وأكدت دول جوار سوريا، خلال الاجتماع، دعمها للحكومة السورية، واتفقت على تأسيس غرفة عمليات لمواجهة تنظيم داعش الإرهابي، مع إدانة الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا، وذلك خلال المؤتمر الصحفي الذي أعقب الاجتماع، والذي ضم وزراء خارجية كل من تركيا وسوريا والأردن والعراق ولبنان، في ختام الاجتماع الأول لتجمع سوريا ودول الجوار.
وشارك في فعاليات الاجتماع كل من وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، ووزير الدفاع التركي يشار غولر، ورئيس جهاز الاستخبارات الوطنية إبراهيم قالن، إذ تقرر انعقاد النسخة الثانية من الاجتماع في تركيا.
في السياق نفسه، وخلال اجتماع للحكومة التركية يوم الاثنين، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن بلاده تُدين بشدة أي هجوم يستهدف وحدة سوريا واستقرارها، مشدداً على رفض تركيا أي محاولات لإعادة رسم خرائط المنطقة. كما رحّب بالرسائل التي وجّهها الرئيس السوري أحمد الشرع، والتي وصفها بالمتّسمة بالاعتدال والتهدئة.
كما شدد أردوغان على أن تركيا لن تسمح أبداً بإعادة رسم الخرائط في سوريا، مؤكداً أن النظر إلى القضية من منظور طائفي أو عرقي يعكس انغلاقاً فكرياً وتعصباً. وأشار إلى أن تركيا لا تميز بين الشعوب على أساس الدين أو العِرق، سواء في سوريا أو العراق أو لبنان أو غيرها من دول المنطقة.
الاستقرار في سوريا
يشكّل استقرار الأوضاع في سوريا ووحدة أراضيها المحدِّد الأساسي الذي انطلقت منه السياسة الخارجية التركية تجاه سوريا. فمن خلال هذا المبدأ، يمكن لسوريا وتركيا مواجهة التحديات المشتركة بين البلدين، وتحديداً تلك المتعلقة بالتنظيمات الإرهابية والنزعات الانفصالية.
ويُعد التعاون الإقليمي مفتاحاً لتحقيق هذه الغاية، إذ يمكن لدول الجوار، تحت المظلة الإقليمية، رعاية عملية الانتقال السياسي في سوريا. وقد أشار وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، إلى هذا الأمر في منشور له عبر منصة إكس، موضحاً أن القمة الخماسية تمثّل خطوة مهمة في تحقيق السلام والأمن الإقليميين.
وأضاف أن الاجتماع هدف إلى إيجاد حلول مشتركة للمشكلات المزمنة في المنطقة، واتخاذ مبادرات إقليمية، كما ناقش بالتفصيل القضايا المتعلقة باستقرار سوريا، خصوصاً مكافحة الإرهاب.
في هذا السياق، يشير أستاذ العلاقات الدولية والباحث التركي محمد رقيب أوغلو، في حديث مع TRT عربي، إلى أن "تركيا اتخذت عديداً من الخطوات لبناء سوريا مستقرة، سواء على المستوى العسكري أو السياسي أو الدبلوماسي أو الاقتصادي، وذلك من أجل سوريا موحَّدة في إطار وحدة أراضيها". ويضيف رقيب أوغلو أن "هذا الاجتماع يأتي امتداداً لهذا الهدف، واستمراراً للسياسة الخارجية التركية تجاه سوريا".
تحالف إقليمي في مواجهة الإرهاب
وعلى مدار الأشهر الماضية، عملت تركيا على تأسيس مظلة إقليمية لمواجهة تنظيم داعش الإرهابي، إذ لم يؤدِّ نشاط التنظيم الإرهابي في المنطقة إلى عدم الاستقرار الأمني فحسب، بل أسّس أيضاً لظهور تنظيمات إرهابية أخرى، مما جعل من الضروري بذل جهد إقليمي مشترك لمواجهته.
وقد أشار وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إلى هذا الأمر في فبراير/شباط الماضي، عندما قال إن تركيا تعمل على "مبادرات إقليمية لمكافحة داعش، واتخاذ خطوات تهدف إلى إنشاء آلية مشتركة بين تركيا والعراق وسوريا والأردن".
وفي الاجتماع الحالي، احتلّت محاربة تنظيم داعش الإرهابي موقعاً مركزياً في محادثات الدول المشارِكة. وقال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين: "هناك تنامٍ في قوة ومساحة نفوذ تنظيم داعش، والتصدي له يتطلب استعداداً ليس فقط على المستوى السوري، بل على المستوى الإقليمي أيضاً".
وأضاف حسين: "توصَّلنا، خلال الاجتماع، إلى مبادئ أساسية لمحاربة تنظيم داعش، واتفقنا على تأسيس غرفة عمليات بمشاركة الإدارة السورية".
من جانبه، قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي: "أكدنا موقفاً موحداً في مكافحة الإرهاب، وإطلاق جهد مشترك لمحاربة داعش، نظراً إلى ما يمثله من خطر على سوريا والمنطقة بأكملها".
أما فيدان، فقال: "مثلما أن داعش لا يمثل العرب، فإن تنظيم PKK (الإرهابي) لا يمثل الأكراد". وأكد أن "مشكلة PKK ليست خاصة بتركيا وحدها، بل هي مشكلة تواجه العراق وسوريا وحتى إيران".
في هذا السياق، يشير الباحث التركي محمد رقيب أوغلو إلى أن "الدول المشاركة عانت من مشكلات أمنية بسبب عدم الاستقرار في سوريا، مما يجعل من عودة الأمن والاستقرار هناك ضرورة لكل من تركيا والسعودية والعراق والأردن، وهو ما يعد نقطة محورية في هذا السياق”.
السياسات الإسرائيلية
احتلت التهديدات الإسرائيلية لسوريا واحتلالها جزءاً من أراضيها موقعاً مهماً في فعاليات الاجتماع. وأكد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي أنه "لا مبرر لإسرائيل للاعتداء على الأراضي السورية تحت أي ذريعة".
وأضاف الصفدي: "إسرائيل تحاول خلق حالة من الفوضى وذرائع لتحقيق أهدافها في المنطقة"، مشيراً إلى أن هذه الفوضى "تسهم في إيجاد بيئات يتنامى فيها التطرف والإرهاب".
أما وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، فقال: "نرحب بدعم دول اجتماع جوار سوريا للحكومة السورية في مواجهة التحديات ورفضها التهديدات الإسرائيلية".
كما رحَّب بالدعم الذي "أكده الاجتماع بشأن رفع العقوبات عن بلدنا"، مضيفاً: "أكدنا تعزيز الشراكة في مختلف المجالات".
واستبعد الباحث التركي رقيب أوغلو "أن تتوقف إسرائيل عن جهودها التوسعية في سوريا"، لكنه أشار إلى أن تعاوناً إقليمياً، وتحديداً تركياً، يمكن له وقف السياسات الإسرائيلية التوسعية.
ومنذ عام 1967، تحتل إسرائيل معظم مساحة هضبة الجولان السورية، وقد استغلت أحداث الإطاحة بنظام بشار الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، لتوسيع رقعة احتلالها.
كما دمَّرت إسرائيل معدات وآليات وذخائر للجيش السوري عبر مئات الغارات الجوية، إضافةً إلى ارتكابها انتهاكات شبه يومية للسيادة السورية.













