الشاعر العراقي التركماني الراحل محمد سليمان أوغلو الملقّب بـ"فضولي" (Alamy)
تابعنا

افتتح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان رفقة الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، الأسبوع الماضي، مطاراً في أذربيجان يحمل اسم الشاعر العراقي الراحل محمد سليمان أوغلو أو محمد بن سليمان الملقّب بـ"فضولي" (Fuzuli).

وأصبح أردوغان أول رئيس يهبط في المطار المذكور، حيث كان في استقباله الرئيس علييف.

وعقب إطلاق اسم الشاعر العراقي التركماني "فضولي" على المطار الأذربيجاني الجديد، والذي يُعتبر أول مطار تشيّده أذربيجان على أراضيها المحرّرة من الاحتلال الأرميني، نستعرض نبذة عن فضولي وأعماله الأدبية المميّزة التي سطّرها بالتركية الأذربيجانية والفارسية والعربية.

"فضولي بغداد"

وُلِد الشاعر العراقي التركماني محمد سليمان أوغلو في مدينة كربلاء العراقية في عام 1494 تقريباً، وعاش أغلب حياته في بغداد إلى أن عاد مجدّداً إلى كربلاء حيث وافته المنيّة، ليُدفِن في محل مسقط رأسه ذاته عام 1556.

وينتمي الشاعر الملقّب بـ"فضولي بغداد" إلى قبيلة "بيات" التركمانية، وهي إحدى القبائل ذات الجذور المرتبطة بالشعب الأذربيجاني، والمنتشرة في جميع أنحاء الشرق الأوسط والأناضول والقوقاز.

وتلقّى تعليماً شاملاً في بغداد، وعمل مُعلّماً للرياضيات وعلم الفلك، وذلك بجانب كتابته الشعر. وجُمِعت أشعاره في مخطوطة مؤرّخة بعام 1522 عُنوَنت بـ"كُليّات" (kulliyat). وله ديوانان، الأوّل بالتركية الأذربيجانية، والثاني بالفارسية.

ويُعتبر فضولي "شاعر الشرق الأول" خلال القرن السادس عشر الميلادي، وألّف أشعاره بنفس البراعة باللغات التركية والفارسية والعربية، ورُغم أنّ أعماله بالتركية كُتِبت باللهجة الأذربيجانية، غير أنّه كان مُلمّاً بالتقاليد الأدبية العثمانية.

وكانت حينئذ اللّغات الثلاث العربية والتركية والفارسية مستخدمةً على نحو واسع في العراق.

ويأتي في مقدمة أبرز أعمال الشاعر البارع "ملحمة مجنون ليلى" (بالتركية الآذرية: داستان ليلى ومجنون)، الّذي صوّر خلاله فضولي رومانسية المجنون وليلى.

ونُشِرت بين عامي 1958 و1961 طبعة حديثة لأعماله الأدبية في مدينة باكو الأذربيجانية.

نزعة دينية وقصائد متنوّعة

حلّل الباحثان الإيرانيان محمد أمين مُزاهب ومصطفى شهيد تابار المختصّان في مجالي الأدب والثقافة، محتوى أعمال "شاعر الشرق الأول" فضولي بغداد.

وذهب الباحثان في ورقة بحثية منشورة عام 2015 إلى أنّ أشعار فضولي اتّسمت بنزعة دينية، حيث تطرّق الشاعر إلى "مواضيع ومصطلحات قرآنية مثل الله والعبادة والمحراب والدين والجنة والنار".

واعتبر الباحثان النهج الذي اتّبعه فضولي مؤشّراً على معرفة واسعة له بالدين الإسلامي والعادات والثقافة الإسلامية، كما يضفي طابعاً فريداً على الأسلوب الشعري والأدبي للشاعر العراقي في ذلك الوقت.

وشكّلت قصائد الغزل جزءاً كبيراً من أشعار فضولي، وتتميّز أبيات شعره بالعمق في محاولة فهم "العالم الداخلي" للإنسان.

كما اتّسمت المواضيع التي يتناولها فضولي في شعره بالتنوّع، حيث شملت مواضيع تتعلّق بمراحل نشأة الكون، مروراً بالتغزّل بالمحبوبة، وصولاً إلى المعاناة والحزن الأبديين الناتجين عن عدم إمكانية الوصول إلى "الكمال" في الحب.

وعارض فضولي الاستبداد والظلم والإقطاع، وسطّر أبيات شعر تتحدّث عن العدالة والرفاه، وتدافع عن المظلومين من سوء المعاملة من قبل أولئك الذين يسيئون استخدام السلطة.

ورغم عدم انتمائه إلى المدرسة الصوفية، إّلا أنّه دعا إلى قيم توصي بالبساطة والتواضع، ونبذ الإغراءات والملاذ الدنيوية.

مطار يُخلّد اسمه

احتفى وزير الثقافة والآثار العراقي حسن ناظم، بافتتاح المطار الأذربيجاني الذي يحمل اسم فضولي، معاتباً على بلاده ما وصفه "إهمال" هذا الشاعر الفذّ، في حين أنّ دولاً أخرى تفتخر بمثل هذه الأيقونة العراقية، والذي وُلِد ونشأ وتوفي في العراق.

وأشار الوزير العراقي إلى أنّ فضولي كان قد كتب أعماله بالعربية والتركية والفارسية، مُشيراً إلى أنّ تركمان العراق والأذريين والأتراك والفرس يعدّونه شاعرهم، في حين "نحن نهمله".

وكانت أذربيجان قد أعلنت الأسبوع الماضي افتتاح مطار جديد يحمل اسم الشاعر العراقي الملقّب بـ"فضولي"، ويمتدّ المطار على مساحة تزيد على 100 كيلومتر مربّع، ويبعد نحو 180 كيلومتراً عن العاصمة الأذرية باكو.

ويقول مراقبون إنّ المطار يضيف أهمية سياحية وتجارية استثنائية إلى محيط المنطقة.

TRT عربي
الأكثر تداولاً