مأساة عائلة تونسية بسبب كورونا (TRT Arabi)
تابعنا

بلا رحمة أو شفقة اقتحم فيروس كورونا منزل عائلة بايونس الموسعة والمنحدرة من "جزيرة الأحلام" جربة التونسية، لتعصف بأصولها وفروعها، من الجد إلى الحفيد، وتقلب حياة الجميع رأساً على عقب بعد وفاة الوالدين وإصابة 19 من أفراد العائلة بالفيروس، في وقت ظل فيه مصدر العدوى مجهولاً.

عبر صفحته الشخصية على فيسبوك، ينشر مهدي بايونس صوراً لجده الحاج إبراهيم وجدته الحاجة فطيمة، طالباً لهما الرحمة والمغفرة، فالمصاب جلل والصدمة كبيرة، بعد أن اختطف "فيروس كورونا" أعز الناس في غفلة من الجميع وفي وقت وجيز، فيما تنتظر العائلة بتوجس كبير شفاء باقي أفراد العائلة الذين أصابتهم العدوى.

مأساة من الجد إلى الحفيد

محاولا أن يكفكف دموعه، يروي مهدي لـTRT عربي مأساة هذه العائلة الموسعة و القاطنة بمحافظة منوبة، والتي تشتهر بنشاطها التجاري العريق وبسمعة "الحاج إبراهيم" الطيبة في المدينة وبين تجار السوق، وهو الذي حرص قبل وفاته أن يشيد بيوتا متجاورة لأبناءه السبعة بعد زواجهم، حتى تظل العائلة محافظة على تماسكها وصلة رحمها.

في أواخر مارس/آذار أحس الحاج إبراهيم بضيق تنفس، وهو الذي يشكو سابقا من أمراض في القلب، ليقع نقله لإحدى المصحات الخاصة، ويتم إخبار العائلة بعد يومين بتعكر حالته الصحية، ثم وفاته متأثرا بفيروس كورونا.

كانت الصدمة كبيرة على العائلة، حسب ما يروي نجله مهدي بايونس، الذي حالفه الحظ ليكون أحد الناجين من فيروس كورونا ولم يتلق لا هو ولا زوجته ولا أبناءه العدوى، لكن حسرته وألمه على فراق والديه مضاعف، حيث لم يتسنى للعائلة والأبناء أن يلقوا على والديهم نظرة الوداع الأخيرة، ولا أن يمشوا في جنازتهم ويصلوا عليهم.

وفاة الزوجة

مأساة عائلة بايونس مع عدوى فيروس كورونا لم تقف عند هذا الحد، إذ تعكرت الحالة الصحية لرفيقة درب الحاج إبراهيم، الحاجة فطيمة، بعد أيام قليلة من وفاته، لتُنقل إلى أحد مستشفيات العاصمة، وهي التي كان وقع رحيل زوجها عليها مضاعفاً ليخطفها الموت وتلتحق بزوجها إلى الرفيق الأعلى، لكن القدر كان أقسى من أن يجمعهما في المقبرة نفسها تنفيذاً لوصيتهما بسبب عدم توفر أماكن شاغرة في مقبرة منطقة منوبة حيث دُفن الحاج إبراهيم، فيما دفنت الحاجة فطيمة في مقبرة أخرى بالعاصمة.

السلطات الجهوية والصحية بمحافظة منوبة أجرت التحاليل على عائلة بايونس الموسعة من الكبير إلى الصغير، بعد أن تفشت العدوى في هذه المحافظة، لتكون النتيجة صادمة للجميع حسب ما أكدته المديرة الجهوية للصحة لـTRT عربي إيمان السويسي، بعد أن أظهرت التحاليل إصابة 19 فرداً آخر من العائلة بفيروس كورونا بينهم طفل لم يتجاوز السابعة.

كإجراء احترازي اتخذته السلطات الصحية في البلاد، نقل جميع أفراد العائلة ممن ثبتت إصابتهم بفيروس كورونا، إلى أحد مراكز الحجر الصحي الإجباري بمحافظة المنستير شرقاً، حيث يخضع جميعهم للرعاية الطبية اللازمة وحالتهم مستقرة، باستثناء أحد أبناء المرحوم إبراهيم الذي يتلقى العلاج في أحد مستشفيات العاصمة.

يحرص مهدي الذي كان أوفر حظاً من باقي أفراد العائلة على اتباع إجراءات السلامة والتزام الحجر الصحي المنزلي في بيته برفقة زوجته وطفله، مكتفياً بالسؤال عن باقي أفراد العائلة عبر الهاتف ووسائل التواصل الاجتماعي.

تلهج ألسنة عائلة بايونس من صغيرهم إلى كبيرهم عبر صفحاتهم الشخصية على فيسبوك بطلب الرحمة والغفران للوالدين إبراهيم وفطيمة، وبالدعاء ليخفف الله مصابهم الجلل، وعزاؤهم في كل ذلك أن ينزاح هذا الكابوس وأن تتوقف سلسلة الموت، بشفاء الـ19 فرداً من الفيروس.

رفع تدريجي للحجر الصحي

الحكومة التونسية التي اتخذت إجراءات استباقية قبل انتشار الوباء في البلاد، أكدت على لسان وزير الصحة عبد اللطيف المكي أن تونس على مشارف تجاوز مرحلة الخطر، فلم تتجاوز الحالات المؤكدة بفيروس كورونا حاجز التسعمئة، فيما استقر عدد الوفيات في حدود 37.

رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ أعلن خلال حوار تلفزي مساء الأحد، عن توجه السلطات المعنية إلى تخفيض توقيت حظر التجوال والرفع التدريجي للحجر الصحي المفروض منذ 21 مارس/آذار الماضي وإمكانية استئناف قطاعات حيوية نشاطها بشكل تدريجي خلال شهر رمضان، لكنه شدد على أن هذه الإجراءات لا تعني العودة بشكل طبيعي ما لم يجرِ إيجاد لقاح لفيروس كورونا.

رحيل الأب والأم بشكل مفاجئ خلّف لوعة في قلوب عائلة بايونس (TRT Arabi)
مهدي ووالده كانا الأكثر حظاً من باقي عائلة بايونس ولم يصابا بالعدوى (TRT Arabi)
TRT عربي