تابعنا
مأساة متفاقمة، ووضع صحي متردٍّ يهدّد بكارثة إنسانية حال اجتاحت كورونا أراضي القطاع المحاصر، والفقير على كل المستويات.

يعاني كثير من الأطفال في قطاع غزة من تفاقم الأمراض التي تنخر أجسادهم الصغيرة يوماً بعد يوم، وهم ينتظرون الأمل في العلاج، في بلاد تمنحهم الشفاء خارج حدود القطاع المحاصر.

تتزايد يومياً أعداد الأطفال الفلسطينيين المدرجةِ أسماؤهم على لوائح انتظار معابر وحواجز الاحتلال الإسرائيلي ليُسمَح لذويهم بنقلهم إلى الأردن أو غيره من البلدان العربية لتلقي العلاج الفوريّ، ومنحهم فرصة الشفاء من أمراض تفتك بطفولتهم وبأحلامهم البريئة في ظل غياب الإمكانات الصحية لعلاجهم داخل أروقة المستشفيات وغياب المراكز الصحية في غزة.

ومع جائحة كورونا التي اجتاحت العالم بأسره، وكبّلت الحياة الطبيعية في كل الدول، تصل أزمة الأطفال الفلسطينيين المرضى إلى ذروتها، ليقبعوا بين مطرقة التنسيق الأمني وسندان مرض آخر يهدّد حياتهم أكثر من غيرهم، ويقع الأهالي بين مخاوف أي المرضين سيفتك بأطفالهم قبلاً.

الطفلة ميرا، واحدة من أطفال القطاع المحاصَر، أصبح من غير المسموح لها السفر لتلقي العلاج المناسب لمرضها الذي حرمها نور عينها اليسرى، بسبب توقف التنسيق الأمني بين السلطة و(إسرائيل) من جانب، وعلى أثر جائحة كورونا على الجانب الآخر.

يعاني والدا الطفلة ميرا كثيراً بسبب الورم الخطير في عينِ طفلتهما الصغيرة، وهذا المرض لا يمكن معالجته في قطاع غزة، حتى في المراكز المتخصصة بالأمراض السرطانية، مما دفع الوالدين إلى طَرق كل الأبواب والسعي بكل الطرق للسفر بطفلتهما إلى بلد يمكن فيه التعامل مع حالتها المرضية قبل فوات الأوان.

وسط معاناة (ميرا) من المرض الذي يصيبها بآلام موجعة في الرأس والعين اليسرى، منذ خمسة أشهر كاملة حاول فيها الوالدان التوسط لدى كل الجهات الحقوقية والصحية والصليب الأحمر، لمنح طفلتهما تأشيرة الأمل بالعلاج، كانت الوالدة السيدة مريم تروي قصة طفلتها الصغيرة وتأزُّم حالتها مع تأخُّر تحويل علاجها إلى بلد عربي مثل مصر أو الأردن، وهي في حالة يأس شديد مع انسداد الأفق أمامها وصراخ ابنتها المتزايد مع تزايد الألم كل يوم.

اقرأ أيضا:

بعد نجاح الوالدين في إيجاد تغطية مالية لعلاج طفلتهما، أخيراً، في المستشفى الأردني، قوبلت حالة طفلتهما بالرفض، إذ لم يُوافَق على تحديد موعد لها للعلاج في هذا المستشفى. هذا الأخير قال إن "حالتها لا علاج لها عندنا، بل في مركز الحسين للسرطان". وعندما توجها لمراسلة مركز الحسين لم يجدا أي ردٍّ حتى الآن لاستقبال الحالة أو رفضها، على أثر جائحة كورونا التي طوّقت الأردن كغيره من البلاد.

في الأصل ليس للمرضى في القطاع علاج مناسب، بخاصة أولئك الذين يعانون مشكلات صحية مزمنة، مع شحّ الإمكانات التي يعاني منها القطاع الصحي، مما يجعل المرضى يتوجهون تبعاً لذلك للعلاج في الخارج، عبر التحويلات التي توفرها وزارة الصحة والجهات المعينة، وقد رصد مركز الميزان لحقوق الإنسان في غزة عبر محاميه سمير المناعمة، المأساة التي أصبح عليها وضع المرضى، فـ"منذ أن أعلن الرئيس الفلسطيني العمل باتفاقيات أوسلو، واجه المرضى الفلسطينيون صعوبة كبيرة في الحصول على التصاريح، على اعتبار أن الشؤون المدنية وقسم تنسيق الصحة توقفا عن العمل، فلم يعُد لدى الفلسطينيين جهة يتوجهون إليها لتسهيل سفرهم للعلاج في الخارج".

اقرأ أيضاً:

إن توقف العمل بهذه الاتفاقيات وفشل السلطة في إيجاد طرق بديلة مع الضغوط الإسرائيلية السابقة "هدد حق الفلسطينيين في الحياة، وهناك أربع حالات بالفعل رصدها مركز الميزان توُفيَت مع هذه التغيرات التي حدثت بعد توقف التنسيق الأمني، علماً بأن الاحتلال حسب اتفاقية جنيف الرابعة مسؤول عن المنطقة المحتلة سواء من الناحية الصحية أو غيرها، لكنه يفعل عكس ذلك تماماً".

دعوات حقوقية لتدخل دولي لحل أزمة المرضى الفلسطينيين

دفع تفاقم أزمة المرضى الفلسطينيين في ظل جائحة كورونا الجهات الدولية والحقوقية إلى التدخل واتخاذ موقف حازم. وفي هذا السياق دعا مركز الميزان الحقوقي، في مقابلة خاصة مع TRT عربي، إلى "الضغط على دولة الاحتلال للسماح للفلسطينيين بالعلاج خارج قطاع غزة، وتوفير الإمكانات الصحية للقطاع، وإدخال المعدات والأجهزة الصحية المناسبة بكل سهولة وسلاسة، والوقوف بشكل حازم عند الممارسات العنجهية التي يمارسها الاحتلال مع الفلسطينيين المرضى لمنعهم من تلقي العلاج".

على جانب آخر يرصد الصليب الأحمر الفلسطيني ضمن منظومته العالمية تداعيات وقف العمل بالتنسيق الأمني على المرضى الفلسطينيين عموماً، وقد أقرّت المتحدثة باسم الصليب الأحمر في غزة الأستاذة سهير زقوت، في مقابلة خاصة مع TRT عربي، بتبعات الأمر، فـ"القيود المفروضة على قطاع غزة التي أتت عقب انتشار كوفيد-19، ووقف التنسيق الأمني، تركا أثراً مأساوياً في مرضى قطاع غزة"، وعليه توجه الصليب الأحمر بنداءات عاجلة لكلٍّ من الطرفين "الفلسطيني والإسرائيلي" لإيجاد حل لحصول الفلسطينيين على علاجٍ طبي مناسب ومتقدم في الخارج بكل سهولة وباتفاق مسبق ودائم بينهما.

الصليب الأحمر عبر متحدثته الرسمية أكد: "نحن نحاول المساعدة على خروج حالات حرجة من قطاع غزة لتلقي العلاج"، هذا يأتي مع تأكيد الصليب المستمر أنه "هيئة مستقلة غير مخوَّل إليها نقل المرضى أو توفير الدواء لهم".

يُذكر أن جائحة كورونا تصاعدت وتيرتها في كل من الضفة الغربية و(إسرائيل)، بالإضافة إلى كلٍّ من الأردن ومصر، البلدين اللذين غالباً ما يتوجه الفلسطينيون للعلاج في مستشفياتهما، الأمر الذي ضاعف الأزمة الصحية في القطاع، ومعها بات من الحتمي والعاجل إيجاد سبل بديلة لحسم هذه المعاناة، وإنزال الرحمة بهؤلاء المرضى، وغالبيتهم من الأطفال.

مع جائحة كورونا تصل أزمة الأطفال الفلسطينيين المرضى إلى ذروتها، ليقبعوا بين مطرقة التنسيقالأمني وسندان مرض آخر يهدّد حياتهم (TRT Arabi)
والدة الطفلة ميرا تروي قصة ابنتها وتأزُّم حالتها مع تأخُّر تحويل علاجها إلى بلد عربي مثل مصر أو الأردن، وهي في حالة يأس شديد مع انسداد  الأفق أمامها (TRT Arabi)
الطفلة ميرا واحدة من أطفال القطاع المحاصَر، أصبح من غير المسموح لها السفر لتلقي العلاج المناسب لمرضها (TRT Arabi)
TRT عربي