كيف يهدّد الذكاء الصناعي صحة ملايين حول العالم؟ / صورة: Reuters (Dado Ruvic/Reuters)
تابعنا

يراهن مطورو الذكاء الصناعي على أن تلعب هذه التكنولوجيا، في المستقبل القريب، دوراً كبيراً في مجال الصحة العامة، ذلك عبر أنظمة كشف الأمراض، وتحليل البيانات الصحية، والتحديد الدقيق للبروتوكولات العلاجية التي تحتاج إليها أي من الحالات المعروضة عليها.

في المقابل، يدقّ خبراء الصحة العامة ناقوس الخطر بشأن هذا الأمر، لما يمكن لهذه التكنولوجيا أن ترتكبه من أخطاء جسيمة قد تهدّد حياة ملايين حول العالم، بما في ذلك مخاطر الذكاء الصناعي على الصحة النفسية والعقلية، تُضاف إلى ضعف الوعي بمساراتها العلاجية.

يهدّد صحة ملايين

وحذّر مهنيو الصحة العامة من بريطانيا والولايات المتحدة وأستراليا وكوستاريكا وماليزيا، في مقال على مجلة "BMJ Global Health"، من المخاطر التي قد يمثِّلها الذكاء الصناعي على صحة ملايين حول العالم.

ووفق المقال، فإن مخاطر الذكاء الصناعي المرتبطة بالطب والرعاية الصحية "تشمل احتمال تسبُّب أخطاء الذكاء الصناعي في إلحاق الضرر بالمرضى، وفيما يتعلق بخصوصية البيانات الصحية وأمنها، بالإضافة إلى إمكانية استخدامه بطرق من شأنها أن تفاقم عدم المساواة الاجتماعية والصحية".

ومن أمثلة الأخطاء الممكن أن يرتكبها الذكاء الصناعي في ميدان الصحة، حسبما ذكر المقال، مقياس الأكسيجين النبضي الذي يعمل بالذكاء الصناعي، والذي أظهر مبالغة في تقدير مستويات الأكسيجين في الدم لدى المرضى ذوي البشرة الداكنة، مما أدى إلى سوء علاج نقص الأكسيجين لديهم.

بالإضافة إلى هذا، يمكن للذكاء الصناعي أن يضرّ بصحة ملايين من خلال المحددات الاجتماعية للصحة من خلال التحكم في الأشخاص والتلاعب بهم، والآثار الصحية العقلية للبطالة الجماعية في حالة إزاحة الأنظمة القائمة على الذكاء الصناعي أعداداً كبيرة من العمال.

وأضاف المقال: "نعلم بالفعل أن البطالة مرتبطة بقوة بالنتائج الصحية والسلوكيات السلبية الناتجة عنها (...)، علاوة على ذلك، نحن لا نعرف كيف سيستجيب المجتمع نفسياً وعاطفياً لعالَم يكون فيه العمل غير متوفر أو غير ضروري، ولا نفكر كثيراً في السياسات والاستراتيجيات التي ستكون ضرورية لكسر الارتباط بين البطالة والمخاطر الصحية".

تهديدات للصحة العقلية

لا يزال الضرر المحتمَل للذكاء الصناعي على صحتنا العقلية مسألة خلافية بين خبراء علم النفس والصحة العقلية، لحداثة هذه التكنولوجيا وتطورها المتسارع، وعلى الرغم من الإقبال الكبير الذي تشهده من مستخدمي الإنترنت في نطاقهم الواسع، فإن هذا لا ينفي خروج بعض الخبراء عن صمتهم، محذّرين من مخاطر محتمَلة قد تنتج عن هذا الذكاء.

من هؤلاء الخبراء بيلي ويلكرسون، الرئيس التنفيذي للمنظمة الدولية للصحة العقلية، الذي أشار إلى أن احتمالية قدرة الذكاء الصناعي على تعويض عدد من الوظائف وتغيير شكل العمل بتقليل الاعتماد على العامل البشري، سيجعل منه "سبباً قوياً لضغط عميق وخطير مع القدرة على إحداث اجترار يتنبأ بدوره بالاكتئاب".

ويضيف ويلكرسون أن "التوتر العميق هو أصل الإحباط الشديد والخوف والغضب وعدم اليقين، وهو ما يمكن أن يهدّد إحساس الفرد بالهوية الشخصية والوعي الذاتي"، ناهيك بأنه "قد يضاعف عبء الأمراض العقلية، لأن احتمال فقدان الوظيفة لصالح الذكاء الصناعي، سيجعل الإجراءات المضادة للمرض العقلي طويلة الأجل".

من جانبها تحذّر مديرة العلاقات الإعلامية في مكتب الاتصالات الطبية بجامعة كولورادو لورا كيلي، من المخاطر الطبية المطروحة لأنظمة الذكاء الصناعي المطروحة في السوق، مثل "شات جي بي تي"، مشيرة إلى أنها تمنح الوهم للمستخدم بإمكانية أن تحلّ محلّ الخبرة الطبية في التعامل مع المرض العقلي، وهو ما قد يؤثّر في الحالات المصابة.

وتضيف كيلي أن "تضليل هذه البرامج للأشخاص بالنصائح المتعلقة بالنظام الغذائي أو الوزن قد تؤدِّي إلى اضطراب فقدان الشهية العصابي، خصوصاً إذا كان شخص ما عرّضة لهذا الاضطراب". وتشدّد على أن هذا الأمر "خطير جدّاً، إذ يلعب مباشرة في حساب الهوس بالسعرات الحرارية والنظام الغذائي التقييدي الذي يصيب أولئك الذين يعانون من الأنوركسيا".

TRT عربي
الأكثر تداولاً