الأفارقة في تونس في ظل جائحة كورونا (TRT Arabi)
تابعنا

عبر صفحته الرسمية على فيسبوك، أطلق الشاب الإفريقي دوسو أرموند القادم من كوت ديفوار، نداء استغاثة بعد أن أغلقت بوجهه جميع الأبواب وطرد من عمله في أحد المطاعم بمنطقة حي النصر الراقية في ضواحي العاصمة، على إثر الأزمة الاقتصادية التي خلفتها جائحة كورونا ولم تستثنِ أي قطاع وأحالت الآلاف إلى البطالة الوجوبية.

معاناة دوسو تضاعفت في شهر رمضان كما يقول لـTRT عربي، إذ بات مهدداً بالطرد من منزله الذي اكتراه رفقة خمسة من أصدقائه الأفارقة الذين دخلوا التراب التونسي بشكل غير قانوني، واستقروا بجهة دار فضال الشعبية المتاخمة للعاصمة، بعد أن أضحوا جميعهم عاجزين عن تسديد معاليم الماء والكهرباء وثمن الإقامة الشهرية.

الحجر الصحي الذي فرضته السلطات في تونس منذ 20 مارس/آذار، جعل من حياة هذه الجالية الإفريقية وغيرها من الآلاف المقيمين في العاصمة وباقي المحافظات صعبة للغاية، بعد أن باتوا مقيدي الحركة عاجزين عن توفير أدنى مستلزمات الحياة من ماء وغذاء ودواء.

مشاهد صادمة

فيديوهات صادمة تداولها رواد التواصل الاجتماعي ونشطاء في المجتمع المدني لمهاجرين أفارقة بمحافظة صفاقس جنوبي البلاد، أجبرتهم جائحة كورونا وتداعياتها الاقتصادية المزرية على طبخ "سيقان الدجاج" كوجبات رئيسية لعجزهم عن تأمين ثمن اللحوم، وفيديوهات أخرى لمجموعة من الأفارقة أُجبروا على النوم في العراء، على إثر طردهم من مالكي البيوت، بسبب عجزهم عن تسديد ثمن الكراء.

رئيس بلدية "المرسى" معز بوراوي أكد خلال مداخلة إذاعية محلية أن عدداً من الأفارقة تعرضوا للطرد التعسفي من منازلهم بسبب عجزهم عن دفع معاليم الكراء وباتوا ينامون في العراء، لكنه دعا في المقابل أصحاب القلوب الرحيمة من ساكني تلك المنطقة للتبرع لإنقاذ تلك الفئة الهشة، وتأمين الحد الأدنى من الغذاء والمال ليتمكن هؤلاء من العيش بكرامة، لا سيما مع دخول شهر رمضان.

مبادرات إنسانية

كثيرة هي المبادرات الإنسانية الحكومية والخاصة، التي انطلقت منذ بدء جائحة كورونا، وتواصلت بشكل مكثف مع دخول شهر رمضان، واستهدفت خصوصاً المهاجرين الأفارقة، من خلال توزيع الإعانات العينية للمحتاجين وصرف أموال لمساعدة بعض من عجزوا عن تسديد أقساط السكن الشهرية.

للسنة التاسعة على التوالي يفتح مطعم صغير في مساحته كبير بعطاء صاحبه أبوابه بجهة "الكبارية" بالضاحية الغربية للعاصمة، لتأمين وجبات الإفطار الرمضانية لما لا يقل عن 600 شخص يومياً، من المحتاجين وعابري السبيل والمهاجرين الأفارقة.

يتكفل الهلال الأحمر التونسي بتوزيع الوجبات الغذائية على الجالية الإفريقية في تونس العاصمة، ممن يصعب عليهم القدوم على عين المكان والموزعين على أكثر من حي شعبي، كما يقول صاحب المطعم علي الهادفي لـTRT عربي.

يحرص الهادفي رفقة عشرات من الطباخين المتطوعين خلال شهر رمضان على تقديم وجبات غذائية متكاملة من الماء والمقبلات والوجبة الرئيسية، من دون أن ينسى الغلال، "وكله من فضل الله ومن فضل المساعدات التي يجلبها أصحاب الخير"، وفق قوله.

مبادرات تطوعية أخرى استهدفت المهاجرين الأفارقة من طلبة وعمال ولاجئين، هذه المرة من خلال جمعيات خيرية، على غرار "جمعية مرحمة" التي تعتمد في جزء من تمويلها على دولة الكويت، كما يؤكد رئيس الجمعية محسن الجندوبي في تصريح لـTRT عربي، إذ استهدفت الإعانات الغذائية وأدوات التعقيم أكثر من 100 عائلة من الأفارقة سواء داخل العاصمة أو خارجها، فضلاً عن توفير مئة وجبة إفطار يومياً يقع توزيعها طيلة شهر رمضان على هذه الفئة.

بلدية تونس العاصمة انخرطت بدورها في المد التضامني لدعم المهاجرين الأفارقة المتضررين من جائحة كورونا، إذ استقبلت رئيسة البلدية سعاد عبد الرحيم منذ أيام،رئيس جمعية الطلبة الأفارقة بتونس للاطمئنان على وضعية الطلبة المقيمين بالعاصمة، وقُدمت إعانات مادية حينية في شكل وصولات شراء.

رئيس مجلس نواب الشعب راشد الغنوشي كان قد استقبل بمقر البرلمان ممثلين عن منظمة الهجرة ومفوضية شؤون اللاجئين والطلبة الأفارقة بتونس، وجرى تدارُس وضعية الأفارقة من لاجئين وطلبة وعمال مقيمين بشكل غير نظامي، وعبّر رئيس البرلمان خلال اللقاء عن استعداد السلطة التشريعية للقيام بدورها في تعزيز منظومة القوانين الحامية لحقوق المهاجرين واللاجئين.

المهاجرون الأفارقة باتوا عرضة للجوع بعدما فقدوا موارد رزقهم بسبب كورونا  (TRT Arabi)
وجبات رمضانية يومية يؤمنها صاحب المطعم بشكل مجاني للمهاجرين الأفارقة (TRT Arabi)
الجمعيات الخيرية باتت الملاذ الأخير للمهاجرين الأفارقة  (TRT Arabi)
مطعم الكبارية حرص على تقديم وجبات الافطار للجالية الافريقية بشكل مجاني (TRT Arabi)
TRT عربي
الأكثر تداولاً