مشروع تنقيب عن النفط مثير للجدل في ألاسكا.. هل تحول بايدن إلى عدو البيئة؟ (Others)
تابعنا

ضاربةً بالمبادئ والوعود التي قطعتها للحفاظ على البيئة عرض الحائط، وافقت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، الاثنين، على مشروع التنقيب عن النفط المعروف باسم "ويلو" في ولاية ألاسكا، مما أثار غضب النشطاء والمدافعين عن البيئة.

ولعب بايدن على وتر حماية البيئة خلال حملته الانتخابية عام 2020، حيث تعهد بأنه لن يسمح بمزيد من أعمال التنقيب في الأراضي الفيدرالية في فترة توليه الرئاسة حال فوزه، الأمر الذي لاقى استحساناً من الديمقراطيين المناصرين للبيئة وناشطي المناخ من الشباب.

لكن يبدو أن عوامل منها أسعار الطاقة المرتفعة والمخاوف من معركة قانونية مكلفة والانتخابات التي تلوح في الأفق قد غيرت الحسابات السياسية للرئيس الأمريكي وحولته من صديق للبيئة إلى أشرس أعدائها خلال عامين من توليه السلطة، وفقاً لما أوردته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية.

مشروع "ويلو"

ضمن خطة طموحة لاستقلال الولايات المتحدة في مجال الطاقة وافق الرئيس بايدن يوم الاثنين على خطة ضخمة بقيمة 8 مليارات دولار لاستخراج 600 مليون برميل من النفط من الأراضي الفيدرالية البكر في ألاسكا.

ويأتي ذلك في الوقت الذي قالت فيه وكالة الطاقة الدولية إنه يجب على الحكومات التوقف عن الموافقة على مشاريع جديدة للنفط والغاز والفحم إذا كان على كوكب الأرض تجنب الآثار الأكثر كارثية لتغير المناخ.

وقالت السناتور ليزا موركوفسكي، وهي جمهورية من ألاسكا وأحد كبار المدافعين عن "ويلو"، إن المشروع من المتوقع أن يوفر 2500 وظيفة وملايين الإيرادات لولايتها. ويذكر بأن إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب، سبق وأن وافقت على مشروع "ويلو"، لكن قاضياً وقف المشروع لإجراء "مزيد من المراجعة".

وتمتلك شركة كونكوفيليبس للنفط امتياز إيجار التنقيب عن النفط والغاز الطبيعي في المنطقة منذ أكثر من عقدين، حيث يبدو أن الإدارة الأمريكية لا تريد محاربة الشركة التي تقف وراء المشروع. ووفقاً لمسؤولي الإدارة الذين تحدثوا لنيويورك تايمز وطلبوا عدم الكشف عن هويتهم، فقد جادل محامو الإدارة بأن رفض التصريح من شأنه أن يؤدي إلى رفع دعوى قضائية قد تكلف الحكومة ما يصل إلى 5 مليارات دولار.

"قنبلة كربونية"

وصفت الجماعات البيئية مشروع "ويلو"، الذي سيجري بناؤه على أكبر رقعة من الأراضي "البكر" غير المطورة في البلاد على بعد نحو 200 ميل شمال الدائرة القطبية الشمالية، بأنه "قنبلة كربونية" ستؤدي إلى تفاقم الأمور الضارة على البيئة، وبالأخص في ألاسكا التي تعاني بالأساس من ارتفاع درجات الحرارة بشكل أسرع من أجزاء أخرى من الكوكب.

ووفقاً لتحليل فيدرالي، فإن حرق النفط الذي ينتجه مشروع "ويلو" سيؤدي إلى 280 مليون طن متري من انبعاثات الكربون. على أساس سنوي، من شأن ذلك أن يُترجم إلى 9.2 مليون طن متري من التلوث الكربوني، أي ما يعادل إضافة ما يقرب من مليوني سيارة إلى الطرق كل عام.

وتجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة تعد ثاني أكبر ملوث على كوكب الأرض بعد الصين، تنبعث منها نحو 5.6 مليار طن متري من ثاني أكسيد الكربون سنوياً.

ما تأثير ذلك على المعركة الانتخابية المقبلة؟

تمثل الموافقة على مشروع "ويلو" نقطة تحول بنهج الإدارة الأمريكية لتطوير حقول الوقود الأحفوري. سيكون مشروع "ويلو" أحد المشاريع النفطية القليلة التي وافق عليها بايدن بحرية، دون أمر المحكمة أو تفويض الكونغرس، ولعل هذا أكثر ما أثار غضب نشطاء البيئة الذين صدقوا ما تعهد به بايدن خلال حملته الانتخابية وبداية فترته الرئاسية، لحماية البيئة.

وعلى الرغم من محاولة إدارة بايدن للحد من الآثار السلبية المحتملة للموافقة على المشروع من خلال قرار جديد يحظر امتيازات تأجير الأراضي الفيدرالية للتنقيب عن النفط والغاز في المحيط المتجمد الشمالي وعبر ألاسكا، فإن أغلب المهتمين بالمناخ يفهمون هذه الحلية، إذ أعلنوا أنهم بصدد تحضير دعاوي لوقف المشروع، فضلاً توقيعهم عريضة إلكترونية حصلت على أكثر من 3 ملايين توقيع لوقف المشروع.

وحذر نشطاء البيئة صراحةً من أن سجل بايدن المناخي الذي يتضمن استثمارات بارزة في الطاقة النظيفة سيتقوض إذا وافق على مشروع "ويلو"، وأن الناخبين الشباب على وجه الخصوص قد ينقلبون ضده. بالمقابل قال بعض المحللين إن قرار بايدن يمكن أن يساعده في النهاية مع المعتدلين والمستقلين والطبقة العاملة المتأرجحة بالنظر إلى أسعار الغاز المرتفعة وسط أزمة طاقة نتجت عن الغزو الروسي لأوكرانيا.

TRT عربي
الأكثر تداولاً