البرهان وحميدتي.. ماذا تعرف عن طرفَي الصراع وتأثيرهما في الساحة السودانية؟ / صورة: AFP (Ashraf Shazly/AFP)
تابعنا

منذ استقلاله مطلع يناير/كانون الثاني 1956، كان السودان مسرحاً لشتى أشكال الصراع التي تنافست بها الأطراف المختلفة سياسياً وعرقياً على مدار فترات طويلة نسبياً، ما أدخل البلاد في جولات اضطرابات.

لكن الاضطرابات التي يشهدها السودان حالياً لا تختلف عن سابقاتها بانتقال القتال من الأطراف إلى العاصمة الخرطوم وحسب، بل لأن أطراف الصراع مختلفة أيضاً هذه المرة. إذ يدور القتال الذي دخل يومه الثالث بين طرفين ينتميان نظرياً إلى الحكومة ذاتها: الجيش السوداني بقيادة الجنرال عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة الجنرال محمد دقلو (حميدتي).

وتخوض المجموعتان حالياً معارك شديدة للسيطرة على الحكم بعدما تحطمت آمال الانتقال السلمي إلى الديمقراطية، وقد سبق لقائديهما، البرهان وحميدتي، أن اتحدا من أجل السيطرة على السلطة عام 2021، فمن طرفا الصراع؟

قائد الجيش.. الجنرال عبد الفتاح البرهان

الجنرال عبد الفتاح البرهان (Others)

لم يكن البرهان معروفاً بشكل واسع قبل 2019، فقد صعد إلى السلطة في أعقاب الانقلاب الذي أطاح بعمر البشير الرئيس السوداني السابق بعد انتفاضة شعبية.

وفقاً لصحيفة نيويورك تايمز كان عبد الفتاح البرهان المفتش العام للقوات المسلحة، كما شغل منصب قائد الجيش الإقليمي في دارفور، حيث قُتل 300 ألف شخص ونزح ملايين آخرون في القتال من 2003 إلى 2008. وبينما لوحق البشير بتهمة ارتكاب إبادة جماعية من محكمة الجنايات الدولية، لم يصدر أي حكم بحق البرهان، ولا الجنرال حميدتي، رئيس قوات الدعم السريع، حليفه السابق ومنافسه الحالي.

خلال فترة حكم عمر البشير التي استمرت قرابة 3 عقود، كان البرهان على تحالف وثيق مع البشير. ولكن عندما جرت الإطاحة بالبشير، كان البرهان مفتشاً عاماً للجيش وثالث أرفع لواء في السودان.

عقب الإطاحة بالبشير عام 2019، تولى وزير الدفاع السابق عوض محمد أحمد بن عوف زمام الأمور، مما دفع المتظاهرين إلى المطالبة باستقالته. عندما تنحى اللواء بن عوف، حل محله الجنرال البرهان ليصبح أقوى زعيم في البلاد في فترة انتقالية هشة.

بعد أن وقَّع المدنيون والجيش اتفاقية لتقاسم السلطة عام 2019، أصبح اللواء البرهان رئيساً لمجلس السيادة، وهو الهيئة التي ستشرف على انتقال البلاد إلى الحكم الديمقراطي. لكن مع اقتراب موعد تسليم السلطة للمدنيين أواخر عام 2021، أعلن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان حل الحكومة المدنية وغيرها من الهيئات الانتقالية في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، واعتقلت قوات الأمن رأس الحكومة المدنية عبد الله حمدوك وعدداً من القيادات المدنية في مداهمات.

وفي 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، خرجت مسيرات حاشدة احتجاجاً على الانقلاب وعلق معظم الدعم المالي الدولي للسودان، الأمر الذي دفع القادة العسكريين وحمدوك إلى الإعلان عن اتفاق يقضي بإعادة تعيينه رئيساً للوزراء، وفقاً لما أورده تقرير مفصل نشرته رويترز تناول التسلسل الزمني للأحداث منذ الإطاحة بالبشير حتى اندلاع الاشتباكات الأخيرة في العاصمة.

وفي 5 ديسمبر/كانون الأول 2022، وقعت قوى مدنية جرى تهميشها بسبب الانقلاب على اتفاق إطاري مع الجيش لبدء عملية جديدة للانتقال السياسي مدتها عامان وتعيين حكومة مدنية. لكن في الخامس من أبريل/نيسان الجاري، جرى تأجيل توقيع الاتفاق النهائي للمرحلة الانتقالية للمرة الثانية وسط خلافات حول ما إذا كان الجيش سيخضع لإشراف مدني وخطط دمج قوات الدعم السريع بالقوات المسلحة. ما سبب اندلاع اشتباكات مسلحة السبت بين الجيش بقيادة البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة حميدتي.

قائد قوات الدعم السريع: الجنرال حميدتي

قائد قوات الدعم السريع: الجنرال حميدتي (AFP)

صعد الجنرال محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي، بشكل سريع على سلم السلطة في السودان. فمن بدايات متواضعة كتاجر إبل ليصبح زعيماً لجماعة "الجنجويد" المسلحة التي سحقت تمرد دارفور بإيعاز من البشير، ويرتقي لاحقاً إلى ضابط برتبة فريق أول في السودان، والرجل الثاني في الدولة.

كما ذكرنا سابقاً، شارك حميدتي البرهان عام 2019 للإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير. ووفق الأناضول يتعامل حميدتي مع الأحداث ببرغماتية ولا مشكلة لديه بتغير تحالفاته بما يخدم مصالحه. وقد ربط تحالفات خارجية مع دول وزعماء، وزج بجزء من قواته بحروب اليمن وليبيا، فضلاً عن القتال في دارفور ضد المتمردين.

وبفضل تحالفاته الدولية، لم يعد حميدتي شخصية محورية في السودان فقط، بل أصبح جزءاً من محاور وتحالفات دولية. ويكفي الإشارة إلى أن الزعيم الروسي فلاديمير بوتين استقبل حميدتي في موسكو، في نفس اليوم الذي أطلق فيه "عمليته الخاصة" بأوكرانيا، في 24 فبراير/شباط 2022.

ولا تقتصر أنشطة الجنرال على الأمور العسكرية وحسب، بل تقاطعت مصالحه مع شركة فاغنر الروسية، التي يحرس مرتزقتها مناجم الذهب بالسودان والتي زودت قواته بالمعدات العسكرية، وفق تقرير نشرته نيويورك تايمز.

وحسب وكالة الأناضول، ليست فقط القوة المسلحة ما جعل حميدتي رجل المرحلة القوي، فاستحواذه على مناجم الذهب في جبل عامر بولاية شمال دارفور، جعله أحد أبرز أثرياء البلاد، ما حقق له نوعاً من الاستقلالية المالية عن الجيش الحكومي، وعزز قوته العسكرية وقدرته على تجنيد عشرات آلاف المقاتلين حتى أصبحت قواته أشبه بجيش موازٍ للجيش النظامي، لكنها تفتقر إلى الأسلحة الثقيلة والطيران.

TRT عربي