المتواترة عن دعم إقليمي واضح واجتماعات متعددة عُقدت بين هذه العناصر وقياداتها”.
ويؤكد العبسي أن "ما حصل هو أن البعض رأى في رسالة الصفح الصادرة عن الإدارة السورية الجديدة علامة ضعف، وليس دعوة للمصالحة”.
كما قلّل العبسي من فرص نجاح مساعي فلول النظام السوري، قائلًا: "كل هذا التنسيق، من دون قدرة حقيقية، لن يؤدي إلى نتيجة”.
وأضاف المحلل الأمني: "قوات الثورة انتصرت على النظام السوري وهو في قوته، ومن المؤكد أنها لن تنهزم الآن وهو خارج السلطة”.
من جانبه، يرى مدير الأبحاث والدراسات في المعهد الدبلوماسي بوزارة الخارجية السورية، عبيدة غضبان، في منشور على منصة إكس، أن ما جرى "لم يكن مستبعداً أو مستغرباً"، خصوصاً في ظل تكاثر الأعداء حول التجربة السورية، مشيراً إلى أن "مجموعات الفلول لا تملك أي قدرة على التعبئة داخل المجتمع السوري”.
إدانات ودعم
خرجت حشود شعبية في مظاهرات بعدة محافظات سورية دعماً لقوات الأمن والجيش في عملياتهما بمحافظات الساحل، مطالبين بالتصدي لمخططات الفوضى والقضاء على فلول النظام السوري.
وأكدت تركيا موقفها الرافض لجميع أشكال الأعمال التي تستهدف حق السوريين في العيش بسلام وازدهار.
جاء ذلك في منشور للمتحدث باسم وزارة الخارجية التركية، أونجو كتشالي، عبر منصة إكس، يوم الجمعة، تعليقاً على الأحداث التي شهدتها اللاذقية ومناطق أخرى في الساحل السوري يوم الخميس.
وأضاف كتشالي أنه "يجب عدم السماح لمثل هذه الاستفزازات بأن تصبح تهديداً للسلام في سوريا والمنطقة".
كما أدانت السعودية، يوم الجمعة، "الجرائم التي ترتكبها مجموعات خارجة عن القانون في سوريا، واستهدافها القوات الأمنية"، مؤكدةً وقوفها إلى جانب حكومة دمشق في جهود حفظ الأمن.
وقالت وزارة الخارجية السعودية في بيان:"المملكة تُدين الجرائم التي ترتكبها مجموعات خارجة عن القانون في الجمهورية العربية السورية واستهدافها القوات الأمنية”.
وأكد البيان وقوف المملكة إلى جانب الحكومة السورية في ما تبذله من جهود لحفظ الأمن والاستقرار والحفاظ على السلم الأهلي.
وفي 8 ديسمبر/كانون الثاني 2024، بسطت الفصائل السورية سيطرتها على دمشق بعد استعادة مدن أخرى، مُنهيةً 61 عاماً من حكم حزب البعث الدموي، و53 سنة من سيطرة عائلة الأسد.
وفي 29 يناير/كانون الثاني الماضي، أعلنت الإدارة السورية تعيين أحمد الشرع رئيساً للبلاد خلال المرحلة الانتقالية، إلى جانب قرارات أخرى، منها حل الفصائل المسلحة، وتفكيك الأجهزة الأمنية التابعة للعهد السابق، وحل مجلس الشعب (البرلمان) وحزب البعث، وإلغاء العمل بالدستور.