طفلان من اليمن في مخيمات اللجوء بعد الحرب الدائرة في البلاد (Others)
تابعنا

تسببت الحروب والنزاعات المسلحة المندلعة منذ سنوات في عدد من بلدان العالم العربي، في مأساة إنسانية لآلاف الأطفال، فإلى جانب تهديد أمنهم وحياتهم، وانقطاعهم عن الدراسة بسبب قصف مدارسهم، وحرمانهم الغذاء والسكن والرعاية الصحية، فقد كثير منهم أحد والديه على الأقلّ، إن لم يفقدهما معاً، ليزيد يتمُهم وضعَهم سوءاً.

وباعتبار أن الحروب الأخيرة، كان نصف ضحاياها تقريباً من المدنيين، وفق ما كشفت عنه تقارير منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، فقد شهد بناء على ذلك عدد الأيتام في العالم عموماً وفي العالم العربي على وجه التحديد ارتفاعاً مفزعاً.

ويتساءل في هذه الأثناء كثيرون عما إذا كانت مساعي المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية، خصوصاً مع تحديدها يوماً عالمياً لأيتام الحروب، جادة في الإحاطة بهؤلاء الأيتام وتأمين حياة كريمة لهم، وما إذا كان توجُّه حقيقي لوقف هذا النزيف البشري الذي يكاد يكون به العالم العربي "بؤرة لليتم".

أيتام الحرب.. أرقام مفزعة في البلدان العربية

نشرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" مؤخراً، تقريراً أظهرت فيه تزايداً تدريجياً في أعداد أيتام الحروب حول العالم خلال السنوات الماضية. فمنذ عام 2015 قُدّر أيتام العالم بنحو 140 مليوناً، منهم 61 مليوناً في آسيا، و52 مليوناً في إفريقيا، و10 ملايين في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، و7.3 مليون في أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى.

وباعتبار أن المنطقة العربية أصبحت خلال السنوات الأخيرة وبشكل كبير مسرحاً للتنافس الدولي والنزاعات المسلحة والحروب، فقد شهدت حصيلة القتلى ارتفاعاً مأساوياً، ارتفعت معه أعداد الأيتام من الأطفال، الذين يواجه أغلبهم اليوم النزوح أو اللجوء أو التجنيد القسري.

ففي سوريا، التي تدخل عامها الحادي عشر منذ اندلاع الحرب فيها مخلفة حجماً كبيراً من الدمار والقتل، قدرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" أن عدد الأيتام فيها بلغ خلال عام 2018 قرابة مليون طفل، فقد 10% منهم أحد الأبوين أو كليهما بسبب الحرب، ويُعَدّ 90% منهم غير مكفولين. ويؤكّد عديد من المنظمات الحقوقية الدولية أن هذه الأعداد لا تزال تشهد ارتفاعاً مفزعاً مع استمرار الحرب والقصف.

يُستغلّ في إدلب أطفال أيتام فقدوا عائلهم ويُتاجَر ببراءتهم ونحول أجسادهم، بحثِّهم على التسول (TRT Arabi)

أما في العراق فقد كشفت مؤخراً مفوضية حقوق الإنسان المستقلة في بيان رسمي، أن عدد الأطفال اليتامى في العراق قُدّر بنحو 5 ملايين يتيم، أي ما يعادل تقريباً 5% من إجمالي الأيتام في العالم، فيما يوجد نحو 45 ألف طفل لا يملكون أوراقاً ثبوتية رسمية، نتيجة انتماء آبائهم إلى تنظيم داعش الإرهابي.

في السياق ذاته أظهرت تقارير وإحصائيات رسمية صادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، أن عدد الأطفال الأيتام في فلسطين خلال عام 2019 بلغ نسبة 2.3%، بواقع 2% في الضفة الغربية و2.7% في قطاع غزة، أغلبهم فقد أحد والديه أو كليهما بسبب الحرب مع الاحتلال الإسرائيلي.

ولا يقلّ الوضع سوءاً في اليمن، حيث أودت الحرب التي لا يزال فتيلها مشتعلاً إلى اليوم بحياة آلاف المدنيين، ووفق ما أفاد به تقرير سابق صادر عن "مؤسسة اليتيم"، بلغ عدد الأيتام في اليمن عام 2018 نحو 1.1 مليون، 60% منهم لا يستطيعون إكمال تعليمهم، و3% منهم ذوو إعاقة، و4% يعانون مشكلات نفسية خصوصاً الاكتئاب. وشهدت هذه الأرقام مزيداً من الارتفاع مع استمرار الحرب.

ويتشارك أطفال ليبيا والسودان ولبنان وغيرها من بلدان العالم العربي، المصير ذاته من اليتم، إذ لا تزال هذه البلدان تعاني إلى اليوم هول الحروب والقصف.

الأطفال ضحايا الحروب في العالم العربي

يذكّر اليوم العالمي لأيتام الحروب، المجتمع الدولي كل سنة بمسؤوليته الجسيمة في ما اقترفه من كوارث تجاه هذه الفئة الضعيفة التي تُعَدّ أضعف حلقات المجتمع، وأكثرها تأثراً بتداعيات الحرب.

فبدلاً من أن يستمتع الأطفال العرب، كغيرهم من أبناء سنّهم في بقية بلدان العالم، يفقد أغلبهم والديه في بداية حياته، فيواجه التهميش وينفصل عن مدرسته، ويُجبَر على النزوح أو اللجوء، وكثير منهم أُجبرَ قسراً على التجنيد وحمل السلاح.

في اليمن مثلاً يعتمد اليوم كل طفل على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة. كما يحتل اليمن موقعاً متقدماً في تجنيد الأطفال، بنحو 10 آلاف طفل خلال سنوات الحرب. كما يجنّد مختلف التنظيمات العسكرية في سوريا 813 طفلاً، وفق منظمة الأمم المتحدة، يُستخدم 99% منهم في القتال المباشر.

كما يُضطر آلاف الأطفال في بلدان الصراعات والحروب إلى العمل في سنّ مبكرة، بخاصة مع فقدان الوالدين والاضطرار إلى تأمين قوت عيشهم، أو استجابةً لأوامر من يؤويهم.

TRT عربي
الأكثر تداولاً