تابعنا
فوجئَ أهالي منطقة وادي المخرور في مدينة بيت لحم في الأراضي الفلسطينية المحتلة الأربعاء، بصدور أمرٍ عسكري من سلطات الاحتلال الإسرائيلي، يقْضِي بمصادرةِ أراضيهم.

بيت لحم ـــ لم يعتقد أهالي منطقة وادي المخرور، تلك المنطقة المميَّزة التي تُعَدُّ الرئة الزراعية لمدينة بيت لحم وللضفة الغربية بشكل عامّ، يوماً، أنَّ صبرهم الطويل على ممارسات الاحتلال الإسرائيلي، وعلى سياساته ومخططاته الاستيطانية، على مدار السنين الطويلة الماضية، وأن صمودهم الأسطوري في مواجهة آلة البطش الصهيونية، سيُقابَل في نهاية المطاف باقتلاعهم من جذورهم عنوةً.

فوجئَ أهالي منطقة وادي المخرور في مدينة بيت لحم في الأراضي الفلسطينية المحتلة الأربعاء، بصدور أمرٍ عسكري من سلطات الاحتلال الإسرائيلي، يقْضِي بمصادرةِ أراضيهم التي تقع بمحاذاة النفق الذي أقيم على أراضي مدينة بيت جالا غرب بيت لحم، والاستيلاء عليها.

وتتحجج السلطات الإسرائيلية التي تشنّ هجمات استيطانية واسعة على منطقة بيت لحم وضواحيها، بحجج واهية، آخرها بالنسبة إلى بلدة المخرور، توسيع الشارع الالتفافي رقم 60، الذي يصل القدس بمجمع مستوطنة "غوش عصيون" جنوباً، والحقيقة أن هذا الأمر ضمن مئات الأوامر العسكرية والهجمات الاستيطانية الشرسة التي تشهدها الضفة الغربية لتوسيع الاستيطان الإسرائيلي، وتهجير السكان والاستيلاء على أراضيهم ثم إنشاء مستوطنات جديدة للإسرائيليين ونقلهم إليها دون أي وجه حقّ، فيما يقف العالَم ساكتاً، أو متغاضياً عن ذلك.

المُزاِرع خضر المكركر واحد من الذين وصل إليهم أمر عسكري بالاستيلاء على أرضه المزروعة بالزيتون واللوزيات ومختلف أنواع المزروعات، التي تتعدى مساحتها دونماً، إضافة إلى أراضي عمومته المحاذية لبيته، وهي مصدر رزقهم وقوت يومهم، وكل ذلك بحجة "توسيع الطريق العامّ"، أو "عمل نفق، أو خط سكك حديد"، وغير ذلك من الحجج الواهية التي تتستر تحتها مخططات استيطانية بحتة.

وهذه ليست المرة الأولى التي تصدر فيها بحق أرض السيد خضر وأراضي أقربائه قرارات مماثلة تحت نفس الذرائع، إذ تتمدد القرارات تدريجيّاً زاحفةً للاستيلاء على أراضيهم، وفي كل مرة يستيقظون على الآلات التابعة للجيش الإسرائيلية وهي تجرف أجزاءً من أراضيهم وتعمل على تنفيذ القرارات (الضم والتوسع الاستيطانية) دون أن تبلغهم أو تعلمهم بالقرارات قبل البدء بالتعدي على أراضيهم، فيما يقف السيد خضر مشدوهاً أمام ما يحصل أمامه لأرضه، مقهوراً، "يجتمعون ويجتمعون بالبلدية لإيجاد حلول لهم، ويحاولون من خلال القانون وينتظرون"، ولكن لا سبيل لهم والقانون بيد محتلّ غاشم.

كُل المشروعات التي تُنفَّذ بأوامر من الجيش الإسرائيلي وعلى أراضي مزارعين فلسطينيين تكون مخصصة، حصراً، للمستوطنين، ويُمنع على الفلسطينيّ أن يسلكها، بل إن الجيش الإسرائيلي يقيم منطقة عازلة محظوراً الاقتراب منها مسافة 150م على جانبَي هذه الطرق.

نقولا خميس، رئيس بلدية بيت جالا، مواطن آخر من الذين فوجئوا صبيحة الأربعاء، بآلات تابعة للجيش الإسرائيلي، تباشر العمل في المنطقة القريبة من النفق الجنوبي، وكانت قد وصلت إليهم ورقة عن هذه الأوامر من خلال هيئة مقاومة الجدار، وتناقشوا فيها، وأكَّدوا رفضهم لها بشتى الطرق، وأنهم سيلجؤون إلى القانون، فالأوامر تعني الاستيلاء على أراضي كثير من المواطنين في منطقتي بيت لحم وبيت جالا، بشكل تدريجي.

لقد أصيب سكان المنطقة كلهم بحالة من الألم والغضب الشديدين على أثر هذه القرارات التي تعني نفيهم عن أراضيهم، والتي باتت محاطة بالمستوطنات وجنود الاحتلال الإسرائيلي الذي لا يكفّ يد بطشه عنهم. حالة من الهيجان كانت تسود مكتب رئيس البلدية نقولا الذي أكَّد رفض الأوامر ومواجهتها، مشدّداً على أن "الأرض أغلى ما نملك في هذا البلد، ومن غير أرض ما إلنا وجود فيها، سنتفاعل مع السُّلْطة وهيئة مقاومة الجدار من أجل رفضها".

والمخطط الإسرائيلي لن يقف عند هذا الحدّ، "فهو مخطط كبير، فالموقع تبلغ مساحته نحو عشرة كيلومترات، من بيت جالا والخضر والشفا"، وهذه الأراضي التي تُصادَر بحجة توسيع الطرق تخدم المستوطنين وحدهم، وتندرج تحت مخططات القدس الكبرى، لربط المستوطنات كلها بمدينة القدس، وتسهيل السيطرة عليها، والتمدُّد والزحف بالاستيطان أكثر وأكثر.

مجموعة أوامر من سلطات الاحتلال (قرارات عسكرية) وصلت إلى سكان المنطقة تقضي بالاستيلاء على نحو 100 دونمٍ تعود ملكيتها إلى المواطنين المدنيين الذين يزرعونها بالعنب واللوزيات والزيتون ويعيشون على ما تجود به سنويّاً، وكل ذلك تحت ذريعة باتت معتادة: "دواعٍ عسكرية".

هذه الأوامر والقرارات العسكرية تتمّ فجأة كما يصفها السيد حسن بريجية مسؤول هيئة مقاومة الجدار والاستيطان في بيت لحم، وترفق في آخرها كلمة "تعويض"، هذا البند الذي غالباً ما يكون محض كلام على ورق في أساسه، أو في أفضل الأحوال تقضي المحاكم العسكرية بمبالغ زهيدة جدّاً لا تثمّن حقّ كل مواطن في أرضه حقيقةً. هذا من جانب، وبعيداً عن كل شيء، فإن أيّ فلسطيني كان لا يقبل بـ"التعويض" فهو يمثّل خيانةً في شريعتهً، وصكّاً ببيعه أرضه وتنازله عنها، وأنه لم يعُد له أي حقٍّ فيها أبداً.

المزارع عبد الله الهدري يمتلك هو الآخر أرضاً في منطقة المخرور، أرضه التي يزرعها فواكه وخضراوات، ويسترزق منها، مثله مثل كل المواطنين الآخرين الذين يمارسون مهنة الزراعة، ويعتمدون في رزقهم على هذه الأراضي الخصبة التي لا تزود منطقة بيت لحم وبيت جالا وحدهما بل وتزود مدينة القدس وغيرها من مناطق الضفة الغربية الأخرى أيضاً بالخضراوات والفواكه وغيرها من المزروعات.

وتشكّل منطقة المخرور النفس الأخير لمنطقتي بيت جالا وبيت لحم المحاصرتين من كل المناطق، وتشكّل الزراعة في هذه المنطقة شريان الحياة للسكان هناك، سواء بالتزود بالمزروعات كقوت لحياتهم، أو حتى ببيعها للمناطق الأخرى وما تعود به من عائد مادّي تبعاً لذلك.

لم يقبل سكان بيت لحم أو بيت جالا الرضوخ للقرارات والأوامر العسكرية التي تعني قلع جذورهم، وهدم كل حياتهم، وسادت الأجواء حالات من الحزن والغضب الشديدين، فهذه الأرض تمثّل كيانهم، عِرضهم، مصدر رزقهم، وتاريخهم، ومستقبلهم، وحقّهم المشروع الذي أورثهم إياه أجدادهم.

المُزاِرع خضر المكركر واحد من الذين وصل إليهم أمر عسكري بالاستيلاء علىأرضه المزروعة بالزيتون واللوزيات (TRT Arabi)
في كل مرة تستيقظ عائلة السيد خضر على الآلات التابعة للجيش الإسرائيلية وهي تجرف أجزاءًمن أراضيهم (TRT Arabi)
هذه ليست المرة الأولى التي تصدر فيها بحق أرض السيد خضر وأراضي أقربائه قرارات مماثلة تحت نفس الذرائع (TRT Arabi)
المزارع عبد الله الهدري يمتلك هو الآخر أرضاً في منطقة المخرور، أرضه التييزرعها فواكه وخضراوات، ويسترزق منها (TRT Arabi)
أصيب سكان المنطقة كلهم بحالة من الألم والغضب الشديدين على أثر هذهالقرارات التي تعني نفيهم عن أراضيهم (TRT Arabi)
صدر أمر عسكري من سلطات الاحتلال الإسرائيلي، يقْضِي بمصادرةِ أراضي الفلسطينيين التي تقع بمحاذاة النفق الذي أقيم على أراضي مدينة بيت جالا غرب بيت لحم (TRT Arabi)
TRT عربي