رامي مالك يتسلم جائزة أوسكار أفضل ممثل عن دوره في فيلم "الملحمة البوهيمية"  (AFP)
تابعنا

يصاحب جوائز الأوسكار 2019 الجدل المعتاد الذي يثيره الحدث كل عام، والمتعلق بقضايا مثل التمييز العنصري، وتقاطع المعايير الفنية مع الأوضاع السياسية والمجتمعية داخل الولايات المتحدة، بالإضافة إلى صراع شركات الإنتاج الكبرى والبثّ والإعلانات.

روما..نتفلكس تُنافس هوليوود

في وقت ارتفعت فيه التوقعات بحصول فيلم روماعلى جائزة أفضل فيلم، فإن النتيجة فاجأت الحضور بانتزاع فيلم كتاب أخضرالجائزة الكبرى.

لم يغِبْ "روما" للمخرج المكسيكي ألفونسو كوارون عن الأنظار، فقد حصل الفيلم الذي أنتجته شركة نتفلكس - التي تمكنت من مزاحمة استديوهات هوليوود - على ثلاث من أهم الجوائز: جائزة أفضل مخرج، وجائزة أفضل فيلم ناطق بلغة أجنبية، بالإضافة إلى جائزة أفضل تصوير سينمائي.

كذلك رُشّحَت بطلة الفيلم ياليتزا أباريسيو لجائزة أفضل ممثلة، وهي المرة الأولى في تاريخ الأوسكار التي تُرشَّح فيها ممثلة من السكان الأصليين (المكسيك) للجائزة، على الرغم من أن أبطال الفيلم جميعاً ممثلون هواة أو يخوضون تجاربهم الأولى.

استُلهم اسم الفيلم من حي روما في مدينة كولونيا بالمكسيك، ويحكي عن علاقة استثنائية بين طفل والمربية التي اعتنت به، في سرد بصري تَميَّز بجمالية الصورة وقدرتها التعبيرية.

كتاب أخضر..مع أم ضدّ العنصرية؟

حصل فيلم كتاب أخضر للمخرج بيتر فاريللي على جائزتَي أفضل سيناريو أصلي، وأفضل ممثل مساعد لمهارشالا علي، بجانب حصوله على جائزة أفضل فيلم.

وهو مستوحىً من قصة حقيقية حدثت في ستينيات القرن الماضي، تناقش التمييز العنصري في الجنوب الأمريكي من خلال صداقة غير متوقعة تنشأ بين عازف بيانو أسود وسائقه الأبيض.

وصفت جريدة الإندبندنت البريطانية الفيلم بأنه لا يُعَدّ انتصاراً حقيقياً للأفكار المناهضة للعنصرية التي قدّم الحكاية من خلالها، بل هو تكريس لثيمة الرجل الأبيض الذي يتعلم التسامح والمحبة من خلال اقترابه من رجل أسود، وفي هذا تكرار للتمييز العنصري بطريقة غير مباشرة.

كذلك عبّر المخرج سبايك لي عن سخطه من فوز فيلم كتاب أخضر إذ وصفه بـ"القرار الخاطئ".

فقد حاول لي، الحاصل على جائزة أفضل سيناريو مقتبس عن مشاركته في فيلم كلانزمان الأسود، الخروج سريعاً من مسرح دولبي عقب إعلان فوز الفيلم، قبل أن يعود إلى مقعده ويُولِي المنصة ظهره، في اللحظة التي صعد فيها الفريق لتسلُّم الجائزة.

وتعليقاً على موقفه الغاضب، أشار لي إلى أن فيلمه "افعل ما هو صواب" لم يترشح لأوسكار أفضل فيلم عام 1989، وهو العام الذي حصل فيه فيلم "توصيل الآنسة ديزي" على الجائزة، الذي يروي بدوره حكاية سائق أسود يعمل لدى امرأة بيضاء من الجنوب.

الملحمة البوهيمية مُجدَّداً

"أنا ابن لمهاجر من مصر، أنا أمريكي من الجيل الأول، حكايتي تُكتب الآن". بهذه الكلمات عبّر رامي مالك عن مشاعره بعد إعلان فوزه بأوسكار أفضل ممثل عن دوره في فيلم الملحمة البوهيمية، وهي الأوسكار الأولى التي يحصل عليها مالك.

كذلك وجّه مالك حديثاً لافتاً إلى الطفل الصغير الذي كانه يوماً، موضحاً أن "هذا الطفل كان في صراع دائم مع هُويته محاولاً استكشاف ذاته" داخل محيطه الاجتماعي المختلف عنه، وربما هذا ما دفعه إلى تَقمُّص شخصية فريدي ميركوري فنان الروك الأشهر الذي تَنصَّل بمهارة من كل محاولات تصنيفه ورفض التنازل عن الصفة المميزة لروحه، التي وصفها مالك سابقاً بـ"الرفض المطلق لكل ما هو متفق عليه مجتمعياً".

حصل فيلم الملحمة البوهيمية للمخرج بريان سينغر على العدد الأكبر من الجوائز هذا العام، فبالإضافة إلى جائزة أفضل ممثل، حصد جوائز: أفضل مزج صوتي، وأفضل مونتاج، وأفضل مونتاج صوتي.

لم يختلف النقاد على أداء مالك المذهل لشخصية فريدي، بينما وُجّهت العديد من الانتقادات للفيلم، إذ شبهّه النقاد بـ"ترنيمة طويلة" أكثر من كونه فيلماً يروي سيرة فريدي الملحمية، وهو ما برّره فريق العمل بأنه ليس فيلماً وثائقياً يستعرض حياة فريدي بمختلف تفاصيلها، بل محاولة لمقاربة روحه فنياً.

الأفلام العربية لم تتجاوز الترشُّح

لم يتمكن الفيلمان العربيان اللذان تَرشَّحَا للأوسكار هذا العام من اقتناص أي جوائز، فقد انتزع روما جائزة أفضل فيلم أجنبي من الفيلم اللبناني كفرناحوم للمخرجة نادين لبكي.

كذلك حصد فيلم فري سولو جائزة أفضل فيلم وثائقي بعدما تَرشَّح الفيلم السوري عن الآباء والأبناء للمخرج طلال دركي، الذي يروي حكاية أب يحلم بتحقيق الخلافة الإسلامية ويجعل أبناءه جزءًا من هذا الحلم.

أوسكار بلا إعلانات أو مُضيف

كشف منظّمو الحفل قبل أيام أنهم بصدد تقديم أربع جوائز أوسكار خلال فقرات إعلانية، مما أثار غضب عديد من المخرجين والفنانين.

فقد وقّع أكثر من50 مخرجاً وممثلاً ومنتجاً، من بينهم جورج كلوني وبراد بيت وروبرتي دي نيرو وإيما ستون ومارتن سكورسيزي وألفونسو كوارون، خطاباً مفتوحاً اتهم الأكاديمية باعتبار "هذه المهن الأساسية ذات مكانة أقلّ"، وأن إعلان الجوائز خلال فقرات إعلانية يُهِين من يعملون في هذه المجالات.

وهو ما دفع الأكاديمية إلى التراجع عن القرار، وأعلنت في بيان سابق للحفل "استجابتها لرد الفعل"، مؤكدة أن تقديم الجوائز سيتم وفقاً للشكل التقليدي.

لم يتوقف الجدل المصاحب لجائزة الأوسكار سنوياً على إشكالية الإعلانات، فقد خرج الحفل دون مُقدم للمرة الثانية في تاريخ الجائزة منذ عام 1989، إثر ردود فعل رافضة من الجمهور لأن يقوم بالتقديم الممثل الكوميدي كيفن هارت، بعدما نُشرت مجموعة من التغريدات كتبها عام 2012 مناهضة للمثلية، ورفض الاعتذار عنها استجابةً للغضب الجماهيري واتهامه بالتمييز الجنسي.

تراجُع الجماهيرية

تتراجع تقييمات الجمهور لحفل الأوسكار بطريقة متسارعة في السنوات الأخيرة، فقد أعلنت مجلة فاريتي أن تقييم حفل العام الماضي 2018 كان الأسوأ منذ عشر سنوات، ولم تتعدّ نسب المشاهدة 26.5 مليون متفرج.

وهو ما دفع اللجنة المنظمة إلى اتخاذ عدد من القرارات في محاولة لاحتواء الأزمة، مثل استحداث فئة جديدة هي "أفضل فيلم جماهيري" بدءاً من عام 2020، بالإضافة إلى تقليص مُدّة الحفل إلى 3 ساعات فقط.

لقطة من فيلم كتاب أخضر
المخرج والكاتب سبايك لي أثناء فعاليات حفل توزيع جوائز الأوسكار 2019 (Reuters)
مخرج فيلم روما ألفونسو كوارون يتحدث مع بطلة الفيلم المكسيكية ياليتزا أباريسيو  (AP)
TRT عربي - وكالات