تابعنا
العنف الأسري والزواج القسري من ضمن الأسباب التي شكّلت معاناة أميرات دبي، وجعلت حياتهنّ داخل أروقة قصور الإمارات الفخمة ضاجةً بالتعاسة، مما دفع الكثيرات منهنّ للهرب.

مرّت أشهر قليلة على آخر قصة ضجّت بها أروقة قصور الإمارات الفخمة، بعد هرب الأميرة هيا بنت الحسين من زوجها حاكم إمارة دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حتى تفجرت في الإعلام خبايا قصة قديمة.

الأميرة رندا البنا.. الزوجة الأولى لحاكم دبي

الزوجة الأولى للشيخ محمد، وهي اللبنانية رندا البنا، كشفت للمرة الأولى قبل أيام تفاصيل طلاقها وحرمانها من طفلتها الوحيدة طوال حياتها.

البنا، التي نشرت صحيفة Sunday Times قصتها، قالت إن "الشيخ محمد ليس رجلاً سهلاً، إنه ليس كذلك، إنه عنيد جدّاً. اتخذت قراري، ولا أستطيع أن أرى منال الآن. لا أعرف شكلها، فمن غير المسموح لي أن أراها، لأنني أنا التي اخترت أن أغادر، لذلك هذا هو عقابي، أن لا أراها".

تحدثت البنا عن محاولات كثيرة للوصول إلى ابنتها، "حاولت دخول الإمارات بشكل سري عام 2005 ضمن حاشية أميرة سعودية صديقة لها لحضور زفاف منال، لكن قبل أيام من موعد سفري هاجمني رجل يحمل مضرب بيسبول، وأسفر الهجوم عن جرح طويل احتاج إلى 27 قطبة، وكسر أربعة من أضلاعي، وحين استيقظت كان الشيخ محمد إلى جانبي ليعبِّر عن تعاطفه ويقدِّم استعداده لدفع مصاريف علاجي.

كنت خائفة جدّاً، وسألته: ما الذي فعلتَه؟ فأجاب: هل أنت مجنونة؟ أنت من عائلتي، لا يمكن أبداً أن أوذيك".

وهذه هي المرة الأولى التي تتحدث فيها البنا التي بلغت الرابعة والستين من عمرها، عن تفاصيل حياتها مع الأمير وما حدث من بعدها.

الأميرة هيا بنت الحسين.. الزوجة السادسة لحاكم دبي

ولم تكشف عن كل هذا إلا بعد هرب الأميرة هيا الزوجة السادسة للشيخ محمد، وانتشار أخبار خلافهما على حضانة أولادهما، ووصول الأمر إلى القضاء البريطاني.

الأميرة هيا التي هربت من دبي إلى لندن في يوليو/تموز 2019 بصحبة طفليها، حصلت الشهر الماضي على طلاقها من محكمة العدل العليا في لندن، في قضية تراوحت قيمتها بين 7.5 و17 مليار دولار أمريكي، حسب تقرير، لموقع News الأسترالي.

أما المعركة القضائية التي تدور بين الطرفين الآن، فهي حول حضانة الأطفال التي تطالب الأميرة هيا بالحصول عليها.

ووفق صحيفة DailyMail البريطانية، فإن الأميرة هيا أبدت خشيتها من أن تتعرض ابنتها لزواج قسري بإجبار والدها.

ولفتت الصحيفة إلى أن من بين الأمور التي طرحتها الأميرة، العنف الأسرى في قصور حاكم دبي محمد بن راشد، في إشارة إلى أنها بيئة غير صالحة لأن يعيش ابناها فيها.

لطيفة وشمسة.. ابنتا حاكم دبي

في عام 2000 حاولت الأميرة شمسة ابنة حاكم دبي الهرب، ولكن أُلقِيَ القبض عليها في شوارع كامبريدج، ولم يُسمَع عنها منذ ذلك الحين.

وفي مارس/آذار 2018 خططت الأميرة لطيفة، الأخت غير الشقيقة لشمسة، لهربها بصحبة صديقتها الفنلندية تينا جوهياينين، معلنة من خلال رسالةٍ على واتساب أنها "غادرت دبي للأبد"، غير أن رحلة هربها، التي خططت لها على مدى 7 سنوات، لم تستمر أكثر من أسبوع.

فحسب التفاصيل التي ذكرتها صحيفة نيويورك تايمز، في غضون بضعة أيام من الإبحار على المحيط الهندي بهدف التوجه إلى الهند ثم إلى أمريكا، غيّب الغموض مصيرها، ولم يتمكن أحد من رؤيتها، إلا في عددٍ قليلٍ من الصور التي حرصت عائلتها على نشرها في ديسمبر/كانون الأول 2018 الماضي، والتي تزعم أن لطيفة تعيش في منزلٍ آمن بعد أن نجت مِما وصفته بـ"الاختطاف".

الغموض والكتمان...

حاكم دبي لم يتطرق إلى مكان وجود الأميرة لطيفة حتى ديسمبر/كانون الأول 2018، عندما كانت BBC على وشك أن تعرض وثائقيّاً عن الموضوع، وأصدر مكتبه بياناً اتهم فيه هيرفي جوبير الذي وصفه بـ"المجرم المدان"، باختطاف الشيخة لطيفة مقابل الحصول على فديةٍ بقيمة 100 مليون دولار أمريكي.

آنذاك أفاد البيان بأن الشيخة بأمانٍ في دبي، وهي تحتفل بعيد ميلادها الـ33 مع عائلتها "في جو من الخصوصية والسلام".

ووفق صحيفة نيويورك تايمز، أصبحت الأمور أكثر غرابةً منذ ذلك الحين، ففي ليلة عيد الميلاد نشرت العائلة صوراً هي الأولى من نوعها للشيخة لطيفة منذ اختفائها، تظهر فيها وهي تجلس مع ماري روبنسون، الرئيسة السابقة لإيرلندا ومفوض الأمم المتحدة السامي السابق لحقوق الإنسان، والتي أكّدَت أن الأميرة لطيفة بأمانٍ مع عائلتها، لكنها تتلقى رعاية نفسية، واصفةً إياها بـ"الشابة المضطربة" التي تعاني من "حالةٍ صحيةٍ خطيرةٍ".

"قوة المال والنفوذ"

وفي هذا الصدد يقول المحلل السياسي اللبناني وليد شميسة، إن دعوة الأميرة هيا لروبنسون للظهور في الصور والإدلاء بهذه التصريحات كانت مثيرة للقلق أكثر، لأنها مقربة من العائلة.

ويضيف في حديثه لـTRT عربي: "لا يمكن لأحد معرفة مصير الأميرة لطيفة، تماماً مثلما ما حدث قبلها بعقدين مع الأميرة شمسة. هذه أمور لن تُكشف بسهولة، وربما لن يعرف بها أحد".

ويتابع: "حاولت المنظمات الحقوقية في البداية إطلاق دعوات إلى المجتمع الدولي لمتابعة قضية الأميرة لطيفة وقبلها الأميرة شمسة، لكن تهدأ القصة بعدها بأيام. هذه هي قوة المال والنفوذ".

ويستشهد في حديثه بظهور روبنسون في صور الأميرة لطيفة قائلاً: "واجهت روبنسون والأميرة هيا انتقادات كثيرة حينها، لكن لو فكرنا قليلاً لفهمنا أن مفوضة الأمم المتحدة السامية السابقة لحقوق الإنسان كانت مجبرة على ذلك، تماماً كالأميرة هيا التي كانت تُعِدّ لهربها ببطء".

وفي هذا السياق كانت صحيفة New York Times الأمريكية نشرت تقريراً قالت فيه إن "ما يجعل رحيل الأميرة هيا مثيراً للاهتمام هو دورها في قضية الشيخة لطيفة".

"ما بعد إفشال الهرب.. الآتي أعظم"

وقد تعرضت كل من الأميرة هيا وروبنسون لانتقاد واسع لمحاولتهما المساعدة على تبرير اختفاء الشيخة لطيفة، التي ظهرت في الصورة في حالة ذهول وسكون.

وتشير الصحيفة إلى أن الأميرة هيا دافعت عن نفسها وعن روبنسون، في مقابلة لاحقة مع إذاعة RTE الإيرلندية، وأكدت أن الشيخة لطيفة في أمان، وقالت: "أبذل كل ما بوسعي لحماية الشابات اللاتي يتعرضن للخطر، والتأكد من عدم استغلال أشخاص لهن خدمة لأجنداتهم الخاصة".

وبعدها بأشهر رحلت الأميرة هيا، واليوم حصلت على طلاقها من حاكم دبي وتخوض معركة للحصول على حضانة طفليها.

"لا ينتهي الأمر بإعادة الأميرات وإفشال محاولات هربهن"، يقول شميسة، "المعاناة التي كُنَّ يعانيْن منها تتضاعف، وإلا فلماذا لا يظهرن ولا نسمع أصواتهن؟ لماذا لا يستطعن السفر أو المشاركة بأي نشاطات فردية؟".

ويضيف: "الآتي أعظم؛ الأميرات يعرفن أنها رصاصة واحدة يطلقنها، إما تصيب وإما لا. إذا فشلت محاولة الهرب فهذا يعني أن حياتهن انتهت ولو بقين على قيد الحياة".

أين المنظمات الحقوقية من قضية الأميرات؟

بعدما ضجّ الإعلام العالَمي بقضية هرب الأميرة هيا ثم طلاقها، أعادت منظمات حقوقية نبش ملفات الأميرات الأخريات اللاتي أُلقِيَ القبض عليهن.

صحيفة الموندو الإسبانية قالت إن منظمة "معتقلون في دبي"، وهو مكتب محاماة تواصلت معه الأميرة لطيفة في بداية هربها، رفعت قضية متعلقة بالأميرة لدى منظمة الأمم المتحدة وقررت أن تستفيد من الجدل الذي أثارته قضية الأميرة هيا من أجل بدء مساءلة حاكم دبي.

وتعليقاً على هذه المسألة، أفادت رادا ستيرلنغ، الرئيسة التنفيذية للمنظمة الحقوقية "معتقلون في دبي"، بأن "عملية تسوية حضانة الأطفال بين الأميرة هيا والشيخ قد أعطت رؤية أكثر وضوحاً لمحاولة هرب الأميرة لطيفة سنة 2018". وتُعتبر ستيرلنغ من آخر الأشخاص الذين كانوا على اتصال بالأميرة لطيفة.

وقالت ستيرلتغ إنه "من المستبعد أن ينال حاكم دبي حكماً لصالحه في المحكمة البريطانية، في الوقت الذي لديه فيه تحقيق معلَّق لدى منظمة الأمم المتحدة المتعلقة بشأن الشكاوى المقدمة ضده حول سجن واعتقال ابنته وسوء معاملتها".

وتطالب الدعوى المرفوعة ضدّ حاكم دبي بضرورة الإعلان عن مكان وظروف احتجاز الأميرة لطيفة وأختها شمسة التي اختفت في أروقة دبي منذ محاولتها الفرار سنة 2000.

لكن هل سيكون مع هذه الدعوات تفاعل؟ ربما لا، إذ لا تزال منظمة هيومن رايتس ووتش تطالب بضرورة السماح للشيخة لطيفة بالسفر إلى بلد ثالثٍ "بحيث يمكننا التأكُّد أنها قادرة على التحدث بحريةٍ دون خوف من الانتقام".

وكانت هذه الدعوة في عام 2018، بالتزامن مع دعوة مماثلة أصدرتها منظمة العفو الدولية، لافتةً إلى أنه لم تظهر أي معلوماتٍ جديدةٍ بشأن الشيخة منذ مأدبة غداء العائلة مع ماري روبنسون، وهي "المرة الأولى والأخيرة التي تُرَى فيها لطيفة أو تُسمَع منذ اختطافها في أعالي البحار".

في غضون بضعة أيام من الإبحار على المحيط الهندي بهدف التوجه إلى الهند ثمإلى أمريكا، غيّب الغموض مصير الأميرة لطيفة (AP)
الأميرة هيا التي هربت من دبي إلى لندن في يوليو/تموز 2019 بصحبة طفليها، حصلت الشهر الماضي على طلاقها من محكمة العدل العليا في لندن (AP)
الأميرة هيا أبدت خشيتها من أن تتعرض ابنتها لزواج قسري بإجبار والدها (AP)
حاولت المنظمات الحقوقية إطلاق دعوات إلى المجتمع الدولي لمتابعة قضية الأميرة لطيفة وقبلها الأميرة شمسة، لكن القصة تهدأ بسرعة بسبب المال والنفوذ (AP)
TRT عربي