منذ مطلع التسعينات، والمغرب يحاول مراراً نيل حظ استضافة كأس العالم لكرة القدم. إذ لم يفصل بينه وبين الولايات المتحدة سوى ثلاث أصوات، مكنت هذه الأخيرة من استضافة نسخة 1994. فيما توالت الإخفاقات في كل من نسخ 1998 و2006 و2010، وصولاً إلى نسخة 2026 التي فاز بتنظيمها الملف المشترك الأمريكي-المكسيكي-الكندي.
وفي 2018، عقب الحسم في هوية الفائزين بتنظيم مونديال 2026، أعلن المغرب عزمه الترشح لاستضافة هذا المحفل الكروي العالمي في 2030. وقتها قال رئيس الاتحادية المغربية للعبة فوزي لقجع: "فتحنا صفحة جديدة مع الاتحاد الدولي لكرة القدم، ستتوج بالعمل المشترك إن شاء الله، على ضمان سيرورة أفضل لملف ترشح المغرب لاستضافة كأس العالم 2030، وهي رغبة عبرت عنها المملكة المغربية بوضوح، وبطريقة رسمية، وفقاً لتوجيهات ملكية سامية".
غير أن شكل ملف الترشح، بشكل فردي أم في ملف مشترك، بقي محط تكهنات كثيرة، إلى أن أتى الحسم فيها يوم الأربعاء، بتأكيد الرباط انضمامها إلى الملف الجماعي مع كل من إسبانيا والبرتغال. وهو ما يطرح أسئلة حول حظوظ المغرب في تنظيم هذه المسابقة، بخاصة أن البلاد سبق لها واحتضنت ثلاث نسخ من مونديال الأندية.
المغرب يعلن ترشحه
في رسالة تليت في حفل تسليم جائزة الاتحاد الإفريقي للتميز لعام 2022 يوم الثلاثاء بالعاصمة الرواندية كيغالي أعلن الملك محمد السادس انضمام بلاد إلى ملف ترشح إسبانيا والبرتغال لاستضافة مونديال 2030. وقال العاهل المغربي: "أعلن أمام جمعكم هذا، أن المملكة المغربية قد قررت، بمعية إسبانيا والبرتغال، تقديم ترشيح مشترك لتنظيم كأس العالم لسنة 2030".
وأوضح الملك في رسالته أن هذا الترشيح المشترك، الذي يُعدّ سابقة في تاريخ كرة القدم، سيحمل عنوان الربط بين إفريقيا وأوروبا، وبين شمال البحر الأبيض المتوسط وجنوبه، وبين القارة الإفريقية والعالم العربي والفضاء الأورومتوسطي. كما أنه "سيجسد أسمى معاني الالتئام حول أفضل ما لدى هذا الجانب أو ذاك، وينتصب شاهداً على تضافر جهود العبقرية والإبداع وتكامل الخبرات والإمكانات".
وكانت إسبانيا والبرتغال أعلنتا في 2021 نية الترشح لاستضافة المونديال، قبل ضم أوكرانيا إلى الملف المشترك في أكتوبر/تشرين الأول 2022، وهو قرار جرى التراجع عنه، ليحل المغرب بلداً ثالثاً في المجموعة.
غير أن خيار المغرب كان سابقاً للخيار الأوكراني. وفي عام 2018، خلال زيارة له للمملكة اقترح رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، انضمام المغرب إلى الملف الإسباني البرتغالي المشترك. وقال سانشيز وقتها في مؤتمر صحفي: "تقدمت باقتراح للحكومة (المغربية) لتنظيم ملف ترشيح مشترك بين إسبانيا والبرتغال والمغرب لاستضافة كأس العالم 2030". مضيفاً أن "ملك المغرب متقبل ونحن متحمسون جداً للعمل على ذلك مع البرتغال".
غير أن الرباط انتظرت إلى يوم الثلاثاء حتى تأكيد ذلك، رغم أن مواقع مغربية كانت روجت سابقاً أنباء عن انضمام المملكة إلى جيرانها الشماليين، في ملف مشترك لاستضافة مونديال 2030، مرجحين أنه سيكون للبلاد حظوظ كبيرة لانتزاع التنظيم، للدعم الأوروبي الذي سيحظى به الملف.
ما حظوظ المغرب لتنظيم كأس العالم؟
رغم إخفاق محاولاته السابقة لاحتضان المونديال، رسخ المغرب نفسه خلال السنوات الأخيرة كبلد لاستضافة الأحداث الرياضية العالمية الكبرى، وهو ما يؤكده نجاحه في إقناع الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" لاختياره لتنظيم كأس العالم للأندية في ثلاث مناسبات.
بالمقابل، يعد خيار الدخول منافسة على التنظيم في ملف مشترك سابقة للمغرب، وهو ما يطرح أسئلة حول مدى حظوظ نجاح هذا الخيار، وهل ستتمكن المملكة أخيراً من تحقيق حلمها بتنظيم المونديال؟
وفي تصريحاته لـTRT عربي، يرى المهندس والإعلامي الرياضي المغربي أيمن زيزي، أن الحديث عن الحظوظ يستوجب انتظار وقت اكتمال كل ملفات الترشح الأخرى، "لتقييم كل الملفات ومقارنتها، والوقوف على مدى حظوظ الملف الذي يشارك فيه المغرب".
ومع هذا، يضيف زيزي، فإن "ترشح المغرب في ملف مشترك، مع كل من إسبانيا والبرتغال، يمثل سابقة، لأن هذا الترشح سيكون ما بين دول تمثل قارتين، وهو ما يمكن أن يمثل سر نجاح هذا الملف ويعطيه حظوظاً أكبر (...) فإذا ما دعمت الاتحاديات الأوروبية واتحاديات الإفريقية لكرة القدم هذا الملف، سيكون ذلك دفعة قوية له أمام الملف الأمريكي الجنوبي، الذي تشترك فيه كل من الأرجنتين والأوروغواي والباراغواي".
فيما بخصوص جاهزية المملكة لاحتضان هذا المحفل، يرى زيزي أن "سبع سنوات كافية للمغرب ليكون جاهزاً لتنظيم كأس العالم لأن الفيفا حسمت في الصيغة التنظيمية للنسخ القادمة، إذ يكون 12 مجموعة، ما يعني أن المغرب سيحتضن منافسات أربع مجموعات"، وبالتالي "يحتاج المغرب إلى ثماني ملاعب على الأقل، هو الآن يملك خمسة ملاعب جاهزة، ويمكن بناء الثلاثة الباقية في الفترة الفاصلة عن موعد المسابقة".
من ناحية أخرى، أوضح الصحافي المغربي عبد الحق صبري، في حديثه لـTRT عربي، أن "الملف المشترك بين المغرب وإسبانيا والبرتغال سيكون بالتأكيد أقوى الملفات وأوفرها حظاً لتنظيم كأس العالم 2030".
ويرجع الصحافي المغربي هذا إلى أسباب عدة "أبرزها الدعم الكبير الذي يحظى به المغرب في القارة الإفريقية وكذلك في المنطقة العربية، بخاصة أن الإنجاز التاريخي للمنتخب المغربي في مونديال قطر سيؤثر بشكل إيجابي على مستقبل كرة القدم الإفريقية والعربية". هذا بالإضافة إلى أن "البرتغال وإسبانيا تحظيان بدعم أوروبي كبير، بخاصة أنهما عضوان في الاتحاد الأوروبي باعتباره أحد أقوى تكتلات العالمية".
ويضيف صبري أن "رياضة كرة القدم عرفت تطوراً كبيراً في هذه البلدان الثلاثة وبطولاتها المحلية تحظى بمتابعة قوية عبر العالم، إلى جانب أن موقعها الجغرافي هو موقع استراتيجي يربط الشرق بالغرب، ما سيسهل من عملية تنقل الجماهير وأطقم المنتخبات المشاركة".