حادثة فينيسيوس تفضح تفشّي العنصرية في الدوري الإسباني؟ / صورة: Vini Jr/Twitter (Vini Jr/Twitter)
تابعنا

عاش مهاجم نادي الريال مدريد، البرازيلي فينيسيوس جونيور، أحداثاً مؤلمة خلال مباراة فريقه يوم الأحد، ضدّ نادي فالينسيا، إذ عمد جمهور الفريق المستضيف (فالينسيا) إلى الهتاف بألفاظ عنصرية ضد اللاعب، عيّروه فيها بلون بشرته الأسمر وطالبوا بموته.

وتوقفت المباراة لمدة 5 دقائق بسبب الصيحات العنصرية التي وُجّهَت إلى فينيسيوس من جماهير فالنسيا. وفي تقرير المباراة كتب الحكم ريكاردو دي بيرجوس: "إهانات عنصرية: في الدقيقة 73 من عمر المباراة، وقف متفرج من المدرج الجنوبي، خاطب لاعب ريال مدريد فينيسيوس وهو يصرخ في وجهه: قرد، قرد".

وبعد المباراة كتب فينيسيوس على موقع إنستغرام: "ما ربحه العنصريون هو طردي، هذه ليست كرة قدم. العنصرية أمر طبيعي في الليغا (الدوري الإسباني)". وكان المهاجم البرازيلي تلقى بطاقة حمراء في الدقيقة السابعة من الوقت المحتسب بدلاً من الضائع للشوط الثاني، بعد أن ضرب هوغو دورو لاعب فالنسيا بلا كرة.

ولقي فينيسيوس جونيور، بعد الأحداث التي كان ضحيتها، تضامناً عالمياً واسعاً. فيما لم تكن هذه الأحداث الأولى في تاريخ "لا ليغا" الإسبانية المعاصر، ولم يكن فينيسيوس أول من تعرض لها، ما جعل أصواتاً عديدة ترتفع مطالبة بالتدخل للحدّ من هذه الظاهرة الشائنة.

حملة تضامن واسعة

وكان أول المتعاطفين مع فينيسيوس جونيور، النادي الذي يلعب جناحاً أيسر في صفوفه، ريال مدريد الذي كشف في بيان يوم الاثنين، أن رئيسه فلورنتينو بيريز التقى اللاعب "كي يُعرب له عن دعمه وعاطفته، ويطلعه على كل الخطوات المُتّخَذة دفاعاً عنه، وليؤكد له أن النادي سيذهب إلى أقصى حدّ في مواجهة هذه الحالة المقززة من الكراهية".

وأردف النادي الإسباني بأن "مثل هذه الهجمات تشكّل أيضاً جريمة كراهية، لهذا قدّم شكوى أمام النيابة العامة للدولة، تحديداً النيابة العامة ضدّ جرائم الكراهية والتمييز، كي يُحقَّق في الوقائع وتُوضَّح المسؤوليات".

ومن جانبه، أعلن رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جياني إنفانتينو يوم الاثنين، عن تضامن "الفيفا" مع فينيسيوس جونيور. وقال إنفانتينو في بيان صحفي: "نتضامن تماماً مع فينيسيوس. لا مكان للعنصرية في كرة القدم أو في المجتمع، ويدعم الاتحاد الدولي لكرة القدم جميع اللاعبين الذين يواجهون هذه المواقف".

بالمثل أعرب حارس مرمى منتخب بلجيكا ونادي ريال مدريد تيبو كورتوا، عن تضامنه ودعمه لزميله في النادي. وقال كورتوا: "لو قال فينيسيوس سأترك الملعب كنت سأترك معه. لا يمكن تَحمُّل هذا الأمر"، مؤكداً أنه سمع "أصوات القردة نحو الدقيقة العشرين" خلال المباراة.

وانضمّ عدد من نجوم كرة القدم العالمية إلى حملة التعبير عن تعاطفهم مع المهاجم البرازيلي، ومن بينهم النجم المغربي وظهير نادي باريس سان جيرمان الفرنسي أشرف حكيمي، الذي كتب على حسابه في إنستغرام: "نحن معك يا أخي"، وأيضاً نجم المنتخب الفرنسي كيليان مبابي الذي كان تَعرَّض كذلك لإهانات عنصرية سابقاً في فرنسا، وكتب أيضاً: "لست وحدك، نحن معك وندعمك".

ومن أبرز المتضامنين من خارج وجوه الرياضة كان الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا، الذي قال في مؤتمر صحفي على هامش مشاركته في قمة مجموعة السبع بهيروشيما: "أودّ التعبير عن تضامني مع لاعبنا البرازيلي، شابّ فقير نجح في حياته وأصبح من أفضل لاعبي العالم، وبالتأكيد هو أفضل لاعب في ريال مدريد، ويتعرض لهجوم في كل ملعب يظهر فيه".

وأضاف لولا: "من المهم أن يتّخذ الفيفا ومسابقات الدوري في دول أخرى قرارات حقيقية، لأنه لا يمكن السماح للفاشية والعنصرية بالهيمنة على ملاعب كرة القدم". وفي ذات السياق أطفأت مدينة ريو دي جانيرو أنوار أشهر تمثال في المدينة، تمثال "المسيح الفادي"، تضامناً مع اللاعب البرازيلي.

وظهر اسم فينيسيوس في أكثر من 600 ألف تغريدة على تويتر، إلى جانب التضامن معه عبر وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى، حسب ما كشفته وكالة الأناضول.

فضح عنصريّة "لا ليغا"

لم تكن هذه المرة الأولى التي يتعرّض فيها فينيسيوس جونيور لإهانات عنصرية من جماهير الفريق الخصم، وليست الوحيدة خلال الموسم الجاري. ففي مارس/آذار المنصرم رفع اتحاد كرة القدم الإسباني دعوى قضائية ضد جماهير نادي برشلونة، إثر مباراة جمعت الناديين "ظهرت فيها مجدداً تصرفات عنصرية لا يمكن التسامح معها، ضد فينيسيوس جونيور" وفق بيان الاتحاد.

ليس مهاجم ريال مدريد اللاعب الوحيد الذي واجه مثل هذه التصرفات داخل الملاعب الإسبانية، بل غيره كثير من اللاعبين الآخرين في مختلف أندية البطولة، وهو ما اعترف به رئيس الاتحاد الإسباني لكرة القدم لويس روبياليس في مؤتمر صحفي يوم الاثنين قائلاً: "لدينا مشكلة السلوك والتعليم والعنصرية في بلادنا".

غير أن واقعة اللاعب البرازيلي الأخيرة تفضح أكثر العنصرية المتفشية في كرة القدم الإسبانية، بعد انتقادات وُجّهَت إلى حكم المباراة بأنه لم يطبّق بروتوكولات مكافحة العنصرية في الملاعب التي تسنّها "الفيفا" تطبيقاً سليماً.

وينصّ بروتوكول الاتحاد الدولي المكوَّن من ثلاث خطوات، في حال حدوث مثل هذه الأحداث، على وقف المباراة مؤقتاً حتى إصدار إعلان بالملعب يطالب بوقف الانتهاكات العنصرية، وهو ما حدث في مباراة الأحد. والخطوة الثانية، بعد أي إساءة أخرى، هي إخراج اللاعبين مؤقتاً من الملعب. والخطوة الثالثة، إذا استمرت الهتافات العنصرية، هي وقف المباراة وإعطاء الخصم ثلاث نقاط.

وحسب زملاء فينيسيوس، ومن بينهم الحرس تيبو كورتوا، دامت هذه الانتهاكات "ما يقارب عشرين دقيقة"، وهو ما أكده مدرب النادي كارلو أنشيلوتي بقوله: "كان لا بد من تطبيق البروتوكول عندما وصلت حافلة الفريق إلى الاستاد، لأن الشتائم بدأت هناك (...)، قبل ساعتين من المباراة، لم تكن حالة منفردة -قال شخص من فالنسيا إنها كانت- بالتأكيد، لم يكن هناك 46 ألف شخص، ولكن لم يكن واحد أو اثنان".

وحسب وكالة الأنباء الفرنسية، أظهرت مقاطع فيديو الاثنين، جماهير فالنسيا وهم يهتفون "فينيسيوس أنت قرد"، عند وصول فريق ريال مدريد إلى ميستايا.

من جانبه وافق مدرب نادي برشلونة شافي هرنانديز نظيره المدريدي أنشيلوتي في الرأي، مؤكداً أنه كان على الحكم وقف المباراة، وقال شافي: "إذا حدثت إهانة، فعليك وقف اللعبة، عليك أن تتوقف عن كل هذا، وقد حان الوقت لنقول كفى، لست مضطرّاً إلى تحمل كل أنواع الإهانات في أثناء ساعات عملي".

واستبعدت لجنة التحكيم الإسبانية الحكم إيغناسيو إيغليسياس فيانويفا الثلاثاء، من مباراتيه المقبلتين، لدوره في البطاقة الحمراء التي مُنحت لفينيسيوس جونيور خلال مواجهة فالنسيا الأحد الماضي. وذكرت وسائل إعلام إسبانية أن الحكم البالغ من العمر 47 عاماً أُقيلَ على الرغم من أن الاتحاد الإسباني لم يؤكد ذلك ردّاً على سؤال.

TRT عربي
الأكثر تداولاً