700 قتيل منذ 1992.. ما سرّ صعوبة الطيران فوق نيبال؟ / صورة: Reuters (Stringer/Reuters)
تابعنا

تحطمت رحلة خطوط يتي الجوية رقم 691 يوم الأحد قبل أن تهبط في مدينة بوخارا السياحية في نيبال، بوابة منطقة التنزه الشهيرة في جبال الهيمالايا، بعد رحلة استغرقت 27 دقيقة من كاتماندو. ويعتقد المسؤولون أن 72 شخصاً كانوا على متن الطائرة التوربينية ATR 72 ذات المحركين قد لقوا مصرعهم في الحادثة.

سلّطَ حادثة تحطم الطائرة في نيبال الضوء على مخاطر السفر الجوي في بلد يُشار إليه غالباً على أنه أحد أكثر الأماكن خطورة في العالم للطيران. وتُعتبر الحادثة أخطر كارثة من هذا النوع في البلاد منذ 30 عاماً، وفقاً لقاعدة بيانات تحتفظ بها شبكة سلامة الطيران، لكنها ليست فريدة من نوعها، إذ توُفّي أكثر من 700 شخص في حوادث الطيران في نيبال منذ عام 1992، حسب المسؤولين هناك.

ويقول الخبراء إن الظروف مثل الطقس العاصف، وانخفاض الرؤية، والتضاريس الجبلية، كلها عوامل تساهم في سمعة نيبال كمكان معروف بخطورة الطيران. من جانبه قال مستشار سلامة الطيران أدريان يونغ لصحيفة واشنطن بوست: "لتضاريسها وطقسها والحاجة إلى التنقل بين الأماكن -عديد من هذه المجتمعات غير مرتبط بالطرق- ستكون (نيبال) دائماً بيئة مليئة بالتحديات مع مستوى أعلى من المخاطر بالمقارنة مع أجزاء أخرى من العالم".

وفي ما يلي بعض الأسباب التي تجعل نيبال تحدياً كبيراً للطيارين:

"تضاريس مُعادية"

أنماط الطقس المتقلبة ليست المشكلة الوحيدة لعمليات الطيران. وفقاً لتقرير السلامة لعام 2019 الصادر عن هيئة الطيران المدني النيبالية، فإن "التضاريس المُعادية" للبلاد هي أيضاً جزء من "التحدي الكبير" الذي يواجه الطيارين.

ونيبال التي يبلغ عدد سكانها 29 مليون نسمة، هي موطن لثمانية من أعلى 14 جبلاً في العالم، بما في ذلك جبل إيفرست، ومناظرها الطبيعية الوعرة تجعلها وجهة سياحية شهيرة للمتنزهين، حسبما أوردت شبكة سي إن إن الأمريكية.

في سياق متصل قال مستشار سلامة الطيران رون بارتش: "إنها بيئة تشغيل أكثر تحدياً. في نيبال ثلاثة عوامل مرتبطة بالتضاريس الجبلية تصعّب الطيران: المطارات الشاهقة والمدارج القصيرة والرياح القوية".

وبالإضافة إلى صعوبة التنقل في مثل هذه التضاريس، بخاصة في الطقس السيئ، فإن الأمور تزداد سوءاً بسبب الحاجة إلى استخدام طائرات صغيرة للوصول إلى الأجزاء النائية والجبلية من البلاد. قال تقرير هيئة الطيران المدني إن الطائرات التي تحتوي على 19 مقعداً أو أقل من المرجح أن تتعرض للحوادث بسبب هذه التحديات.

طقس عاصف

في تقرير عام 2019 استشهدت هيئة الطيران المدني النيبالية بالتضاريس "العدائية" للبلاد باعتبارها واحداً من تحديين رئيسيين للسلامة الجوية، معنونةً التحدي الآخر ببند الطقس.

ويطلق الخبراء مصطلح CFITs على حوادث تحطم الطائرة دون أن يبدو أن الطيار فقد السيطرة. وكانت هيئة الطيران المدني ذكرت أن ما يقرب من 3 من كل 4 وفيات حوادث الطائرات المسجلة في نيبال خلال العقد الماضي صنّفها المسؤولون CFITs، إذ حدثت غالبيتها في المناطق الجبلية.

ووفقاً لقاعدة بيانات تحتفظ بها شبكة سلامة الطيران، كانت اثنتان من أكثر الحوادث دموية في نيبال من طراز CFITs. في عام 1992، تحطمت طائرة ركاب باكستانية في تلة وعرة بجبال الهيمالايا عند محاولتها الهبوط في مطار كاتماندو في عاصفة ممطرة، مما أسفر عن مقتل 167 شخصاً كانوا على متنها. وقبل ذلك بشهرين تحطمت طائرة تابعة للخطوط الجوية التايلندية أيضاً وسط هطول أمطار غزيرة، مما أسفر عن مقتل 113 شخصاً.

مطارات محاطة بقمم جبلية

يقع عديد من مدارج المطارات في نيبال وسط قمم عالية، يمكن أن تكون خطيرة خصوصاً في ظروف الرؤية المنخفضة. وفقاً لهيئة الطيران المدني فإن المطار المرتبط تاريخياً بأكبر عدد من الحوادث المميتة منذ عام 1960 هو مطار تنزينغ هيلاري في لوكلا شمال شرقي البلاد، الواقع على ارتفاع 9334 قدماً ويُعتبر بوابة معسكر قاعدة جبل إيفرست.

وحسب أدريان يونغ فإن هبوط طائرة في مطارات جبلية يعني أن الطيارين يصبحون أكثر اعتماداً على ما يمكنهم رؤيته، فضلاً عن عدم إمكانية الوصول إليها إلا بطائرات الهليكوبتر والطائرات الصغيرة قصيرة الإقلاع والهبوط.

وقال يونغ: "إذا كان مطارك في وادٍ، فسيتعيّن عليك في وقت ما النزول إلى أسفل التلال المحيطة به". في ظروف الرؤية المنخفضة يميل الطيارون إلى الاعتماد على المعدات الموجودة على الطائرة أو مساعدة المطار لهم على الهبوط بالطائرة، وهو ما يقول يونغ إنه ليست جميع المطارات النيبالية مجهزة لتوفيره.

ضغط منخفض

انخفاض ضغط الهواء بسبب ارتفاع نيبال يشكل تحدياً آخر للطيارين، فوفقاً لـWorld Atlas يبلغ متوسط ارتفاع نيبال 10715 قدماً.

من جانبه قال يونغ: "كلما حلقت إلى أعلى كان الهواء أرقّ. وإذا كنت تهبط على ارتفاع عالٍ، فستواجه بعض المشكلات المتعلقة بأداء الرحلة". وتابع: "بعض مطارات نيبال هي ما نطلق عليه الحارّة والعالية، لذلك تتوقع درجات حرارة عالية إلى حد ما بالإضافة إلى ارتفاع كبير. يعني هذا هواءً أقلّ للجناح للعمل به".

لوائح فضفاضة

في أغسطس/آب 2022 طلبت هيئة مراقبة الطيران التابعة للأمم المتحدة، منظمة الطيران المدني الدولي (ICAO)، من الحكومة النيبالية تقسيم السلطة إلى كيانين منفصلين، مقدم خدمة ومنظّم.

وقالت إن السلطة جهة تنظيمية ومزود خدمة، وقد يؤدي ذلك إلى تضارب في المصالح عندما يتعلق الأمر بوضع لوائح السلامة. قد يوفر التقسيم عديداً من الفوائد لشركات الطيران وللركاب. وقد يؤدي أيضاً إلى انخفاض عدد الحوادث المميتة. مع ذلك لم يُحرَز تقدم كبير بشأن اقتراح منظمة الطيران المدني الدولي حتى الآن.

عامل آخر يجعل الوضع أسوأ هو قلة الاستثمار في الطائرات القديمة في البلاد، إذ يزيد نقص الاستثمار في الطائرات القديمة مخاطر الطيران.

TRT عربي
الأكثر تداولاً