في الوقت الذي أثيرت فيه أسئلة حول الروح المعنوية للقوات الروسية ونقص الإمدادات العسكرية والعتاد لدى المقاتلين على الخطوط الأمامية، قال وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف، يوم الجمعة، إن كييف في المراحل الأخيرة من استعداداتها لبدء هجوم مضاد منسق، وفقاً لما أورده تقرير على موقع نيوزويك.
وبينما رفع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من وقع تصريحات ريزنيكوف يوم السبت، وقال لوسائل الإعلام الإسكندنافية "سيكون هناك هجوم مضاد، وأعتقد أنه سينجح"، خرج قائد مجموعة فاغنر العسكرية الخاصة يفغيني بريغوجين، الأحد، وقال إن هذا الهجوم المضاد المتوقع يمكن أن يشكل "مأساة" لروسيا، متذمراً في الوقت ذاته من شح الذخيرة لدى مقاتليه، وفقاً لما نقلته فرانس بريس.
ويبدو أنها قد تكون مدفوعةً بالتصريحات الأوكرانية التي تتحدث عن أن الاستعدادات قد شارفت على نهايتها، بالإضافة إلى تحذيرات بريغوجين حول نقص العتاد، باشرت موسكو يوم الأحد في تغيير القيادة اللوجستية لقواتها التي تقاتل في أوكرانيا، حيث عينت الجنرال أليكسي كوزمنكوف قائداً للوجستيات العسكرية بدلاً من الجنرال ميخائيل ميزينتزيف.
هجوم منتظر
يرى المراقبون أن روسيا انتظرت هجوم الربيع الأوكراني الذي جرى التبجح به كثيراً طوال الأشهر الماضية، وقد استعدت منذ فترة طويلة لهجوم أوكراني واسع مدعوماً بعتاد غربي، وذلك عبر اتخاذ خطوات دفاعية في المناطق الجنوبية المضمومة من أوكرانيا.
فيما نقلت نيوزويك عن معهد دراسات الحرب ومقره واشنطن يوم السبت قوله إن القوات الروسية قد وسعت من استخدام "الإجراءات الأمنية وترحيل المواطنين الأوكرانيين من المناط التي ضمتها" في محاولة لتحديد أولئك الذين قد يدعمون الهجوم المضاد الأوكراني.
وإلى جانب التحذيرات التي أطلقها بريغوجين - حليف الرئيس فلاديمير بوتين الذي يخوض بصفته رئيس مجموعة عسكرية خاصة صراع نفوذ مع وزارة الدفاع الروسية، يبدو أن الهجوم المضاد الذي يلوح في الأفق قد تسبب في قلق أعضاء اللجنة الإعلامية الحكومية الروسية أيضاً، حيث وصفت الإجراءات الأوكرانية على الخطوط الأمامية بأنها "مثيرة للقلق". ووصف مضيف إعلامي رسمي روسيا بأنها "تستعد" للعمليات الأوكرانية، مضيفاً: "الشيء الرئيسي بالنسبة إلينا الآن هو عدم ارتكاب الأخطاء التي ارتكبناها بوضوح في الخريف".
نقاط ضعف روسية
تواجه روسيا نقاط ضعف رئيسية في مواجهة الهجوم المضاد، بما في ذلك إمدادات الأسلحة والذخيرة إلى خط المواجهة، وفقاً لأستاذ العلوم السياسية في جامعة برمنغهام، ديفيد دن، في تصريحات لمجلة نيوزويك.
وأضاف دان أنه مع قوة أوكرانيا في مجال المعلومات، فمن المرجح أن تتدهور معنويات القوات الروسية. مشيراً في الوقت ذاته إلى أن نقاط الضعف العسكرية قد تؤدي أيضاً إلى ظهور مشاكل سياسية تخيم على المشهد في الوطن الأم، روسيا.
وفي سياق متصل، قال زعيم فاغنر في مقابلة مع المراسل الحربي الروسي سيميون بيغوف، "نحن (فاغنر) لدينا 10-15% فقط من القذائف التي نحتاج إليها"، محملاً قيادة الجيش الروسي مسؤولية ذلك. وتوقع يفغيني بريغوجين أن تشن أوكرانيا هجوماً مضاداً في منتصف مايو/أيار الجاري. وقال في هذا الصدد إن "الهجوم المضاد يمكن أن يصبح مأساة لبلدنا".
كيف تستعد موسكو لصد الهجوم المضاد؟
حسب مراقبين غربيين، في ظل نقص العتاد، يواجه الجيش الروسي تحديات عدة في صد أي هجوم مضاد، حيث يعاني من نقص في الأسلحة والمعدات العسكرية المتطورة القادرة على التصدي للأسلحة الغربية الحديثة التي في حوزة القوات الأوكرانية.
ومع ذلك، يبدو أن روسيا قد تبنت نهجاً جديداً لوأد هذا الهجوم عبر استهداف قواعد تجميع قوات الاحتياط، في محاولة لمنع وصول القوات الأوكرانية الجديدة إلى الخطوط الأمامية، وبالتالي إحباط خطط كييف في تحقيق نجاحها المنشود في هجومها المضاد، وفقاً لما أوردته شبكة سكاي نيوز.
وبالإضافة إلى استهداف القوات الروسية لقواعد شحن القوات والعتاد في مناطق كراماتورسك وسلافيانسك، والتي تستخدم بدورها كقواعد إمداد القوات والعتاد للقوات على الخطوط الأمامية في باخموت وخيرسون وغيرها، استهدف القصف الروسي مواقع القيادة والمراقبة ومخازن الأسلحة في خيرسون.
في ضوء هذه الظروف، تحاول روسيا تفادي أي مواجهة مباشرة مع القوات الأوكرانية وصد أي هجوم واسع عبر تتبع إمدادت الأسلحة، ولا سيما الغربية منها، وتدميرها قبل وصولها إلى الخطوط الأمامية، فضلاً عن استهداف فرق الاحتياط، وبالأخص القوات التي جرى تدريبها على استخدام الأسلحة والمعدات الغربية في أوروبا والولايات المتحدة.
كما يعمل الجيش الروسي على تطوير وتحسين قدراته العسكرية والتكتيكية لمواجهة أي هجوم مضاد محتمل من قبل القوات الأوكرانية. ويجري تدريب القوات الروسية على مختلف السيناريوهات المحتملة، بما في ذلك الهجمات المضادة وتكتيكات الانسحاب والدفاع.
