"أطباء بلا حدود" تحذّر من تهديد الاحتلال لأنشطتها بغزة.. والأونروا: واجهنا حملة غير مسبوقة
حذّرت منظمة "أطباء بلا حدود"، الاثنين، من إجراءات إسرائيلية جديدة خاصة بتسجيل المنظمات الدولية العاملة في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة، ما يعرّض الأنشطة الإنسانية للخطر، بينما قالت وكالة الأونروا إنها واجهت منذ أكثر من عامين حملة غير مسبوقة.
وفي 5 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية عن إجراء إسرائيلي جديد أجبر عشرات المنظمات الإنسانية العاملة في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة على وقف أنشطتها، وأوضحت أن الإجراء "يشدّد شروط دخول المنظمات إلى غزة والضفة، ويُلزمها بتقديم تفاصيل عن موظفيها وعائلاتهم".
وقالت أطباء بلا حدود في بيان: "القواعد الإسرائيلية الجديدة لتسجيل المنظمات الدولية غير الحكومية، قد تترك مئات آلاف الأشخاص في غزة من دون القدرة على الوصول إلى الرعاية الصحية المنقِذة للحياة بحلول عام 2026".
وتابعت: "هذه المتطلبات الجديدة تهدّد بسحب تسجيل هذه المنظمات اعتباراً من الأول من يناير/كانون الثاني المقبل"، وحذرت أيضاً من أن عدم التعاطي مع الإجراء الإسرائيلي وعدم التسجيل سيحول دون تمكن المنظمات، ومن بينها أطباء بلا حدود، من تقديم الخدمات الأساسية للناس في غزة والضفة.
ووصفت المنظمة الدولية فقدان المنظمات الإنسانية المستقلة وذات الخبرة القدرة على الوصول والاستجابة للفئات المحتاجة بغزة، وسط ما أصاب النظام الصحي في القطاع من دمار، بـ"الكارثة الحقيقية"، ودعت إسرائيل إلى "ضمان تمكين المنظمات الدولية غير الحكومية من الحفاظ على استجابتها المستقلة وغير المتحيّزة في غزة والاستمرار فيها".
ونقل البيان عن منسقة شؤون الطوارئ مع أطباء بلا حدود بغزة، باسكال كواسار، قولها إن فرق المنظمة عالجت في العام الماضي "مئات آلاف المرضى، ووفّرت مئات الملايين من لترات المياه، بينما تعتزم توسيع نطاق أنشطتها ودعم النظام الصحي المدمر بغزة".
ولفتت إلى أن فرق المنظمة قدمت 800 ألف استشارة في العيادات الخارجية خلال عام 2025، كما تعاملت مع أكثر من 100 ألف حالة إصابة بليغة
وكانت إسرائيل أقرت الإجراء الجديد لتسجيل المنظمات في مارس/آذار الماضي، بعد نقل اختصاصه من وزارة الرفاه إلى وزارة الشتات الإسرائيلية برئاسة عمّيحاي شيكلي (من حزب الليكود)، وفق "هآرتس".
وأوضحت الصحيفة أنه بموجب هذا الإجراء، تُلزم المنظمات بتقديم عدد كبير من الوثائق لإسرائيل، بينها قائمة بجميع موظفيها الأجانب والفلسطينيين، ومعلومات عن أفراد عائلاتهم.
“تفكيك الأونروا”
وفي سياق متصل، قالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، إنها واجهت خلال أكثر من عامين حملة تضليل إعلامي منسقة بهدف تفكيكها، وإن هذه الحملة بلغت "مستويات غير مسبوقة".
جاء ذلك بتدوينة للوكالة عبر منصة إكس، مساء الأحد، ذكرت فيها أن "إحدى الخرافات الشائعة في سياق التضليل الإعلامي تفيد بأن الأونروا تُبقي لاجئ فلسطين في حالة لجوء دائمة".
وفي تفنيدها لذلك، أوضحت الأونروا أن "اللاجئين، أينما كانوا، يبقون لاجئين في غياب حلول سياسية عادلة ودائمة لمحنتهم"، وأكدت أن "تفكيكها (الأونروا) لن يُنهي صفة اللجوء عن الفلسطينيين في ظل غياب حل سياسي".
وحذرت من أن الجهة التي ستدفع الثمن إزاء ذلك "هم هؤلاء الأكثر فقراً بين لاجئي فلسطين، أولئك الذين يعيشون في المخيمات، ولا بديل لديهم عن الأونروا للحصول على الخدمات الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية".
وتابعت: "سيؤدي نشر التضليل الإعلامي إلى تشتيت الانتباه وإلحاق ضرر حقيقي بإحدى أكثر الفئات ضعفاً في الشرق الأوسط"، وأشارت إلى أن البديل الحقيقي للاجئين، هو "استثمار حقيقي في السلام، وفي مؤسسات فلسطينية مستقبلية مُمكّنة ومؤهلة".
وخلال عامي الإبادة الجماعية التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة، تعرضت الأونروا لحملة تضييق إسرائيلية واسعة، واتهمتها تل أبيب في بداية الحرب بدعم هجمات ضدها وتوظيف مسلحين لديها، وهو ما نفته الوكالة الأممية.
كما استهدف جيش الاحتلال، خلال العامين الماضيين، عدداً من المقرات والمنشآت التابعة للأونروا في قطاع غزة، من بينها مدارس ومرافق صحية تحولت لمراكز إيواء.
وفي عام 2024 أقر الكنيست الإسرائيلي تشريعاً يحظر عمل الأونروا، بينما أخطرت إسرائيل الأمم المتحدة رسمياً بإلغاء الاتفاقية التي تنظم علاقاتها مع الوكالة منذ عام 1967.
ورغم دخول وقف إطلاق النار بين حركة "حماس" وإسرائيل حيّز التنفيذ في 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فإن الوضع الإنساني في قطاع غزة ما يزال صعباً للغاية بسبب القيود التي تفرضها إسرائيل على دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية.
وتتنصل إسرائيل من الإيفاء بالتزاماتها التي نص عليها اتفاق وقف إطلاق النار بغزة، عدم إدخال الكميات المتفق عليها من تلك المساعدات، كما تخرق الاتفاق بتنفيذ هجمات أسفرت منذ سريان الاتفاق عن استشهاد 401 فلسطيني وإصابة 1108 آخرين.
وكانت إسرائيل بدأت في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023 حرب إبادة جماعية بقطاع غزة استمرت لعامين، وخلفت نحو 71 ألف شهيد فلسطيني، وما يزيد على 171 ألف جريح، ودماراً هائلاً طال 90% من البنى التحتية بتكلفة إعمار قدَّرتها الأمم المتحدة بنحو 70 مليار دولار.