تابعنا
يأمل العراق ومن خلفه جماهير كروية عاشقة في استضافة بطولة كأس الخليج العربي لكرة القدم بنسختها الخامسة والعشرين، وذلك للمرة الثانية في تاريخه.

العراق، الذي احتضن نسخة وحيدة من الكأس الخليجية عام 1979، يمنّي النفس بإجماع خليجي بمنحه شرف الاستضافة للبطولة الإقليمية الأبرز، في خطوة قد تساعده على مجابهة الأزمات التي تحيط به من كل حدب وصوب.

هذا الأمل العراقي يصطدم بتجارب سابقة "لم تتكلل بالنجاح"، بعدما كان وُعد سابقاً بتنظيم البطولة الخليجية، التي تحظى باهتمام كبير لدى شعوب المنطقة، في خمس مناسبات سابقة، وهنا يدور الحديث حول دورات الخليج 20 و21 و22 و23 و24.

زيارة قد تزيد الحظوظ

وفد التفتيش الخليجي زار مدينة البصرة الساحلية المرشحة لاستضافة "خليجي 25"، خلال الفترة ما بين 4 و7 أبريل/نيسان 2021، وذلك بعدما تأجلت الزيارة التي كانت مقرَّرة في الفترة ما بين 25 و28 يناير/كانون الثاني الماضي.

رئيس مجلس الوزراء العراقي الكاظمي يؤدي زيارة إلى المدينة الرياضية بمحافظة البصرة العراقية (Others)

أقلّ من ثلاثة أشهر كانت كفيلة بمحو الانطباع الذي ساد بعد تأجيل الزيارة الأولى، بسبب مشكلات إدارية كما وصفها وزير الشباب والرياضة العراقي عدنان درجال، الذي قال إن ما حدث يعود إلى "خطأ فني نتج عن عدم إرسال تأشيرات الدخول بالكامل إلى الوفد الخليجي".

لكن ذلك اختلف تماماً في الزيارة الأخيرة، التي استهلها رئيس الوفد الخليجي حميد الشيباني، عندما قال إن العراق "يمتلك عصا السبق في تضييف البطولة، وهو الأجدر بعد سحب دولة قطر ملفها".

ويشير المسؤول في الاتحاد الخليجي إلى قرار اتحاد كرة القدم القطري، أواخر مارس/آذار الماضي، الاعتذار عن استضافة البطولة كدولة بديلة في حال تعذرت إقامتها في البصرة، مؤكداً في الوقت عينه "دعم العراق لما تمثّله البطولة من حيوية للشعب العراقي والجماهير الكروية".

وفي ختام الزيارة عقد وفد التفتيش الخليجي، مؤتمراً صحفياً ضمّ أيضاً محافظ البصرة أسامة العيداني وآخرين، أكد خلاله الشيباني، أن مهمة الوفد تُعَدّ "روتينية تشمل جميع الدول التي تتقدم بملفات استضافة البطولات".

وعبّر عن "رضاه التامّ على ما شاهده من تحضيرات جيدة، تمثّل رسائل اطمئنان إلى الإخوة في الاتحادات الخليجية بأن العراق أكمل ما عليه، وأن الملاحظات التي سجلها الوفد هي ملاحظات فنية عامة".

"البصرة جاهزة"

المتحدث الرسمي باسم وزارة الشباب والرياضة العراقية موفق عبد الوهاب، يقول إن ملفّ استضافة البصرة لـ"خليحي 25"، ليس جديداً على طاولة نقاش الاتحاد الخليجي لكون العراق يسعى منذ دورات سابقة لتنظيم هذه البطولة، وهو حقّ طبيعي مثل بقية دول الخليج المشاركة.

ويؤمن عبد الوهاب في حديثه لـTRT عربي، أن البصرة جاهزة هذه المرة للاستضافة الخليجية بنسبة مئة في المئة، خلافاً للمرات السابقة في ظل الظروف التي كان يمرّ بها العراق، لكنه شدّد في الوقت نفسه على أنه "لا شيء مثالي"، وفق وصفه.

ولفت إلى أن اللجنة اطّلعت خلال زيارتها على المشاريع والملاعب والمنشآت والخدمات الصحية وغيرها من الأمور التي تتطلبها الاستضافة، لافتاً إلى أن اللجنة أشارت إلى نقاط إيجابية عدة في هذا الملف وطالبت بتلافي أمور أخرى -لم يسمِّها- لإتمام الاستضافة.

وفضّل المسؤول العراقي عدم الحديث عن نقاط قوة الملف العراقي أو ضعفه، تاركاً المجال للجنة الخليجية، مكتفياً بالقول إن بعض الأمور اللوجستية والأخرى التي تتعلق بالبنية التحتية من طرق وخدمات "قيد الإنشاء، وحال اكتمالها ستكون نقاط قوة لا ضعف".

وشدّد على الاهتمام الحكومي باستضافة "خليجي 25"، متمثلاً بالرئاسات الثلاث (الجمهورية والبرلمان ومجلس الوزراء).

ويؤكّد أن الانطباعات لدى وزارة الشباب والرياضة العراقية "إيجابية جداً لأبعد الحدود"، مستشهداً بما قالته اللجنة التفتيشية أكثر من مرة حول قوة ملف البصرة، وأن نقاط قوة ملفها تفوق بكثير نقاط الضعف.

وخلص في ختام حديثه إلى أن اللجنة رفعت تقريرها بـ"ضرورة تنظيم البصرة للبطولة"، وهو ما يفرض على العراقيين، وفق قوله، ضرورة الاستعداد منذ الآن لاستضافة بطولة يشار إليها بالبنان.

ملف البصرة

"منذ عام 1979 حتى الآن" لم يحظَ العراقيون بفرصة استضافة كأس الخليج للمرة الثانية، وهو ما يضفي قوة على ملف البصرة، بخاصة في ظل المحاولات الخليجية لإعادة العراق إلى الحضن العربي، مع توالي زيارات المسؤولين العراقيين لدول الخليج، وكان آخرها قطر والسعودية والإمارات.

ولكون العراق بلداً مثقلاً بالأزمات منذ سنوات طويلة، تمنّي الجماهير العراقية النفس بالفوز بشرف الاستضافة، ورؤية المنتخبات الخليجية تلعب في العراق، وسط توقعات بأن يملأ المشجعون مدرجات الملاعب المرشحة للاستضافة عن بكرة أبيها، وذلك على مدار أسبوعين من التنافس الكروي فوق المستطيل الأخضر.

وتستند هذه التوقعات إلى كون البصرة، التي تقع في أقصى جنوبيّ العراق على الضفة الغربية لشط العرب، بعيدة نسبياً عن التوترات الأمنية التي يشهدها العراق بين فترة وأخرى، ومن بينها تفجيرات في أماكن وساحات عامة، كما أن طقسها العامّ قريب من أجواء الخليج المناخية.

زيارات خليجية سابقة

ويقف ملف العراق على أرضية صلبة هذه المرة بعد زيارة أكثر من منتخب خليجي مدينة البصرة، وخوض مباريات ودية استعدادية، بدأها منتخب السعودية عندما واجه "أسود الرافدين"، وهو لقب منتخب العراق، وذلك على أرضية ملعب "جذع النخلة"، نهاية فبراير/شباط 2018.

كما حل المنتخب القطري ضيفاً على العراق للمشاركة في بطولة الصداقة الدولية الثلاثية التي أقيمت في مارس/آذار 2018، احتفاءً برفع الحظر المفروض من قبل الفيفا عن ملاعب البصرة وكربلاء وأربيل.

وفي 27 يناير/كانون الثاني الماضي استضافت البصرة منتخب الكويت، صاحب الرقم القياسي في عدد مرات الفوز بكأس الخليج (10 مرات)، لمواجهة نظيره العراقي، في إطار المساعي للترويج للمدينة الساحلية وقدرتها على تنظيم المباريات والبطولات.

مؤشرات ونواقص

من جانبه يرى محرر الشؤون الرياضية في صحيفة "المدى" العراقية إياد الصالحي، أنه "لا يمكن المبالغة في تصور قرب تنظيم البصرة لكأس الخليج 25 من عدمه، في ضوء الحراك الرسمي على المستويين الحكومي في العراق والاتحاد الخليجي".

ويلفت الصالحي في حديثه لـTRT عربي، إلى أن المدينة العراقية شهدت فاعليات أوسع في عهد الحكومات العراقية السابقة، لكنها وفق قوله "لم تكن مؤثرة في إقناع المعنيين الملتزمين بوصلةً محدَّدةَ الاتجاه والشروط لأي دولة تسعى جاهدة لنَيل شرف الاستضافة الخليجية".

ومع ذلك يوضح أنه قُيّم تكامل ملف البصرة في ختام زيارة اللجنة التفتيشية بنسبة 80%، وهو ما اعتبره "مؤشراً يعزّز ثقة الاتحاد الخليجي بإمكانية تشطيب جميع أوجه النقص المتبقية من مؤشرات فنية وإدارية وخدمية وهندسية".

كما يُعتقد أن هذه النسبة "تشجّع رؤساء الاتحادات الخليجية على التصويت بـ(نعم) غير مشروطة، في أواخر أبريل/نيسان الجاري"، ومع ذلك فقد أشار إلى إمكانية تأجيل إقامة البطولة إلى مطلع العام المقبل بسبب تقارب موعدها مع انطلاق كأس العرب في قطر، التي تحظى بدعم الفيفا، أواخر العام الجاري.

وتساءل قائلاً إنه "لا يعرف مدى كفاية الأشهر المتبقية ما بين تسليم منشآت (خليجي 25) كاملة تحت تصرُّف اللجنة المنظمة المشتركة بين العراق والاتحاد الخليجي، وبين الأحداث والمتغيّرات الطارئة التي تواجهها المنطقة".

وخصّ الصحفي الرياضي العراقي المخضرم، بالذكر "التفشّي المتزايد لجائحة كورونا"، متسائلاً من جديد بقوله: "هل ستكون الإجراءات الصحية العراقية عالية المستوى قُبيل بدء البطولة، وتسير على نسق واحد من الترتيبات الخاصة بتحضير الملاعب والفنادق والمستشفى التركي والدعائم اللوجستية الأخرى؟".

وطالب الصالحي الجهات المعنية في العراق بتشكيل لجنة عليا تمارس واجباتها على قدم وساق "بلا نظر إلى تقارير لجنة التفتيش أو ما يصدر من قرار خليجي بشأن مصير الملف عبر اجتماعات دورية واستثنائية"، مشدداً على ضرورة تضافر جهود مختلف الشركاء كافة على غرار محافظة البصرة واتحاد كرة القدم، لتجاوز آثار الحظر الدولي الذي كان مفروضاً على العراق وحرمانه من استضافة مبارياته الدولية الرسمية، منذ أكثر من ثلاثة عقود مع استثناءات في مناسبات محدودة.

دعم حكومي

وقبل أيام من اتخاذ الأسرة الكروية الخليجية قراراً نهائيّاً بشأن هُوية البلد المضيف للنسخة المقبلة من كأس الخليج، تصاعد الاهتمام الحكومي الذي ظهر في عدة زيارات، كان أبرزها زيارة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي لمحافظة البصرة بصحبة وزير الشباب والرياضة عدنان درجال.

وذكر بيان صادر عن المكتب الإعلامي للكاظمي أن "العراق حريص على إكمال كل ما يتعلق بملف (خليجي 25)، الذي يعكس سمعة العراق ويُظهِر قدرته على استضافة مختلف الأنشطة والفاعليات الرياضية".

وتَفقَّد الكاظمي، خلال زيارته، المدينة الرياضية في البصرة، واطّلع على ملعب "جذع النخلة" (65 ألف متفرج)، وملعب الفيحاء (10 آلاف متفرج)، كما تَجوَّل في باقي مرافق المدينة الرياضية، فضلاً عن زيارة مشروع ملعب نادي الميناء الأوليمبي (30 ألفاً)، وذلك لتفقُّد سير أعمال البناء فيه.

وبعد يوم من الجولة، أكد الرئيس العراقي برهم صالح خلال لقائه محافظ البصرة "دعمه استضافة المدينة كأس الخليج"، من أجل "تجسيد روح الأخوّة والصداقة المشتركة"، واصفاً إياها بأنها "خطوة كبيرة نحو تلبية طموح الشارع الرياضي العراقي إلى استضافة البطولات الدولية".

TRT عربي
الأكثر تداولاً