مَن ريشي سوناك زعيم المحافظين البريطاني الجديد؟ (Ilyas Tayfun Salci/AA)
تابعنا

بعد فشله شهر سبتمبر/أيلول الماضي في تحصيل المنصب نجح ريتشي سوناك في أن يصبح زعيماً لحزب المحافظين، وبالتالي أول رئيس حكومة من أصول هندية في بريطانيا. ذلك بعد انتخابات الحزب يوم الاثنين، التي انسحب منها كل المترشحين، ليبقى الطريق معبَّداً لسوناك نحو قيادته.

من جهة أخرى ورغم كونه ذا أصول أجنبية وابن عائلة ذات خلفية مهاجرة ينصب سوناك نفسه مناهضاً للاجئين، فيعد بتنفيذ سياسات واسعة لمحاربة موجات اللجوء وتوسيع إجراءات الترحيل التي أقرها سابقه جونسون. إضافة إلى هذا سبق أن تجاهل شكاوى عديدة لفاعليات مسلَّمة من الإسلاموفوبيا في البلاد، ما جعل عديدين يتهمونه بالتطبيع مع ذلك الخطاب العنصري.

ساكن جديد لـ"داونينغ ستريت"

وفي وقت سابق ظهيرة الاثني أعلنت المرشحة لزعامة حزب المحافظين بيني موردنت انسحابها من السباق الانتخابي لتفسح المجال لسوناك كي ينال المنصب. وقالت موردنت في بيان: "هذه أوقات غير مسبوقة. رغم الوقت الضيق للمنافسة على زعامة الحزب، من الواضح أن الزملاء شعروا بأننا بحاجة إلى يقين اليوم"، مضيفة: "لقد اتخذوا (أعضاء الحزب) هذا القرار بحسن نية لما فيه خير البلاد".

وقبلها يوم الأحد أعلن رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون سحب ترشحه لزعامة المحافظين بعد أن كان ينوي العودة للمنصب الذي تركه شهر يوليو/تموز المنصرم. وبرر جونسون انسحابه ذاك بالتزامه "الحفاظ على وحدة الحزب" وأن طموحه للعودة إلى داونينغ ستريت "ببساطة لن يكون الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله".

ما فسح الطريق أمام وزير المالية السابق ريشي سوناك لأن يفوز بزعامة الحزب ثم رئاسة وزراء بريطانيا بعد حصوله على 155 نائباً. وعقب إعلان فوزه قال سوناك: "انتهى وقت السجالات الداخلية في الحزب (...) نحن بحاجة إلى التركيز على السياسات لا على الشخصيات وأناشدكم العمل من أجل الوحدة"، متعهداً بأن يعمل يومياً "لتقديم المساعدة للشعب البريطاني".

من ريشي سوناك؟

وُلد ريشي سوناك سنة 1980 في مدينة ساوثهابتون على الساحل الجنوبي لإنجلترا، وهو الأكبر بين الأبناء الثلاثة لعائلة من أصول هندية، وبالتالي إذا ما نجح في انتزاع منصب زعامة المحافظين فسيكون أول رئيس وزراء بريطاني من أصول هندية.

وتَلقَّى سوناك تعليمه في مدرسة وينشستر الداخلية المرموقة، ومنها إلى جامعتَي أوكسفورد البريطانية وستانفورد الأمريكية، حيث درس السياسة والاقتصاد. أما حياته المهنية فنجح في أن يشغل مناصب عدة في شركات مالية كبرى من عيار غولدمان ساكس، كما أسَّس شركته الاستثمارية الخاصة.

وبدأ ريتشي سوناك حياته السياسية عام 2015 ممثّلاً لمنتخب من شمال يوركشاير. وعام 2016 كان من أوائل من دعموا المعسكر المؤيد لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، خيار أكسبه تفضيل بوريس جونسون الذي عرض عليه وزارة المالية عام 2020 في سن لا تتعدى 39 عاماً.

وخلال عمله وزيراً للمالية حاز سوناك شعبية كبيرة بتخصيصه ميزانية ضخمة إعانات للمواطنين خلال فترة الجائحة الصحية، وكان من أوائل مَن استقالوا من الحكومة إثر تفجُّر فضيحة تستُّر رئيسها بوريس جونسون على معلومات بخصوص انتهاكات جنسية لأحد النواب المحافظين.

ضد اللاجئين ويتجاهل الإسلاموفوبيا

لم يتسنَّ لريتشي سوناك هذه المرة المحاججة ببرنامجه الانتخابي والتلويح بوعوده لأعضاء الحزب بغية استقطاب أصواتهم لصالحه، لكون الفوز أصبح محسوماً قبل خوض الانتخابات إثر انسحاب منافسيه كلهم. فيما ليس ذلك البرنامج وتلك الوعود مجهولة لدى أغلب المحافظين، إذ لم يمر سوى شهرين على الأكثر من المعركة السياسة التي احتدمت بين الزعيم الجديد وسابقته ليز تراس.

وبالنسبة إلى حزب يعتبر مسألة المهاجرين موضوعاً رئيسياً في سياساته لم تخرج توجهات سوناك عن ذلك الخط. وأثناء الحملة السابقة أكَّد في أكثر من مرة عزمه على العمل لكبح استقبال البلاد للاجئين والمهاجرين، وتشديد إجراءات الاستقبال مقابل توسيع قانون الترحيل نحو رواندا الذي سنَّه سابقه بوريس جونسون.

ووعد سوناك وقتها بأن يعمل "كل ما يتطلبه الأمر" من أجل إنجاح مخطط ترحيل اللاجئين إلى رواندا، ومنح البرلمان صلاحية التقرير في من سيجري استقباله من اللاجئين على أراضي المملكة. كما سبق أن قال: "نظام الهجرة لدينا معطل وعلينا أن نكون صادقين بشأن ذلك. سواء كنت تعتقد أن الهجرة يجب أن تكون مرتفعة أو منخفضة، يمكننا أن نتفق جميعاً على أنها يجب أن تكون قانونية وخاضعة للرقابة".

وتعهد سوناك بأنه سيعيد تركيز خطة محاربة الإرهاب على "الإسلاميين"، وإضافة صفة "تشويه المملكة" إلى مفهوم التطرف، مشدداً على "مضاعفة الجهود لمواجهة التطرف الإسلامي"، دون أن يشير إلى تصاعد خطر الإرهاب اليميني المتطرف في إعلانه.

وهو ما وصفه الناطق باسم "مجلس مسلمي بريطانيا" مقداد فيرسي بأن سوناك "يريد معاقبة الشخص الخطأ، ولن يكون ضحايا لهذه السياسة الجديدة غير المسلمين البريطانيين العاديين". متسائلاً إن كانت هذه السياسة "ستشمل أولئك الذين لديهم آراء سياسية مناهضة للتاريخ الاستعماري لأمتنا أو الذين يكرهون النظام الملكي أو النشيد الوطني أو حتى إحدى فرقنا الرياضية الوطنية؟".

TRT عربي