من الأفضل في إنجاز الأعمال المنزلية الرجل أم المرأة؟ (news.gallup.com)
تابعنا

دائماً ما تكون مسألة مشاركة الأعمال المنزلية بين الشريكين محل جدل كبير. ويزداد الأمر إلحاحاً مع حضور المرأة في المجال العام، ودخولها سوق العمل بقوة، إضافة إلى حصولها على الدرجات العلمية وتفوقها على أقرانها من الرجال، عكس عصور ماضية شهدت سيطرة ذكورية على المجال العام، وخلّفت سمة عزوف الرجل عن المشاركة في الأعمال المنزلية.

وتوصلت الكثير من الدراسات الحديثة إلى نتائج هامة حول أهمية المشاركة في الأعمال المنزلية، وتفيد بأن غالب المجتمعات حول العالم لا تزال تعاني من صور نمطية ومعتقدات راسخة خاطئة.

صور نمطية وعواقب اجتماعية

تُظهر دراسات أمريكية أُعدّت خلال الأعوام الماضية، أن الوعي الجمعي لأغلب المجتمعات حول العالم ما زال يمتلئ بصور نمطية تعتبر الأعمال المنزلية واقعة على عاتق المرأة وحدها، وأن الأمر متأصّل غريزياً بدرجة تجعل تغييره بطيئاً للغاية.

وتؤكّد إحدى الدراسات أن المرأة تقوم بهذه الأعمال بنسبة أكبر عندما تعيش مع رجل، على نحو يزيد عمَّا تفعل عندما تعيش بمفردها. وتكشف دراسة أخرى أنه على الرغم من أن الرجال أصبحوا يقضون وقتاً أطول في المهام المنزلية مقارنة بالأجيال السابقة، فإنهم عادة ما يتجنبون الأعمال "الأنثوية التقليدية" مثل الطهي والتنظيف.

وتقول سارة ثيبود، عالمة الاجتماع بجامعة "كاليفورنيا-سانتا باربرا" ومؤلفة إحدى الدراسات: إنه "من المعتاد أن يتم الحكم على النساء بشكل سلبي لوجودهن بمنزل فوضوي، بينما لا توجد عواقب اجتماعية مماثلة حيال حدوث نفس الأمر مع الرجال"، فلا يتَوقّع من الرجال أن يكونوا منظمين ونظيفين في منازلهم، ولا يُنظر إليهم سلباً مثلما يحدث مع النساء.

تحطيم خرافة الأم الخارقة

بعد بحث معمقٍ تخللته مقابلات مع أكثر من 70 شريكاً من الجنسين، توصلت أليسون دامينجر، الباحثة في علم الاجتماع والسياسة الاجتماعية بجامعة هارفارد، إلى أن المهارات التنظيمية المتعلقة بالأعمال المنزلية لا ترتبط بجنس بعينه، بل هي مهارات تُكتسب بالممارسة.

تسعى دامينجر إلى تحطيم ما أسمته بـ"خرافة الأم الخارقة"، التي يُطلب منها التوفيق بين أدوارها المنزلية من تنظيف وترتيب البيت، وبكاء طفلها، والتخطيط لوجبات الطعام وطهيه، وفوق كل ذلك أن تساهم في سوق العمل بإنتاجية تكافئ الرجل.

وتتبع الباحثة بجامعة هارفارد أنماطاً متقاربة ظهرت من خلال المقابلات التي أجرتها، والتي تتلخص في وجود معتقدات راسخة في أذهان الزوجات بأنهن قادرات على توقّع احتياجات الأسرة وملاحظة المشاكل المحتملة، وفي المقابل يرى الأزواج أنهم أجدر بالتعامل مع الأفكار الكبيرة عوضاً عن التفاصيل الدقيقة.

وبمرور الوقت، تتكوّن قناعة لدى كل شريك أنه منوط به مهام محددة، إذ ترى المعتادات على التخطيط داخل المنزل أنهن قادرات على حل المشاكل بشكل مبدع وتفصيلي، بينما يظن الرجال الذين يتجنبون تلك المهام أنهم غير قادرين على القيام بها لأنهم كثيرو النسيان وذوو شخصيات غير منظمة.

وتستخلص دامينجر أن السمات الشخصية التي نعتقد أنها فطرية، مبنية في الأساس على سياق مجتمعي يمكن تغييره من خلال تأسيس قناعات صحية جديدة تنبني على المشاركة والتعاون حول الواجبات المنزلية بين الشريكين.

نحو علاقات صحية ومجتمع سوي

أفادت مؤسسة "غالوب" للتحليلات والاستشارات، أنه منذ عام 1996 شهد المجتمع الأمريكي تحولاً بطيئاً، إذ بدأ الرجال يشتركون مع نسائهم تدريجياً في القيام بالأعمال المنزلية، وأصبحت النساء تتعامل مع التنظيف والأعمال اليومية بشكل أقل.

وتفيد إحصاءات حديثة صادرة عن وزارة العمل الأمريكية أن المرأة الأمريكية تقضي متوسط 2.3 ساعة يومياً لقضاء الأعمال المنزلية، في المقابل يقضي الرجل 1.4 ساعة فقط.

وتوصّلت دراسة أجرتها جامعة "ويك فورست" بالولايات المتحدة إلى أن مشاركة الأزواج في الأعمال المنزلية الدقيقة، كالتنظيف وترتيب البيت وغسل الملابس والصحون، تساهم في خلق علاقة قوية وسعيدة بينهم وبين شريكات حياتهم، وتتحسن كذلك نظرتهم لأنفسهم.

وتذهب دراسة أجراها خبراء بالمركز الأمريكي التقدمي، إلى أن عدم مشاركة الأزواج في المهام المنزلية يعمّق من الفروق المجتمعية ويزيد من فجوة المساواة بين الجنسين، فالوقت الذي تقضيه النساء في العمل المنزلي هو غير مدفوع الأجر، لذا يكون له تداعيات على حياة المرأة وإمكانية تطويرها لذاتها ومضيها قدماً في حياتها المهنية.

وكثيراً ما يتذرّع الرجال الشرقيون بالدين لتبرير انعدام مشاركتهم في المهام المنزلية، زاعمين أن الدين يُلزم المرأة بتأدية الواجبات المنزلية، غير أن الإسلام على سبيل المثال يحث على ما هو عكس ذلك تماماً.

ويقول الشيخ إبراهيم رضا، أحد علماء الأزهر الشريف، في لقاء على فضائية صدى البلد المصرية، إن السيرة النبوية تعكس تعاون الرسول مع زوجاته في الواجبات المنزلية، وكان النبي "يخصف نعله، ويرقّع ثوبه، ويحلب شاته". وأردف الشيخ رضا أن الإسلام لم يأمر قط بخدمة المرأة لزوجها، بل جاء في الحديث أن "النساء شقائق الرجال"، وأن النبي كان يشارك أهل بيته بنفسه في إعداد الطعام.

TRT عربي
الأكثر تداولاً