تابعنا
الحميات تعتبر من الأساليب الرئيسية في تخفيف الوزن. ولكن هل كل هذه الحميات مفيدة في عملية تخفيف الوزن أم أن هناك حميات صحية بعينها لا بدَّ من اتباعها؟

كثيراً ما نرى ونسمع بالحميات المبتدعة وهي عبارة عن حميات تنتشر عن طريق شبكة الويب والمجتمع المحيط، إذ تقدم وعوداً بالمعجزات لمعالجة السمنة بدون أي جهد وبفترات زمنية قصيرة جداً.

تعتبر الحميات الشائعة الجاذب الأكبر في مجتمعاتنا في ظل النسب المتزايدة والصادمة للسمنة وزيادة الوزن وما يرافقها وينتج عنها من أمراض مزمنة وغير مزمنة يعتبر بعضها قاتلاً.

فقد أشارت دراسات أجريت في عام 2013 إلى أن نسب السمنة كانت صادمة جداً، إذ تراوحت بين 30% و40% في دول مثل السعودية ومصر والعراق بينما فاقت 40% في ليبيا. وأشارت إحصائيات وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية عام 2016 إلى أن نسبة السمنة المفرطة في الجزائر وصلت إلى 27% تقريباً وفي البحرين 30% تقريباً وكانت اليمن أقل الدول في نسب السمنة المفرطة بنسبة 17% تقريباً.

كما أكدت تقارير منظمة الصحة العالمية عام 2019 أن نسب السمنة تضاعفت ثلاث مرات منذ سبعينيات القرن الماضي على مستوى العالم.

يلجأ الكثيرون إلى اتباع الحميات الشائعة وبطريقة عشوائية ومتكررة نتيجة لطرق تسويقية مضللة تصفها بالعلاج الأنسب لتحقيق الحلم بجسم مثالي، إضافة إلى ضعف الوعي العام صحياً وتغذوياً. 

من أهم مصادر الحميات الشائعة وسائل التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر والتي تهدف إلى جمع أكبر عدد من المتابعين بغض النظر عن الضرر الصحي المترتب عليها، فمثلاً انتشرت بالآونة الأخيرة الكثير من صفحات فيسبوك التي يديرها أشخاص غير مختصين بالتغذية وينشرون حميات لا أساس لها من الصحة، مثلاً مجموعة "لو نفسك تخس" التي انتشرت على نطاق واسع جداً، وتتضمن أصنافاً محددة من الطعام وبكميات محددة وقليلة جداً تُتبع من قبل أعداد مهولة من الأشخاص بدون أي أساس علمي.

هذا فضلاً عن المصادر الأخرى مثل المقالات التجارية المضللة في المجلات، وعلى صفحات الإنترنت.

إضافة إلى مجتمعنا المحيط بنا من أصدقاء وأقارب، إذ أثبتت الدراسات المتنوعة التي تناولت موضوع الحميات الشائعة أن معظم الحميات الشائعة تنتشر ويتم تناقلها بين الأصدقاء وأفراد العائلة وتُتبع على شكل مجموعات، إذ قامت بعض الدراسات بدراسة فئات من المجتمع ودلت نتائجها على أن النسبة الأكبر بما يتجاوز 50% اتبعوا الحميات الشائعة عن طريق الأصدقاء بينما كانت النسبة المتوسطة بما يقارب 30% اتبعوا الحميات عن طريق الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، ونسبة 20% تقريباً كانت من مصادر متفاوتة مثل المجلات أو بعض أعضاء القطاع الصحي مثل الممرضين والأطباء.

وكغيرها من المشاكل التي تواجهها مجتمعاتنا فإن الدراسات التي أجريت تعتبر غير كافية لتوضيح حجم الخطر الذي تسببه الحميات الشائعة والتي قد تصل إلى شعوب تنتشر فيها السمنة كمرض مزمن وبنسب عالية جداً. 

إذن هل سبق أن اتبعت حمية شائعة؟

في هذا المقال نعرّج على الخطر المترتب على اتباع الحميات الشائعة، إضافة إلى التعرف على الحمية الصحية، والأسس التي يجب أن تبنى عليها لعلاج السمنة بعيداً عن أي مضار صحية مزامنة للعلاج أو لاحقة له. 

بداية، الحميات غير الصحية والشائعة تقوم على مبادئ عديدة ومن أهمها:

أولاً: استثناء مجموعات غذائية معينة، والتركيز على مجموعات غذائية أخرى دون تعويض الفيتامينات والمعادن في المجموعات المستثناة، ما يؤدي إلى حدوث نقص في مخازن الفيتامينات والمعادن في الجسم، إذ يكون ذلك على حساب الإسراف في استهلاك فيتامينات ومعادن معينة والذي بدوره يؤدي إلى مشاكل صحية عديدة قد تستغرق سنوات للتخلص منها.

ومن أمثلة المشاكل الصحية ما تسببه حمية الكيتو دايت وهي حمية تركز على تناول البروتينات من لحوم وحليب بكميات غير مدروسة على حساب النشويات ما يسبب تساقط الشعر ويشكل إرهاقاً للكلى، ومشاكل صحية أخرى تؤثر على القلب والشرايين.

ثانياً: مبدأ السعرات الحرارية ويقوم على تخفيض السعرات الحرارية بشكل كبير أقل من المعدل الصحي وهو 1200 سعر حراري ضروري للجسم للعمليات الحيوية اليومية. وتؤدي هذه الحميات إلى الشعور بالضعف والوهن والدوخة واللعيان وهو الشعور بفقدان الرغبة بتناول الطعام مزامنة مع الصداع والشعور بالإعياء العام والشعور الدائم بالخمول والإرهاق.

تعمل الحمية السابقة على مبدأ تجويع الجسم لتحفيز حرق الدهون المخزونة كمصدر بديل للطاقة ولكنها سرعان ما تنقلب عكسياً؛ إذ يبدأ الجسم برد فعل عكسي بتخزين كل ما يستهلك من طاقة عن طريق الغذاء حفاظاً على الحياة.

وكمثال عليها حمية الـ400 سعر حراري، وحمية الخضراوات التي تركز على تناول الخضراوات لمدة 10 أيام، وحمية الصنف الواحد التي تركز على تناول صنف واحد من الطعام لمدة 3 أيام مثل حمية التفاح أو البطيخ وقد تستمر لفترة تكون شاملة لأكثر من صنف فمثلاً يتناول الشخص التفاح لمدة 3 أيام ثم اللحوم لمدة 3 أيام وهكذا.

ثالثاً: حميات شائعة بمبادئ متعددة مثل حمية البحر المتوسط وحمية فصيلة الدم والتي لا تقوم على أي أساس علمي ولا توجد أي دراسات علمية تثبت فاعليتها.

رابعاً: حميات تقوم على إدخال أو استعمال منتجات مرافقة كغذاء أو أعشاب مثل حمية الديتوكس، وحمية القرفة والتي تقوم على استهلاك كميات كبيرة من المنتج، ما يؤدي إلى تقليل كمية الطعام المستهلكة. وكأمثلة أخرى عليها حمية الباذنجان وحمية الملفوف وغيرها وهي طرق ملتفة تعيدنا إلى حميات السعرات الحرارية.

من الجدير بالذكر أن للحميات الشائعة نتائج يسهل ملاحظتها في عدد من الحالات ولكنها نتائج غير ثابتة؛ إذ سرعان ما يعاود الجسم اكتساب الوزن بمجرد التوقف عن تطبيق الحمية، والرجوع إلى النظام الغذائي العشوائي المتبع قبل الحمية.

تعمل الحميات الشائعة كذلك على زيادة مقاومة الجسم لفقدان الوزن، ما يؤدي إلى حدوث الثبات في الوزن وبخاصة بعد عمر الثلاثين.

ومما أثبتته الدراسات أن غالبية متبعي الحميات المبتدعة يتبعونها دون أي محاذير أو محددات بما يتعلق بالحالة الصحية كمريض السكري والقلب. إضافة إلى المحاذير المتعلقة بالفئات العمرية كالطفولة والمراهقة والتي قد تسبب الموت، ومشاكل النمو، وفشل الأعضاء وغيرها.

وهنا نصل إلى أن تتساءل عن الطريقة الصحيحة لإنقاص الوزن، والحصول على نتائج معقولة ومرضية دون أي تأثيرات صحية غير مرغوب فيها؟ 

إن الطريقة الصحيحة لإنقاص الوزن هي باتباع حمية صحية قليلة السعرات الحرارية يقوم خبير التغذية بتحضيرها لك بشكل فردي بناءً على عوامل عديدة وهي:

أولاً: وزن الشخص وطوله اللذان يحددان تقييمه التغذوي، وحالته التغذوية. كما يحددان الهدف وهو عدد الكيلوغرامات التي يجب فقدانها للوصول إلى الوزن المثالي تناسباً مع الطول. كما تحدد المدة التي يجب اتباع الحمية بها ومعدل فقدان الوزن بفترة محددة.

ثانياً: الاحتياجات اليومية من الطاقة والتي تُحدَّد تبعاً لعوامل ومؤثرات عديدة ومنها وزن الشخص وطوله وعمره وجنسه ومستوى نشاطه البدني.

ثالثاً: الحالة الصحية إذ تختلف نسب العناصر الغذائية الكبرى والصغرى تبعاً للحالة الصحية والمرض؛ فمثلاً لمريض السكري نسب تختلف عن غير المصاب به وعنها لمريض الضغط.

ينصح خبراء التغذية بمزامنة الحمية الصحية بجهد بدني متوسط ومن النشاطات البدنية التي ننصحك بها كالمشي السريع، والسباحة وتمارين الكارديو التي تعمل على زيادة الحرق في الجسم من خلال التركيز على مناطق عضلية معينة في التمرين الواحد، ويعتبر الجهد المتوسط الذي ننصح به هو 45 دقيقة ولمدة من 3 إلى 5 أيام أسبوعياً.

ومن الجدير ذكره أن أياً ما كانت حالتك التغذوية فإن اتباع عادات غذائية صحية يعتبر ضرورة للحفاظ على الصحة وليس الوزن فقط، ولتجنب الأمراض المزمنة حالياً ومستقبلاً، ولذلك لا بدّ من البدء في تبنّي نمط حياة صحي كالحرص على تناول وجبة الإفطار في مدة من ساعة إلى ساعتين بعد الاستيقاظ من النوم، وتجنب تناول وجبة عشاء متأخرة ودسمة لإتاحة الفرصة للجسم لهضم الطعام قبل النوم وتجنب تخزينه على شكل دهون متراكمة. 

TRT عربي