وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو برفقة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. (AFP)
تابعنا

مع دخول الهجوم الروسي على أوكرانيا أسبوعه الثاني، حيث تواصل القوات الروسية هجومها على المدن ويتزايد عدد القتلى من الجانبين، قال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، الذي يُعتبر اللاعب الأساسي على ساحة الصراع الآن، إن روسيا ستواصل "عمليتها العسكرية الخاصة" في أوكرانيا حتى "تتحقق الأهداف المحددة".

وخلال حديثه في اجتماع لقادة الجيش الروسي، أكّد شويغو الذي لا يزال أكثر الأصوات نفوذاً التي يسمعها الرئيس الروسي، إن الغرض من "العملية العسكرية الخاصة" هو "تجريد أوكرانيا من السلاح وحماية روسيا مما يسمى بالتهديد العسكري الغربي".

وعلى الرغم من أنه لم يحظَ بسوى اهتمام ضئيل نسبياً في الغرب حتى وقت قريب، فإنه أحد أكثر الأعضاء طموحاً في دائرة بوتين المقربة، وأحد المطلعين على الأسرار الداخلية في الكرملين منذ فترة طويلة قبل أن يصبح وزيراً للدفاع عام 2012 ويعيد للجيش الروسي هيبته بفضل الإصلاحات التي تبناها. فمَن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو الذي يُعتبر ذراع بوتين الضاربة، والذي اعتمد عليه في غزو الأراضي الأوكرانية؟

رحلة صعوده إلى وزارة الدفاع

وُلد سيرغي شويغو في 21 مايو/أيار 1955 في مدينة توفا الروسية بالقرب من منغوليا، والدته روسية مولوده في أوكرانيا.

تَخرَّج في معهد بوليتكنيك في سيبيريا بدرجة البكالوريوس في الهندسة المدنية في عام 1977، ثم شقّ طريقه حتى وصل إلى رتبة تنفيذي في صناعة البناء.

وفي وقت قريب من تفكك الاتحاد السوفييتي، تحديداً عام 1988، انضمّ شويغو إلى الحزب الشيوعي للاتحاد السوفييتي وترك بصمته السياسية في موسكو بسرعة في التسعينيات، إذ تَولَّى منصباً وزارياً جديداً كوزير لحالات الطوارئ، وخرج إلى مسرح الكوارث الطبيعية والتفجيرات الإرهابية والتحدث وجهاً لوجه مع المدنيين، مما أكسبه شهرة وطنية، وفقاً لمجلة فورين أفيرز.

ونظراً إلى السجل الحافل الذي سطره شويغو وصورته المستحسنة أمام الرأي العامّ، اختاره بوتين عام 1999 ليكون أحد قادة حزبه روسيا المتحدة، ثم في عام 2012 وبشكل غير متوقع عينه وزيراً للدفاع على الرغم من عدم امتلاكه أي خلفية عسكرية أو خبرة قتالية.

مهمة صعبة

بالتزامن مع وصوله إلى رأس وزارة الدفاع الروسية، كان الجيش الروسي يمر بأسوأ حالاته من حيث القدرة القتالية، رغم الانتصار السريع في الحرب الروسية الجورجية عام 2008، وهنا برز دور شويغو المهمّ الذي باشر تحسين الجيش ورفع قدرته القتالية بما يتناسب مع مواجهة خصوم أقوى مثل الولايات المتحدة والناتو.

وبطريقة مُوازية عزّز شويغو انخراط الجيش بالحياة السياسية بعد عقود طويلة من الانقطاع الذي تَعزَّز مع قدوم بوتين إلى السلطة لأول مرة، الذي كلف بدوره "جهاز الأمن الفيدرالي الروسي" (FSB)، خليفة "كيه جي بي"، إدارة حرب الشيشان عام 1999 ووضع الجيش تحت قيادة جهاز الأمن، الأمر الذي عزّز فقدان الجيش هيبته التي تزعزعت بعد هزيمة أفغانستان وفشله في الشيشان.

وبشكل مباشر، ألغى شويغو البروتوكول الذي كان يرى ضباطاً من هيئة الأركان يرتدون بدلات بَدَلاً من الزي العسكري، إيماناً منه بأن الضباط يجب أن يرتدوا لباس المعركة لا لباس المكتب. وعام 2017 أمر بتغيير اللباس العسكري وجعله شبيهاً بالزي السوفييتي لعام 1945، المعروف في الجيش باسم "زيّ الفوز".

على الصعيد الاستراتيجي تَبنَّى شويغو ابتكارات ذات تقنية عالية، وشكّل قيادة سيبرانية وإدماج القوة الجوية والقوة الفضائية مع "القوات الجوية الفضائية الروسية" الجديدة، لمواكبة روح العصر ونقلها إلى القدرات العسكرية والقتالية. في الوقت نفسه اهتمّ بالضباط ورفع رواتبهم، كما منع التسيب بما يتعلق بالخدمة العسكرية وجعل من المستحيل تقريباً على الشباب الروسي تجنبها.

أعاد إلى الجيش قوته

في وقت مبكّر حقق شويغو نجاحين عسكريين في غاية الأهمية، مما عزّز سمعته لدى الكرملين وساعد على منحه مكانة عسكرية جديدة في الحكومة، ومنح الجيش مقعداً على طاولة صنع القرار السياسي.

النجاح الأول تَمثَّل في ضم شبه جزيرة القرم عام 2014 بسرعة وكفاءة، بعدما عجز جهاز الأمن الروسي عن إفشال "ثورة الميدان الأوروبي" بأوكرانيا. أمّا الثاني فكان عندما تَدخَّل الجيش عسكرياً بحسم أواخر 2015 لقلب مسار الحرب في سوريا بسرعة، مما عزّز صمود نظام بشار الأسد، حليف روسيا.

في أعقاب هذه النجاحات تَحوَّل شويغو سريعاً ليصبح ذراع بوتين الضاربة ضمن محاولته اليائسة لاستعادة أمجاد روسيا السوفييتية، التي يبدو أنها أشعلها وزير الدفاع من خلال اجتياحه الواسع لأوكرانيا قبل أقلّ من أسبوعين.

TRT عربي