تابعنا
تأثرت جميع مناحي الحياة خلال الأشهر الماضية في ظل انتشار فيروس كورونا المستجد إلى أن طالت كفاءة النوم، فكان للجائحة تأثير سلبي على عديد من الأشخاص الذين كانوا يتمتعون بنوم صحي إلى جانب زيادة سوء حال الأشخاص الذين كانوا يعانون أصلاً من الأرق.

تتعدّد الطرق التي أثرت بها الجائحة على النوم فالقلق والتوتر الزائد سواءً على الصحة ومستوى المعيشة والمستقبل المجهول يحفز زيادة إفراز هرمون الكورتيزول الذي يسبّب بدوره الأرق، هذا إلى جانب أنّ تعطّل الروتين والأنشطة اليومية المختلفة يؤثر على الساعة البيولوجية داخل الجسم المسؤولة عن تنظيم ساعات النوم والاستيقاظ، كما وقد سببّت إجراءات الإغلاقات والتباعد الاجتماعي الشعور بالانعزال المحفز للمشاكل النفسية المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بصعوبات النوم، وممّا لا شكّ فيه تسبّب الجائحة بزيادة الوقت الذي يقضيه الشخص أمام شاشات الهاتف والتلفاز والحاسوب وتكمن خطورة ذلك في الضوء الأزرق الصادر عنها إذْ يعمل على تثبيط إفراز هرمون الميلاتونين المسؤول عن تنظيم ساعات النوم، وقد أشار موقع HelpGuide الطبي لجميع هذه النقاط في تقرير تمّ نشره مؤخراً.

إنّ الدعوات بضرورة الاهتمام بكفاءة النوم خاصةً أثناء الجائحة في ازدياد وذلك لما للنوم الصحي من أهمية بالغة في دعم جهاز المناعة إلى جانب فوائده الأخرى على الصحة الجسدية والعقلية، وبهذا الشان تحدثت الطبيبة بريتاني ليموندا المتخصصة في طب النفس والأعصاب في مستشفى لينوكس هيل في نيويورك إلى موقع healthline الطبي المتخصص مشيرةً إلى أنّ الحرمان من النوم الصحي يضعف مناعة الجسم ويجعله أكثر عرضةً للإصابة بالعدوى والالتهابات وهذا بالطبع آخر ما يتمناه الشخص خلال هذا الوقت العصيب.

خرافات وحقائق النوم الصحي

عند الحديث عن كيفية النوم الصحي في زمن الجائحة تعود للأذهان الخرافات الشائعة حول هذا الموضوع والتي لا بد من من تفنيدها بالحقائق لتجنبها، فتقول إحدى الخرافات أن باستطاعة الجسم التأقلم على عدد ساعات نوم قليلة، ولكن هذا الخطأ الفادح يسبّب ضعف الإنتاجية والمزاج السيء هذا إلى جانب آثاره الصحية السيئة على المدى الطويل مثل التسبّب بارتفاع ضغط الدّم، والسكري، والسمنة، والاكتئاب، وتنتشر خرافة أخرى مفادها أنّه عند عدم القدرة على النوم فالأفضل هو البقاء في السرير إلى حين الشعور بالنعاس، والصواب أنّه عند مرور 15 دقيقة دون القدرة على النوم فإنّه يجب النهوض من السرير والقيام بنشاط ما إلى حين الشعور النعاس حسبما أشارت لذلك مؤسسة كليفلاند كلينك الأمريكية.

تحدثت ريبيكا روبينز الباحثة في قسم الطب التابع لجامعة هارفارد في تقرير نشره موقع هيئة الإذاعية البريطانية BBC News عن قيام البعض بمشاهدة الأفلام أو المسلسلات كوسيلة للاسترخاء بهدف النوم والحقيقة أنّ هذا يعرضنا للضوء الأزرق الذي أشرنا لتأثيره السلبي مسبقاً، وقد تحدثت الباحثة أيضاً عن خطأ يقوم به الكثيرون وهو الضغط على زر الغفوة عندما يرن المنبه صباحاً وهذا يجعل الجسم يدخل في نوم خفيف ذي كفاءة منخفضة والصحيح هو النهوض من السرير على الفور، وفي تقرير آخر لموقع قناة CNN أشارت الباحثة إلى خرافة أخرى مفادها اعتبار أنّ القدرة على النوم في أي مكان وأي وقت مؤشر صحي، والحقيقة أنّ هذا دليل على عدم أخذ القسط الكافي من النوم.

كما أشار موقع WebMD الطبي إلى انتشار خرافة حاجة كبار السن لعدد ساعات نوم أقل ولكنّ ما يحتاجونه في الحقيقة لا يختلف أبداً عن حاجة البالغين والتي تتراوح بين 7-9 ساعات يومياً، كما وتشيع خرافة أنّ الشخير ما هو إلّا أمر مزعج ولا يدعو للقلق على الإطلاق والحقيقة أنّ الشخير قد يكون علامة تشير للإصابة بتوقف التنفس أثناء النوم أحد اضطرابات النوم التي لا بدّ من أخذها على محمل الجد لارتباطها بأمراض القلب والأوعية الدموية.

كيف أحصل على نوم صحي في زمن الجائحة؟

إلى جانب تجنب الانسياق وراء الخرافات السابقة وبالرجوع إلى توصيات المؤسسة الوطنية الأمريكية للنوم ومنظمة مايوكلينيك فإنّه يُنصح باتّباع ما يأتي للحصول على نوم صحي في زمن الجائحة:

  • المحافظة على جدول يومي ثابت للنوم والاستيقاظ وذلك بضبط المنبه في نفس الموعد صباحاً ومحاولة الاسترخاء قبل النوم عن طريق قراءة كتاب أو ممارسة بعض تمارين الإطالة أو التأمل ومن ثمّ تهيئة النفس للنوم بارتداء ملابس النوم وتفريش الأسنان وتحديد وقت معين ثابت لإطفاء الأنوار والخلود إلى النوم، ويجدر بالذكر هنا أنّه من الضروري جعل السرير مكاناً للنوم فقط وتجنب العمل أو مشاهدة الأفلام على السرير وذلك من أجل خلق رابط داخل الدماغ يربط السرير بالنوم، كما أنّه من شأن تغيير ملاءة السرير ونفش الوسادة خلق بيئة جذابة لنوم مريح.
  • تجنّب أخذ قيلولة خلال النهار وبالنظر إلى أنّ بعض الأشخاص يجدون فائدة في القيلولة فإنّه ينصح بأخذ قيلولة قصيرة في وقت مبكر من الظهيرة فقط.
  • محاولة البقاء في حالة نشاط خلال النهار وذلك عن طريق المشي وممارسة التمارين الرياضية داخل المنزل أو في الخارج، كما أنّه من المهم التعرض لضوء النهار الطبيعي سواءً بفتح الستائر أو بالمشي في الخارج مع ضرورة التأكيد على أهمية الحفاظ على التباعد الاجتماعي.
  • أخذ استراحة من الإلكترونيات قبل النوم وذلك بوضع الهاتف جانباً وعدم مشاهدة التلفاز قبل ساعة على الأقل من وقت النوم.
  • جعل تقنيات الاسترخاء جزءاً من الروتين اليومي مثل التنفس العميق أو ممارسة اليوجا أو الاستماع للموسيقى وغيرها، وبهذا الصدد من المهم تجنب الانغماس في محاولة تتبع أخبار الجائحة وذلك عن طريق تحديد موقع أو موقعين إخبارين موثوقين فقط لمتابعة الأخبار ضمن فترة زمنية محددة، وتقليل الوقت المستغرق في تصفح مواقع التواصل الاجتماعي، وتجنب الحديث عن الفيروس عند التحدث مع العائلة أو الأصدقاء.
  • المحافظة على نمط غذاء صحي وتجنب شرب ما يحتوي على الكافيين في وقت متأخر من اليوم.
  • استشارة الطبيب عند الشعور بوجود مشكلة حقيقية.

في النهاية، وبالرغم من جميع الأخبار السيئة التي تحيط بنا فإنّ البقاء على تواصل مع الآخرين ومحاولة البحث عن القصص الإيجابية والتضحيات التي يقوم بها البعض لمساعدة الآخرين قد يخفف من وطأة الضغوطات النفسية ويحسن من كفاءة النوم.

القلق والتوتر الزائد سواءً على الصحة ومستوى المعيشة والمستقبل المجهوليحفز زيادة إفراز هرمون الكورتيزول الذي يسبّب بدوره الأرق (Getty Images)
أخذ استراحة من الإلكترونيات قبل النوم وذلك بوضع الهاتف جانباً وعدم مشاهدة التلفاز قبل ساعة على الأقل من وقت النوم ضروري لنوم صحي (Getty Images)
TRT عربي