إنقاذ التاريخ من محاولات الطمس الإسرائيلي.. انتشال مخطوطات من تحت أنقاض غزة

نجح فريق فني فلسطيني من وزارة الأوقاف في قطاع غزة، الأحد، من انتشال عدد من المخطوطات الأثرية من تحت أنقاض مكتبة "المسجد العمري الكبير"، التي دمرها قصف الاحتلال الإسرائيلي خلال حرب الإبادة التي استمرت على القطاع أكثر من 15 شهراً.

إنقاذ التاريخ من محاولات الطمس الإسرائيلي.. انتشال مخطوطات من تحت أنقاض غزة / AA

وأكدت رئيسة فريق الترميم حنين العمصي، أن الطاقم الفلسطيني استطاع إنقاذ 123 مخطوطاً تاريخياً من أصل 128، بالإضافة إلى أوراق متفرقة بلغ عددها 78، استُعيد 63 منها، موضحة أن المخطوطات في حالة يُرثى لها جراء تعرضها للتدمير المباشر بفعل القصف، فضلاً عن آثار العفن والرطوبة العالية بسبب بقائها تحت الأنقاض لفترة طويلة.

وأشارت العمصي في حديثها مع وكالة الأناضول إلى أن هذه المخطوطات التاريخية تعود إلى فترات زمنية تمتد من العصر المملوكي وحتى العهد العثماني، أي منذ 500 إلى 700 عام، ما يجعلها جزءاً لا يتجزأ من الإرث الثقافي الفلسطيني.

المسجد العمري الكبير، الذي يقع في قلب مدينة غزة القديمة بالقرب من السوق القديم، يُعد واحداً من أقدم المساجد في المدينة، وتضم مكتبته، التي تأسست قبل أكثر من سبعة قرون، نحو 20 ألف كتاب، ما جعلها ثالث أكبر مكتبة في فلسطين، بمساحة تبلغ 4100 متر مربع، إضافة إلى فناء مساحته 1190 متراً مربعاً.

وتحتوي المكتبة على مخطوطات تتنوع بين المصنفات الكبيرة والرسائل الصغيرة، ويعود أقدمها إلى سنة 920 هجرياً، ومن أبرز ما كانت تحتويه مخطوطة "شرح الغوامض في علم الفرائض" لبدر الدين المرديني، والتي يبلغ عمرها نحو 500 عام، حسب مؤسسة الدراسات الفلسطينية.

وفي هذا السياق، أوضحت العمصي أن عمليات الترميم تمر بمرحلة دقيقة للغاية، إذ تُقدم الإسعافات الأولي للمخطوطات عبر تنظيفها بحذر، وإزالة العفن، ومحاولة الحفاظ عليها من التمزق أو التلف، مؤكدة أن الجهود متواصلة لاسترجاع هذه الكنوز التاريخية إلى حالتها الأصلية قدر المستطاع.

وكانت المكتبة قد أغلقت أبوابها في أكتوبر/تشرين الأول 2023 مع بداية الحرب، قبل أن تتعرض للقصف المباشر من طائرات الاحتلال الإسرائيلي في 8 ديسمبر/كانون الأول من نفس العام، الذي أدى إلى تدمير المسجد والمكتبة بالكامل.

وفي 2 فبراير/شباط الماضي أعلن رئيس المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، سلامة معروف، خلال مؤتمر صحفي عُقد بين ركام مشفى الشفاء، أن القطاع أصبح منطقة "منكوبة" جراء حرب الإبادة الإسرائيلية.

وعقب الإبادة، أعلنت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في قطاع غزة، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي دمر خلال حرب الإبادة 1109 مساجد من أصل 1244، تدميراً كلياً أو جزئياً.

وبدعم أمريكي ارتكبت إسرائيل بين 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 و19 يناير/كانون الثاني 2025، إبادة جماعية بغزة خلّفت أكثر من 160 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود. ​​​​​​

ومطلع مارس/آذار الجاري انتهت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بغزة التي استمرت 42 يوماً، فيما تنصلت إسرائيل من الدخول في المرحلة الثانية التي تشمل إنهاء الحرب.

وتريد إسرائيل تمديد المرحلة الأولى من صفقة التبادل للإفراج عن أكبر عدد ممكن من أسراها المحتجزين في غزة، دون تقديم مقابل أو استكمال الاستحقاقات العسكرية والإنسانية المفروضة في الاتفاق خلال الفترة الماضية، وذلك إرضاء للمتطرفين في حكومته.

بينما تؤكد حماس، مراراً التزامها تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، وتطالب بإلزام إسرائيل ما نصّ عليه، وتدعو الوسطاء للبدء فوراً بمفاوضات المرحلة الثانية بما تشمله من انسحاب إسرائيلي من القطاع ووقف الحرب بشكل كامل.