تابعنا
أزواج، موظفون وطلّاب جامعات... تختلف ضغوط الحياة عليهم، وتجمعهم "غرفة تفريغ الغضب" في العاصمة عمّان، حيث يفرّغون غضبهم بتحطيم الأشياء مقابل المال.

عمّان ــــ بمطرقة حديدية، يحاول بلال (36) عاماً -الذي يعمل محاسباً في إحدى الشركات الخاصة بالعاصمة الأردنية عمان، التنفيس عن غضبه من خلال تحطيم تلفاز وأواني زجاجية، بصحبة زوجته التي لم تتردد هي الأخرى، بتحطيم محتويات المطبخ، دون أن تشعر بتأنيب الضمير والخسارة.

الزوجان، لم يفعلا ذلك في منزلهما، بل في غرفة أُنشئت خصيصاً لتفريغ الغضب في عمّان، صُممت كما لو أنها داخل المنزل أو داخل مكتب في العمل تتيح للأزواج والموظفين الغاضبين تفريغ طاقاتهم من خلال تحطيم الأشياء مقابل مبلغ من المال.

ففي مارس/آذار 2019، أسس مهندس أردني يدعى علاء الدين العطاري، غرفة أطلق عليها اسم (إكس ريج رووم) أو (غرف الفأس للغضب)، بعد شعوره بأن الأردنيين بحاجة إلى مكان لتفريغ غضبهم؛ بسبب ضغوط الحياة وأعبائها، إذ يوفر العطاري للغاضبين حلولاً لتفريغ غضبهم وإحباطهم، من خلال تحطيم الأثاث والأواني والأجهزة الكهربائية المعطلة، دون أن يشعروا بندم تحطيم تلك الأشياء لو كانت في منزلهم، كما توفر الغرفة فرصة للباحثين عن تجربة شيء جديد.

الفكرة بدأت تتكون لدى العطاري بعدما عمل لسنوات في إحدى الدول الخليجية، وقرر العودة إلى الأردن من أجل إنشاء مشروع خاص، وجد حينها تجربة مماثلة في دولة الإمارات، يقول العطاري إن "غرفة لتفريغ الغضب في الأردن ستكون ناجحة لما يتعرض له الأردنيون من ضغوط نفسية واجتماعية واقتصادية، بحاجة إلى التفريغ، إلى جانب الترفيه".

استمر العطاري بدراسة المشروع لمدة سنتين، مطلعاً على تجارب دول عديدة، إلا أنه وضع لمسات خاصة تناسب طبيعة المجتمع الأردني، ليصمم غرفة على شكل منزل يضم غرف معيشة ومطبخ، إلى جانب مكتب يحاكي مكاتب العمل في القطاع الخاص، تحتوي على أجهزة تلفاز، وحواسيب، وغسالات، وأواني زجاجية، ويسمح للمشارك أن يحطم هذه الأشياء خلال ساعة، مقابل تذكرة سعرها 21 دولاراً للفرد، فيما تنخفض إلى 17 دولاراً إذا كانت المجموعة المشاركة تفوق الـ5 أشخاص.

وتعرض الغرفة خصماً بنسبة 20% على من يأتي بطقم كاسات زجاجية من منزله كهدية في العيد أو في المناسبات الاجتماعية.

ومن اللمسات التي أضافها العطاري غرفة خاصة للأزواج الذين يرغبون في إنهاء معاركهم، وهي غرفة كبيرة مفصولة إحداهما المطبخ الذي تذهب إليه السيدة، والثانية هي غرفة المعيشة مفصولة بحاجز زجاجي، إذ يمكن لكل منهما رمي الأشياء ضد بعضهما، ويمكن للأصدقاء والعائلة مشاهدة من نافذة كبيرة في الخارج وتشجيع الأزواج.

ويخضع الغاضبون في الغرفة لإجراءات سلامة قبل البدء بتحطيم الأشياء، يبدأون بالتوقيع على تعهد بالالتزام بشروط السلامة من ارتداء ملابس للحماية وخوذ للرأس وقفازات وأحذية مضادة للقطع والزجاج.

أما بخصوص الأثاث والأواني والأجهزة التي يحطمها الغاضبون يقول العطاري، "هي أجهزة معطلة، لا نحطم أجهزة تعمل نجلب الأثاث والأجهزة الكهربائية من الأشياء المستعملة والخردة ومن التالف من خطوط الإنتاج، بعد ذلك يرسل الحطام إلى شركات إعادة التدوير كي لا يكون هناك تبذير".

يزور الغرفة يومياً ما يقارب 35 شخصاً من أعمار مختلفة، ومن طبقات اجتماعية مختلفة بينهم موظفون، وأزواج، وطلاب جامعات. زينة (28) عاماً ربة منزل، تتيح لها (إكس ريج رووم) وضع زوجها ليث في قفص حديدي مزود بوسائل حماية، تقوم زينة بقصفه بكل أنواع الأواني الزجاجية، من باب "فشة الغل" على وقع موسيقى صاخبة، تقول إنها "شعرت بالراحة بعد تنفيس الطاقة السلبية التي بداخلها".

تتيح الغرفة تزويد الأزواج والغاضبين، بشريط فيديو مسجل من خلال كاميرات المراقبة، لمشاهدة واقعة التحطيم يستطيع الزوجان مشاهدته متى يرغبون.

وكيف سيكون شعورك بتدمير المكتب بالكامل الذي تعمل فيه قبل التخلص من استقالتك؟ لن يكون ذلك ممكناً إلا إذا كنت تريد أن ينتهي بك الأمر في السجن! (إكس ريج رووم) تقوم بإعداد المكتب بالكامل من أجلك مع جميع أجهزة الكمبيوتر والطابعات التي لا تعمل أبداً، وسوف تطلق العنان للوحش فيك من خلال تدمير كل شيء، في هذه الغرفة.

ضغوط الحياة التي يتعرض لها الأردنيون كبيرة، أبرزها من الأوضاع الاقتصادية السيئة، إذ إن معدلات البطالة بين الشباب في الأردن خلال عام 2018 تعد من بين أعلى النسب في العالم، فهي تبلغ 48.7% و38.5% للفئتين العمريتين (15-19) عاماً و(20-24) عاماً على التوالي، حسب تقرير العمالة والبطالة الأخير الصادر عن دائرة الإحصاءات العامة للربع الأول من عام 2019.

الخبير الاقتصادي مازن مرجي يقول إن "الالتزامات المعيشية تشكل ضغوطاً اقتصادية كبيرة على الأردنيين، من أبرزها الديون التي تشكل ضغطاً هائلاً على الأسر التي تشهد تراجعاً كبيراً في الدخل، مقابل ارتفاع كبير في الأسعار".

لكن هل يساهم تحطيم الأشياء، بتفريغ الضغوطات النفسية؟ الأخصائي النفسي باسل الحمد يعتقد أن "تفريغ الغضب لا يحدث إلا من خلال معالجة السبب الرئيسي لهذا الغضب، إلا إذا كانت عملية التحطيم تفرز هرمونات السعادة التي تجعل الشخص يشعر بالاسترخاء بعد بذل مجهود قوي".

وحسب الحمد يعتمد تفريغ الغضب من خلال التحطيم على شخصية الشخص المحطم هل لديه إحباطات ويعمل على تفريغها بأفعال خارجية مثل التعبير عن الغضب والعصبية من خلال التحطيم، متسائلاً هل استنفدنا جميع الطرق الصحية لمعالجة الغضب؟

يقول الحمد إن أشكال التعبير وتفريغ الغضب عديدة كمشاهدة الألعاب القتالية، والمصادمات بين السيارات، إلا أنه يرى وجود هذه الغرفة والإقبال عليها يأتي من باب الفضول والاستكشاف وتجربة شيء جديد، أكثر من كونها فعلاً لتفريغ الغضب.

يسعى العطاري إلى رفع مستوى الإثارة، من خلال إدخال أفكار جديدة في تحطيم الأشياء منها إجراء تحديات بين المجموعات حول من يحطم أكثر أو من يصيب الهدف برمي الأواني، في محاولة منه لرفع مستوى الأدرينالين لدى المشاركين.

يخضع الغاضبون في الغرفة لإجراءات سلامة قبل البدء بتحطيم الأشياء، من قبيل ارتداء ملابس خاصة وخوذ وأحذية مضادة للقطع والزجاج (TRT Arabi)
يقوم زبائن غرفة الغضب بتحطيم الأشياء والأواني والآلات باستعمال مطرقة لتفريغ غضبهم (TRT Arabi)
بالنسبة لمؤسسها، فإن غرفة تفريغ الغضب في الأردن ستكون ناجحة لما يتعرض له الأردنيون من ضغوط نفسية واجتماعية واقتصادية (TRT Arabi)
يقول أخصائيون إن عملية التحطيم تفرز هرمونات السعادة التي تجعل الشخص يشعر بالاسترخاء بعد بذل مجهود كبير (TRT Arabi)
يسعى العطاري إلى رفع مستوى الإثارة، من خلال إدخال أفكار جديدة في تحطيم الأشياء (TRT Arabi)
تتيح الغرفة تزويد الأزواج والغاضبين، بشريط فيديو مسجل من خلال كاميرات المراقبة، لمشاهدة واقعة التحطيم (TRT Arabi)
 يزور الغرفة يومياً ما يقارب 35 شخصاً من أعمار مختلفة، ومن طبقات اجتماعية مختلفة بينهم موظفون، وأزواج، وطلاب جامعات (TRT Arabi)
صُمّمت غرفة تفريغ الغضب بالأردن كما لو أنّها داخل المنزل أو في المكتب وتتيح للأزواج والموظفين تفريغ طاقاتهم من خلال تحطيم الأشياء (TRT Arabi)
TRT عربي