ما قصة مخافر الشرطة الصينية التي كشفتها الـ"إف بي آي"؟ / صورة: Reuters (Paul Childs/Reuters)
تابعنا

يعد حي "تشاينا تاون" مركز النشاط الاجتماعي والتجاري للجالية الصينية والآسيوية في نيويورك، ولهذا الغرض أنشأت بكين مخفر شرطة سرياً تابعاً لها. هذا ما خلصت إليه تحريات مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي "إف بي آي"، قبل أن يعلن عن اعتقال شخصين ينحدران من أصول صينية، للاشتباه في إدارتهما مركز شرطة سرياً تابعاً لبكين في قلب الحي المذكور.

ودأبت بكين على إنكار امتلاكها أي مراكز شرطة سرية خارج أراضيها، بالمقابل يقول محققون بأنها تمتلك أكثر من 100 مركز سري منتشرة في أكثر من 53 دولة حول العالم، إذ تستخدمها للتضييق على المعارضين من الجاليات الصينية والآسيوية، كذلك للتجسس وجمع المعلومات الاستخباراتية.

مركز شرطة سري في "تشاينا تاون"

انطلقت ملاحقة الـ "إف بي آي" للمشتبه بهما الستينيين، لو جيان وانغ وتشين جين بينغ، في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وجرى إلقاء القبض عليهما يوم الاثنين، إذ يواجهان اتهامات بالتآمر، والعمل لصالح الصين، وإعاقة العدالة.

وقالت وزارة العدل الأمريكية، إن "السيد لو من برونكس والسيد تشين من مانهاتن عملا معاً لتأسيس أول مركز شرطة خارجي في الولايات المتحدة نيابة عن وزارة الأمن العام الصينية. وجرى إغلاق ذلك المركز في خريف عام 2022، بعد أن علم المتورطون بتحقيق مكتب التحقيقات الفيدرالي في المحطة".

وأوضح مدير الادعاء بنيويورك بيرون بيرس أن هذه الاتهامات الموجهة إلى المشتبه بهما "تكشف تدخل الحكومة الصينية السافر في سيادة أمتنا، بتأسيس مركز شرطة سري في قلب نيويورك". فيما صرّح مساعده ماثيو أولسن "جمهورية الصين الشعبية تتصرف بشكل غير مقبول، ويتخطى حدود سلوك الدول المقبول، ونحن سنحمي حريات المقيمين على أراضينا في مواجهة تهديدات الأنظمة القمعية".

وحسب هيئة الادعاء، فإن أحد المتهمين كان على قائمة الأشخاص المتعاونين مع الصين في "أنشطة قمعية" داخل الولايات المتحدة، بداية من عام 2015، بما في ذلك مضايقة المعارضين الصينيين. وفي عام 2018، ضغط المتهم نفسه، على شخص فار من الصين للعودة إليها، بعد تهديده وتهديد أسرته في الصين، وهي الاتهامات التي ينفيها المتهم.

ووفق المصدر ذاته، اعترف المتهمان بعد مصادرة هاتفيهما بمسح مراسلات مع مسؤول في وزارة الأمن العام الصينية، والذي كان يدير عملهما في الولايات المتحدة.

100 منها حول العالم

هذا وتنكر الصين أي علاقة لها بالمركز، معتبرة أنها "مراكز خدمات" لمواطنيها في الخارج، جرى تأسيسها خلال فترة وباء كورونا، بهدف تسهيل إجراءات تجديد رخص القيادة، لمواطنيها في الخارج، وأمور إدارية مشابهة.

وعقب إعلان الاعتقال، كتبت مجلة "نيويورك بوست"، أن ستة مراكز مماثلة تنتشر في الولايات المتحدة، بما فيها مدن لوس أنجلوس وسان فرانسيسكو وهيوستن وولايات نبراسكا ومينيسوتا. ونقلت عن المتحدث باسم منظمة "Safeguard Defenders" الحقوقية قوله: "منظمات تطبيق القانون هذه ، التي يديرها الحزب الشيوعي الصيني، مكلفة بالتجسس على المواطنين الصينيين في جميع أنحاء العالم".

وفي شهر مارس/آذار الماضي، كانت الشرطة الكندية قد فتحت تحقيقاً في اشتباه وجود مراكز شرطة صينية مماثلة على أراضيها. وكشفت شرطة الخيالة الملكية الكندية عن أنها تبحث في موقعين في مونتريال، يعتقد أنهما يعملان لصالح بكين. وفي تعليقه على هذا الأمر، قال رئيس الوزراء جاستن ترودو إن "حكومته قلقة للغاية من هذه القضية".

وفي أواخر عام 2022، أفادت وكالة الأنباء الألمانية DPA أنه: "يوجد في ألمانيا مركزان غير رسميين للشرطة الخارجية الصينية". مشيرةً إلى أن مركزَي الظل هذين يهدفان إلى ملاحقة المنشقين الصينيين في البلاد. وعلى ضوء التحقيقات أرسلت وزارة الداخلية مذكرة احتجاج إلى السفارة الصينية للاستبيان حول التفاصيل.

هذا وذكر تقرير لشبكة "سي إن إن" الأمريكية أن الصين فتحت أكثر من 100 "مركز شرطة خارجي" في عشرات البلدان حول العالم بهدف مراقبة ومضايقة وحتى إعادة المواطنين الصينيين الذين يعيشون في المنفى بمساعدة بعض الدول المضيفة.

وهو رقم كانت قد استقته "سي إن إن" من تقرير صادر عن منظمة حقوق الإنسان Safeguard Defenders، في سبتمبر/أيلول الماضي، يكشف النقاب عن وجود 54 مركزاً من هذا النوع في جميع أنحاء العالم. لكنها عادت وأكدت في تقرير جديد أن لديها أدلة على أن الصين كانت تدير 48 مركزاً إضافياً للشرطة.

TRT عربي