في اجتماع لوزيري النقل الإيراني مهرداد بازرباش والروسي فيتالي سافيليف، في طهران يوم الأربعاء، جرى توقيع اتفاق إنشاء خط سكة قطار جديد على طول ساحل بحر قزوين، سيمكّن من إتمام الربط السككي بين البلدين، وسيربط المرافئ الروسية والإيرانية بشبكة السكك الحديد الهندية والأذرية.
فيما يدخل الخط الجديد في إطار مشروع "ممر شمال- جنوب" اللوجستي بين روسيا وإيران، وتؤهله هذه المواصفات من أن يشكل معبراً أساسياً للسلع من شرق آسيا إلى شمال وغرب أوروبا، وهو ما يجعلها المنافس الرئيسي لقناة السويس، إذ يختصر الوقت ويخفض تكلفة النقل.
قطار إيران-روسيا
سيمتد هذا الخط الجديد على طول 162 كيلومتراً، رابطاً بين مدينتي رشت على الساحل الجنوبي لبحر قزوين وأستار على الحدود مع أذربيجان، ومنها يوصّل بشبكة القطارات الأذربيجانية المتصلة أساساً بالشبكة الروسية. هذا وسيكلف مشروع إنشاء هذا الخط 1.6 مليار دولار، وسيكون مفتاحاً لنقل البضائع عبر ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب.
وحضر مراسم التوقيع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، كما حضرها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عبر تقنية التواصل المرئي. ووصف الرئيس الإيراني هذا المشروع بأنه "بلا شك خطوة مهمة وإستراتيجية في اتجاه التعاون بين طهران وموسكو".
فيما قال نظيره الروسي فلاديمير بوتين، بأن: "شريان النقل الفريد بين الشمال والجنوب، والذي سيصبح خط سكة حديد رشت-أستارا جزءاً منه، سيساعد على تنويع تدفقات حركة المرور العالمية بشكل كبير"، وسيساهم في "ربط المواني الروسية على بحر البلطيق بالمواني الإيرانية في المحيط الهندي والخليج".
وقبلها، في يناير/كانون الثاني الماضي، التقى وزير النقل والتنمية الحضرية الإيراني مهرداد بازرباش، مع المبعوث الخاص للرئيس الروسي إيغور ليفيتين، لمراجعة التقدم بالتعاون في مجال السكك الحديدية بين البلدين. وقتها شدد بازرباش على تسريع تطوير ممر العبور الدولي بين الشمال والجنوب.
قد ينافس قناة السويس؟
يعد مشروع خط سكة حديد رشت-أستارا نقلة مهمة في مستويات التعاون الاقتصادي بين موسكو وطهران، كما في تطوير شبكة النقل اللوجستي بين شرق آسيا نحو أوروبا الغربية، باعتباره رابطاً مهماً بين الهند وإيران وروسيا وأذربيجان ودول أخرى عبر السكك الحديدية والبحر. وتقول روسيا إن هذا الخط يمكن أن ينافس قناة السويس باعتبارها طريقاً تجارياً عالمياً رئيسياً.
ويتكون ممر "شمال جنوب" من شبكة خطوط بحرية وبرية وسكك حديدية يبلغ طولها 7200 كيلومتر، ويبدأ من بومباي في الهند ليربط المحيط الهندي ومنطقة الخليج مع بحر قزوين مروراً بإيران، ثم منها يتوجه إلى سان بطرسوبرغ الروسية، ومنها إلى شمال أوروبا، وصولاً إلى العاصمة الفنلندية، مما يختصر المسافة مقارنة مع قناة السويس بمقدار أكثر من الضعف، مقلصاً مدة الشحن وتكلفتها.
إضافة إلى هذا، سيمثل الخط مفراً اقتصادياً للبلدين الواقعين تحت عقوبات غربية قاسية، على رأسها صادرات الطاقة الروسية. في هذا الصدد، وفي يوليو/تموز الماضي، شهدت إيران وصول أول شحنات الوقود الروسي عبر قطار الشحن الذي يربطها بأذربيجان.
وهو ما يؤكده رئيس قسم توقعات تنمية منظومات النقل في معهد قضايا النقل التابع لأكاديمية العلوم الروسية، فلاديمير تسيغانوف، في حديث صحفي سابق، بقوله إن البت في مسألة مد السكة الحديدية في إيران والإسراع في تحقيق المشروع، يتزامن مع بحث روسيا عن حلول للالتفاف على العقوبات والقيود الاقتصادية الغربية، والتي لم تمس بعد قطاع الشحن بواسطة السكك الحديدية والقطارات.
من ناحية أخرى، حسب مقال للكاتب والمستشار في شؤون الطاقة أمود شكري، فإن هذا الخط سيساهم في زيادة التبادلات التجارية بين إيران وروسيا، وبالتالي "من شأنه أن يمنح طهران مكانة أفضل في المفاوضات الاقتصادية مع دول آسيا الوسطى الأخرى"، إذ يمكن أن تستفيد إيران من التجارة مع هذه الدول "باستخدام مبادلات النفط والغاز بسلع أو موارد طاقة أخرى".
وشهدت المبادلات التجارية بين روسيا وإيران ارتفاعاً ملحوظاً خلال الشهور السبعة الأولى من عام 2022، بنسبة ناهزت 44.9%. وبلغ إجمالي هذه المبادلات خلال تلك الفترة، ما مقداره 2.8 مليار دولار، وتستهدف روسيا رفع هذه المبادلات إلى 40 مليار دولار خلال السنوات القادمة.