الاتحاد الأوروبي يوجه تحذيرات لمالي بخصوص صفقة "فاغنر"  (Michel Euler/AP)
تابعنا

مرة أخرى تحتمي باريس خلف بروكسيل بعد فشل سياساتها الخارجية، يقول لسان حال المتابعين للشأن الفرنسي وهم يطالعون تحذير الاتحاد الأوروبي لمالي بعد أن تواردت تقارير عن قرب توقيعها عقداً بـ10.8 مليون دولار شهرياً إزاء الاستفادة من خدمات مرتزقة شركة فاغنر الروسية.

فيما تأتي هذه الخطوة الأوروبية تزامناً مع دخول الاتحاد على خط "أزمة الغواصات" الفرنسية الأسترالية، التي قرأ فيها محللون كثر نكسة مدوية للخارجية الفرنسية وصناعة سلاحها. إذ اعتبرت رئيسة مفوضية الاتحاد أن معاملة أستراليا لفرنسا "غير مقبولة". بالمقابل ليست المرة الأولى التي تقف فرنسا مستقوية بالاتحاد الأوروبي في محطات جيو سياسية فشلت في تحقيق رهاناتها خلالها.

تحذيران في يوم واحد!

كان ذلك يوم الاثنين 20 سبتمبر/أيلول الجاري على لسان وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل حين قال محذراً بأن على مالي في حال استعانت بخدمات مجموعة الأمن الروسية الخاصة "فاغنر" أن تتحمل مسؤولية "التأثير الجدي" لهذا الأمر على العلاقات بين بروكسل وباماكو.

وأردف المسؤول الأوروبي في تصريح قدَّمه للصحفيين على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك قائلاً: "يبدو أن السلطات الانتقالية (المالية) تناقش إمكانية دعوة مجموعة فاغنر للعمل في البلاد". مضيفاً أنهم في الاتحاد يعلمون "جيداً كيف تتصرف هذه المجموعة في أجزاء مختلفة من العالم"، في إشارة إلى الانتهاكات التي ارتبطت بعمليات المرتزقة الروس في جمهورية إفريقيا الوسطى.

يضاف هذا التحذير الأوروبي إلى تغريدة وزيرة الدفاع الألمانية أنغريت كرامب كارينباور التي قالت فيها إن "أي اتفاق مع مجموعة فاغنر الروسية سيجعل برلين تعيد النظر بمهام جيش بلادها في مالي". وأوضحت أن هذا الأمر "يتعارض مع كل ما فعلته ألمانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة في مالي لثماني سنوات". مشددة على أنه "إذا ثبتت صحة التعاون بين مالي ومجموعات المرتزقة الروس فإن ذلك سيثير الأسئلة حول أساس تفويض الجيش الفيدرالي لبعثة الأمم المتحدة المتكاملة متعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي وبعثة الاتحاد الأوروبي التدريبية" هناك.

بالمقابل تأتي هذه التصريحات تزامناً مع دخول الاتحاد الأوروبي على خط "أزمة الغواصات" الفرنسية مع أستراليا. إذ وصفت رئيسة المفوضية الأوروبية أروسولا فون دير لين الأمر بأنه "أحد أعضاء (الاتحاد) جرى التعامل معه بطريقة غير مقبولة. نريد أن نعرف ماذا حصل ولماذا". مضيفة خلال تصريحات قدمتها لشبكة CNN الأمريكية يوم الاثنين بأنه "يجب الإجابة على الكثير من الأسئلة بشأن أسباب انهيار صفقة الغواصات"، مشيرة إلى وجوب توضيح أستراليا موقفها أولاً "قبل مواصلة العمل كالمعتاد".

باريس تستقوي مرة أخرى ببروكسيل؟

تزامن هذه التصريحات الصادرة عن مسؤولين رفيعي المستوى في الاتحاد الأوروبي دفع عدداً من المتتبعين للشأن الفرنسي إلى قراءة الأمر باعتباره استقواء من قبل باريس بهياكل بروكسيل. استقواء ليس سابقة خلال عهدة إيمانويل ماكرون الرئاسية إذ اختارت فرنسا من أجل تعزيز نفوذها الاقتصادي والسياسي والعسكري التركيز على مستعمراتها القديمة وشرقي المتوسط ومساحات انفتاح أخرى أقحمت بروكسل وبرلين حائط صد كلما فشل لها رهان، حسب ما أوردت عدة تحليلات سياسية سابقة.

فيما، وعودة إلى ملف "شرق المتوسط"، نجد أن فرنسا دعمت اليونان "التي لا يوجد لديها قوة عسكرية أو اقتصادية تستطيع من خلالها مواجهة تركيا" حسب ما يورد الخبير في العلاقات الدولية والباحث السياسي والأكاديمي المختص بشؤون الشرق الأوسط علي سمين، في تحركات لا تأتي "في إطار الصراع على الطاقة فقط، بل أيضاً في إطار الصراع الجيوسياسي بين الأطراف الإقليمية والدولية" في منطقة ترى فيها باريس "مساحة نفوذ" لها. ذلك بعد أن عززت وجودها العسكري بالمنطقة وقتها إذ حشدت باريس عدة قطع عسكرية قرب سواحل الجزر اليونانية.

تزامناً مع تلك الأحداث لوَّح الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات على تركيا، هذه الأخيرة التي أجابت وقتها على لسان رئيسها رجب طيب أردوغان بأن "أي قرار بشأن عقوبات الاتحاد الأوروبي لا يشكل مصدر قلق كبير لتركيا". بالمقابل يرى الآن دبلوماسيون أوروبيون أن "تحركات تركيا أدت إلى تحسن الأوضاع في شرق البحر المتوسط".

TRT عربي