أخطبوط تركيا الرقمي لحماية أمن البيانات والشبكات من الهجمات السيبرانية. (Others)
تابعنا

النظام العالمي الجديد والتكنولوجيا المتطورة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية غيرت جذرياً العادات في ساحة المعركة وكذلك في عديد من المجالات المختلفة. فعلى سبيل المثال، لم تعد الدول الكبرى تحرك جنودها بالقرب من حدود دولة معادية، ولا تضرب أسطولها البحري، فضلاً عن إمطارها بالقنابل بواسطة المقاتلات الحربية... بدلاً من ذلك أصبحت تفضل استهداف البنية التحتية للاتصالات في البلد المستهدف وتجعلها غير صالحة للاستعمال، بالإضافة إلى سرقة المعلومات الهامة وشل أدواتها المالية.

الأمر الذي جعل مسألة أمن البيانات إحدى أهم مسائل الأمن القومي للدول المتقدمة، كما أصبح أمن الشبكات التي ترتبط بها الوكالات الحكومية والمؤسسات الهامة وكيفية حماية البيانات ومعلومات معينة حول المشاريع الهامة أكثر وأكثر أهمية في الآونه الأخيرة.

لهذا نجد كثيراً من المشاريع الرقمية التي طورتها تركيا من أجل حماية أمن شبكات اتصالاتها والحفاظ على بياناتها بعيدة عن متناول الهاكرز والمخربين. من أبرز هذه المشاريع، برنامج "أخطبوط" (Ahtapot) الذي طوره مؤخراً "مجلس البحث العلمي والتكنولوجي التركي" (TÜBİTAK).

أخطبوط تركيا الرقمي

ولمواكبة التطورات في مجال حماية البيانات في الفضاء السيبراني، طورت تركيا برنامجاً رقمياً أطلقت عليه اسم "أخطبوط" بالموارد والإمكانيات المحلية والوطنية.

ومن أهم ميزات "أخطبوط" الذي طورته (TÜBİTAK ULAKBİM)، أنه مفتوح المصدر. فنظام البرنامج الذي يضم 15 عنصراً أمنياً مختلفاً، نجح سابقاً في صد هجوم على القوات المسلحة التركية.

كما يلعب "الأخطبوط" التركي أيضاً، الذي حصل على علامات كاملة في الاختبارات والتمارين التي شارك فيها ونظّمها حلف "الناتو"، أدواراً مهمة في حماية المشاريع المحلية والوطنية المحورية، كمشاريع شبكات الاتصالات ومشاريع الصناعات الدفاعية العسكرية وغيرها من المرافق الحيوية الخدماتية والمالية.

وعن طريقة عمل البرنامج، أشارت سيلين أكبوغا التي تحدثت لموقع (TRTHABER)، إلى أن البرنامج يعمل كدرع حماية للشبكات المخوَّل إليه حماية أمن بياناتها، فمن خلال بناء نظام أمني متعدد الطبقات، لا يمنع البرنامج ظهور البيانات وحسب، بل يمنع أيضاً تضمين البيانات غير المصرح بها في الشبكة.

مسألة أمن قومي

ميزة القدرة على الحصول على معلومات حول خصمك وتعطيل هذا التدفق متى شئت، بدلاً من ضربه وتدميره، لا يمكن أن توفرها الجيوش أو الطائرات أو السفن، بل يقوم بها من خلف أجهزة الحاسوب متسللون (هاكرز) توظفهم الدول والمنظمات للقيام بمثل هذه الأعمال، الأمر الذي جعل من مسألة أمن البيانات في تركيا إحدى أهم مسائل الأمن القومي على الإطلاق.

تركيا من جانبها تتابع عن كثب حروب الأمن السيبراني وتطورها هائل السرعة، وتدرك جيداً أن الأمن السيبراني ارتفع إلى موقع لا يقل أهمية عن أمن حدود الدول، لهذا تجدها تدعم عديداً من المشاريع الوطنية المعنية بمسألة حماية أمن الشبكات والبيانات، التي تعد من أهم الموضوعات في العالم في السنوات الأخيرة.

وتجدر الإشارة إلى أن أمن البيانات لا يقتصر على المجالات العسكرية والحيوية، بل يمتد ليصل إلى حماية بيانات الأفراد والمواطنين من خلال حماية شبكات الاتصالات المدنية. فإذا ما أخذنا أمريكا كمثال، نجد تقنية 5G في الولايات المتحدة تعمل تحت رعاية وزارة الدفاع مباشرة.

وعندما يتعلق الأمر بحماية أمن البيانات، نجد تركيا تصمّم وتطوّر تقنيات ومعدات محلية وطنية لوقف اعتمادها على الخارج في هذا الموضوع تحديداً، فمن المخيف جداً الجمع بين مصطلحين: "بيانات" و"تقنيات أجنبية".

تركيا حاضرة بقوة

على هامش قمة البوسفور التي عقدت بداية الشهر الجاري، أعربت رئيسة منتدى الدفاع والأمن البريطاني أولغا ميتلاند، عن أن بلادها ترغب في التحالف مع تركيا في مجال الأمن السيبراني. ولفتت إلى أن تركيا دولة هامة في مجال الأمن السيبراني، مشيدةً بخطوات الرئيس أردوغان في بناء مركز للأمن السيبراني في تركيا.

وفي الوقت الذي ازدادت فيه حدة الهجمات الإلكترونية، حلت تركيا بين الدول الثلاث الأولى التي تتعرض لأكبر عدد من الهجمات الإلكترونية في العالم، وتمكنت من صد ومواجهة معظمها، بفضل الخطوات السريعة والهامة التي خطَتها تركيا في السنوات الأخيرة على طريق أن تصبح بلداً رائداً في مجال الأمن السيبراني على المستوى العالمي.

وخلال "أسبوع الأمن السيبراني" الذي عُقد نهاية العام الماضي، أكد وزير النقل والبنية التحتية التركي، عادل قرة إسماعيل أوغلو، أن تركيا نجحت خلال السنوات الثلاث الماضية، بين عامي 2017 و2020، في صد 325 ألف هجوم إلكتروني ببرامج مطوَّرة بإمكانيات محلية.

TRT عربي