وعبّر الرئيس الأمريكي دونالد ترمب مراراً عن رغبته في "استعادة" قناة بنما التي تعد أحد أهم الممرات المائية الاستراتيجية في العالم.
ولم يقدم ترمب تفاصيل محددة حول كيفية تحقيق ذلك، أو ما إذا كان العمل العسكري قد يكون ضرورياً.
وقال مسؤول أمريكي، طلب عدم الكشف عن هويته، إن وثيقة وصفت بأنها توجيهات مؤقتة للأمن القومي من الإدارة الجديدة، دعت الجيش إلى دراسة الخيارات العسكرية لحماية الوصول إلى قناة بنما.
وقال مسؤول ثانٍ، إن الجيش الأمريكي لديه مجموعة واسعة من الخيارات، بما في ذلك ضمان شراكة وثيقة مع جيش بنما، ولم ترد وزارة الدفاع الأمريكية بعد على طلب للتعليق.
وأوضح المسؤولون أن احتمال وقوع غزو أمريكي يعتمد على مستوى التعاون الذي يبديه الجيش البنمي.
في المقابل، أعلنت الحكومة البنمية الخميس أنها ستظل "حازمة" في الدفاع عن "سيادتها" بعد معلومات مفادها أن ترمب يدرس "زيادة" الوجود العسكري الأمريكي في الدولة الواقعة في أمريكا الوسطى "لاسترداد" قناة بنما.
وقال وزير الخارجية البنمي خافيير مارتينيز آشا للصحفيين، "ستظل بنما حازمة في الدفاع عن أراضيها وقناتها وسيادتها. فليكن هذا واضحاً، قناة بنما ملك للبنميين وستظل كذلك".
وفقاً لشبكة "إن بي سي نيوز"، "تعمل القيادة الجنوبية الأمريكية على تطوير خطط تتراوح بين العمل بشكل أوثق مع قوات الأمن البنمية وبين خيار أقل احتمالاً يتمثل في استيلاء القوات الأمريكية على قناة بنما بالقوة".
وأضاف مارتينيز آشا "القناة يديرها البنميون، وفي حال وجود تهديد، فإن الوحيد الذي يمكنه استدعاء دول أخرى للدفاع عن تشغيل القناة هو رئيس جمهورية بنما".
وصرح دونالد ترمب للمرة الأولى في يناير/كانون الثاني أن بلاده "ستستعيد" قناة بنما التي بنتها الولايات المتحدة وافتُتحت في عام 1914.
وكرر ذلك في خطابه أمام الكونغرس في بداية مارس/آذار، قائلاً، إنه يريد من خلال ذلك "تعزيز أمننا القومي".
والولايات المتحدة والصين هما المستخدمتان الرئيسيتان لهذا الممر الذي يربط المحيطين الهادئ والأطلسي وتمر عبره 5% من التجارة البحرية العالمية.
وفي مطلع مارس/آذار الجاري، أعلنت شركة "هاتشيسون" في هونغ كونغ عن توصلها إلى اتفاق مبدئي لبيع ميناءين يقعان عند طرفي قناة بنما إلى كونسورتيوم (ائتلاف مالي) أمريكي، وذلك بعد أسابيع من تهديدات وجهها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بشأن السيطرة الصينية على القناة.
وأوضحت شركة "سي كي هاتشيسون هولدينغ" التي تدير 43 ميناء في 23 دولة، أنها ستبيع 90% من حصتها، بما في ذلك أكبر ميناءين على طول القناة، إلى التحالف الذي تقوده الشركة الاستثمارية العملاقة "بلاك روك". وقال الطرفان في بيان مشترك وإعلان موجّه إلى بورصة هونغ كونغ إنهما دخلا في فترة 145 يوماً من المفاوضات الحصرية.
وستمنح الصفقة الكونسورتيوم الأمريكي الذي يضم "بلاك روك" السيطرة على 43 ميناء في 23 دولة، منها المكسيك وهولندا ومصر وأستراليا وباكستان ودول أخرى.
وتدير شركة "هاتشيسون" منذ عقود مرفأي بالبوا وكريستوبال اللذين يقعان على طرفي القناة التي تربط بين المحيطين الهادئ والأطلسي. ومنذ تولي ترمب منصبه في يناير/كانون الثاني، انتقد ما اعتبره سيطرة صينية على القناة التي تعد ممراً استراتيجياً وحيوياً، كانت الولايات المتحدة تديره سابقاً.
ومنذ عام 2000، تدير هيئة قناة بنما، وهي مؤسسة مستقلة يُعيّن أعضاؤها من الرئيس البنمي والبرلمان، القناة التي تمر عبرها نحو 5% من التجارة العالمية. وقد نجحت الهيئة في تحسين الممر المائي والأقفال التي يزيد عمرها على قرن، ما سمح بمرور السفن الأكبر حجماً.
وفي يناير/كانون الثاني، أثار تيد كروز السيناتور الأمريكي في مجلس الشيوخ، مخاوف من أن الصين قد تستغل أو تعرقل المرور عبر القناة، وقال إن المواني "توفر للصين نقاط مراقبة". وأضاف: "أعتقد أن هذه الوضعية تمثل مخاطر حادة على الأمن القومي الأمريكي".
وزار وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو بنما في أوائل فبراير/شباط، وأخبر الرئيس خوسيه راؤول مولينو أنه يجب على بنما تقليص النفوذ الصيني على القناة أو مواجهة رد فعل محتمل من الولايات المتحدة.
وبعد زيارة روبيو، انسحبت بنما من مبادرة "الحزام والطريق" الصينية، ما أثار إدانات من بكين.
أشاد ترمب بهذه الخطوة في خطابه أمام جلسة مشتركة للكونغرس يوم الثلاثاء، قائلاً: "من أجل تعزيز أمننا القومي، ستستعيد إدارتنا قناة بنما، وقد بدأنا بالفعل في ذلك".
وأضاف ترمب: "اليوم فقط، أعلنت شركة أمريكية كبيرة أنها تشتري كلا الميناءين حول قناة بنما، والعديد من الأمور الأخرى المتعلقة بقناة بنما، وعدداً من القنوات الأخرى".
وتُعدُّ قناة بنما، التي تربط بين المحيط الأطلسي والمحيط الهادئ في أمريكا الوسطى شرياناً حيوياً للاقتصاد الأمريكي، إذ يمر عبرها نحو 40 مليون حاوية سنوياً. وتعدُّ الولايات المتحدة أكبر مستخدم للقناة ثم تليها الصين.
ورغم أن معظم الاهتمام كان يتركز على تهديد ترمب باستعادة السيطرة على القناة، فقد ركزت إدارته على شركة "هاتشيسون"، الكونسورتيوم الذي يدير المواني الرئيسية للقناة في طرفيها. وبعد صفقة "بلاك روك" مع "هاتشيسون"، ستخضع تلك المواني الرئيسية لسيطرة أمريكية.














