تابعنا
بعد أن كانت تمثّل الدولة الثانية في العالم، التي تمكنت من اتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على حياة مواطنيها خلال الموجة الأولى من انتشار جائحة كورونا، تسجّل تونس حالياً ارتفاعاً مفزعاً في نسب الإصابات والوفيات مع انتشار المتحور من الفيروس.

صرحت الناطقة الرسمية باسم وزارة الصحة والمديرة العامة للمرصد الوطني للأمراض الجديدة والمستجدة نصاف بن علية، يوم الخميس 8 يوليو/تموز الجاري، بأن الوضع الوبائي في تونس كارثي وأن المنظمة الصحية حالياً منهارة.

وأشارت بن علية إلى أن السبب الرئيسي وراء الانتشار السريع للفيروس هو هيمنة السلالة الهندية التي تبلغ قدرتها على الانتشار أكثر من 70% مقارنة ببقية السلالات المنتشرة للفيروس.

وفي سياق متصل أطلقت بن علية صيحة فزع قائلة إن "المركب يغرق بنا، وعليه يجب أن نتحمل المسؤولية كلنا، فعدد حالات الوفاة هائل، وإذا واصلنا في الاستهتار بالإجراءات الصحية فلن نكون قادرين على التكفل بالمرضى".

يشار إلى أن المنظومة الصحية في تونس أصبحت غير قادرة على استيعاب وإسعاف المصابين، في ظل بنية تحتية تفتقر إلى أبسط الإمكانيات، وارتفاع سريع للحالات الخطيرة التي تتطلب التدخل الطبي العاجل.

بالتالي تنذر هذه المؤشرات بوضع كارثي في تونس، إن لم تسرع الحكومة والدوائر المسؤولة إلى اتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة لوقف النزيف الصحي. ولكن تبدو الخيارات قليلة وقاصرة في ظل أزمة سياسية تعصف بالبلاد منذ فترة، تسببت في شلل مختلف القطاعات.

هل تسعف الحكومة القطاع الصحي؟

في زيادة قياسية منذ بدء انتشار الجائحة، سجلت تونس الأربعاء قرابة 10 آلاف إصابة جديدة في مختلف الولايات و134 حالة وفاة، في وقت رفع فيه العاملون في قطاع الصحة، نداءات استغاثة بتجهيز المستشفيات، إذ أصبح من الصعب توفير الأكسيجين أو عدد الأسرة القادر على استيعاب المصابين. وتسجل المستشفيات حالياً حجز جميع أسرة الإنعاش والأكسيجين على كامل تراب البلاد.

ورغم أن الحكومة التونسية أقرّت مؤخراً مجموعة من التدابير للحدّ من سرعة انتشار الفايروس، كفرض الحجر المنزلي في بعض الولايات ومنع التنقل بين مختلف المدن وغيرها، فإن كثيرين يعدون الإجراءات متأخرة.

وأعلنت مؤخراً وزارة الصحة أنه من المنتظر أن تتحصل تونس خلال شهر يوليو/تموز الجاري على مليون و270 ألفاً و750 جرعة من اللقاحات المضادة لفيروس كورونا (سبوتنيك، وفايزر، وأسترازنيكا)، وذلك بكميات مختلفة.

تبدو هذه الإجراءات، على أهميتها، غير قادرة وحدها على وقف الوضع الكارثي الذي تمرّ به تونس، بخاصة مع إعلان قطاع الصحة عجزه عن الإنقاذ بغياب الأجهزة اللازمة وبانهيار المنظومة الطبية.

تكافل شعبي لمقاومة الوباء

أمام عجز المنظومة الصحية عن استيعاب المصابين، وقصور دور الحكومة في إسعاف القطاع الصحي بما يحتاج إليه من معدات لازمة، تكاثفت الجهود المجتمعية للمساعدة على مواجهة الوباء ومقاومته.

وأطلقت مبادرات عديدة لجمع التبرعات من المواطنين التونسيين المقيمين داخل البلاد وخارجها، لاقتناء الكمامات الطبية والأجهزة المساعدة على التنفس، ومكثفات الأكسيجين.

كما شُكلت لجان شعبية لتسجيل المواطنين في منظومة اللقاح، وأخرى تقوم بالتوعية للوقاية من انتشار العدوى، وغيرها من الأدوار التي تعاضد مجهود المنظومة الصحية.

وتبدو المساعي المبذولة في ذلك مكثفة وجادة، إلا أن جمعيات تونسية مقرها خارج البلاد، عبّرت عن تشكياتها وسجّلت اعتراضات على ما سمته اصطدام التبرعات العينية بالبيروقراطية الإدارية في تونس.

ما أثار من جديد الجدل حول علاقة الدولة بالمجتمع المدني، وعن عدم تقدير الجهات المسؤولة للخطر المحدق بالبلاد والذي على الدوائر الرسمية التعامل معه بمرونة وانسيابية بعيداً عن البيروقراطية المعتادة، حسب تعبير نشطاء تونسيين.

TRT عربي