"البيت التركي" في نيويورك.. ناطحة سحاب شامخة ومعمار إسلامي ودلالات عميقة (Lokman Vural Elibol/AA)
تابعنا

يفتتح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الاثنين مبنى "البيت التركي الجديد" الذي انتهت أعمال بنائه بما يتناسب مع المكانة المتزايدة لتركيا، في مدينة نيويورك التي تستضيف مقر الأمم المتحدة ويقطن فيها أكبر عدد من المواطنين الأتراك الذين يعيشون في الولايات المتحدة الأمريكية.

وبفضل موقعه المتميز مقابل مبنى الأمم المتحدة وسط مدينة نيويورك وشكله وتصميمه المستوحى من زهرة "التوليب" التركية والمنمق بالزخارف السلجوقية والعثمانية القديمة المستوحاة من التاريخ التركي الزاخر، سيكون من أبرز الرموز التي تكشف عن مكانة تركيا ونفوذها المتنامي على الصعيد العالمي، فضلاً عن سياستها الخارجية النشطة والفعّالة.

ويستعد المبنى متعدد الأغراض بطوابقه الـ35، الذي أصبح فور اكتمال تشييده أحد المباني الشهيرة في نيويورك، لاستضافة البعثة التركية الدائمة للأمم المتحدة والقنصلية العامة في نيويورك، بالإضافة إلى قاعات اجتماعات ومعارض، ومساكن للموظفين.

مواصفات مبنى "البيت التركي"

تبلغ المساحة الإجمالية لمبنى "البيت التركي الجديد" متعدد الأغراض نحو 20 ألف متر مربع، وبطوابقه الـ35 يقف شاخصاً مقابل مبنى الأمم المتحدة بارتفاع 171 متراً، وبجواره ساحة الأمم المتحدة والممثل الدائم للولايات المتحدة الأمريكية لدى الأمم المتحدة.

وجرى إنشاء المبنى الجديد بتقنيات حديثة صديقة للبيئة مكان القنصلية التركية سابقاً بمدينة نيويورك التي بقيت فاعلة حتى عام 2013. وصُمم المبنى وبُني ليضم البعثة الدائمة والقنصلية العامة لتركيا، وقاعات للاجتماعات والمؤتمرات والمعارض، فضلاً عن كراج للسيارات ومساكن للموظفين في الطوابق العليا.

ويُذكر أن تركيا كانت أقدمت على شراء المبنى من شركة "أي بي إم" الأمريكية العملاقة المتخصصة في مجال البرمجيات، بمبلغ قارب 3 ملايين دولار أمريكي عام 1977، وبمساهمة من وزير خارجيتها آنذاك إحسان صبري جاغلينكل الذي شغل منصب ممثل تركيا الدائم لدى الأمم المتحدة حتى 2013.

ويعد مبنى "البيت التركي الجديد" أحد أكبر استثمارات الجمهورية التركية العقارية في الخارج منذ تأسيسها، بتكلفة بلغت أكثر من 291 مليون دولار أمريكي. ونفذ المشروع الذي شارك الرئيس أردوغان بوضع حجر أساسه عام 2017 من قبل شركة المقاولات التركية (IC İçtaş İnşaat) بالتعاون مع شركة المقاولات الأمريكية (Tishman).

معمار سلجوقي حاضر بقوة

أرسلت الشركة المعمارية "بيركنز إيستمان" التي فازت بمناقصة تصميم مبنى "البيت التركي الجديد" بمدينة نيويورك، كبير معماريها جوناثان ستارك إلى تركيا من أجل البحث والتنقيب عن المعمار التركي السلجوقي والعثماني والخروج بأفضل تصميم يعكس روح العمارة التركية الإسلامية القديمة، وإعادة إحيائها وسط المدينة الأكثر ازدحاماً بالسكان والثقافات حول العالم.

وبعد إتمام العديد من التصاميم المبدئية جرى الاتفاق على التصميم النهائي لناطحة السحاب على شكل زهرة "التوليب" التركية محاطة بزخارف سلجوقية وعثمانية، التي أضافت رمزية إلى أفق مدينة نيويورك وتعكس الثقافة والتاريخ والتنوع التركي.

واليوم يمكن رؤية مبنى "البيت التركي" الذي يحمل الزخارف المعمارية التركية التقليدية، بخاصة السلاجقة يرتفع إلى السماء على شكل زهرة التوليب من وسط مدينة مانهاتن ومناطق إيست ريفر ولونغ آيلاند سيتي.

وصمم المبنى التركي الجديد ليكون صديقاً للبيئة من خلال معايير التصميم الأخضر، وجرى استلهام تصميم بوابة المبنى استناداً إلى هندسة الخانات لدى الإمبراطوريتين السلجوقية والعثمانية.

دلالات عميقة

يبعث مبنى "البيت التركي الجديد" متعدد الأغراض والشامخ في أرقى أحياء نيويورك مقابل المقر العام للأمم المتحدة، رسائل قوية وعميقة عن مدى النفوذ التركي على مستوى السياسة الخارجية في أكثر من قضية وملف وأكثر من ساحة إقليمية ودولية. وبات المبنى الآن جاهزاً ليأخذ دوره باعتباره أحد أبرز رموز السياسة الخارجية التركية النشطة في السنوات الأخيرة، ودورها النشط في نصرة قضايا الضعفاء والمظلومين من حول العالم.

ووفقاً لوزارة الخارجية التركية سيساهم "البيت التركي الجديد" في مواصلة البعثات التركية العاملة في نيويورك لنشاطاتها بشكل فعال ومثمر أكثر، وفي زيادة جودة الخدمات المقدمة للمواطنين الأتراك، وفي التعريف بمكانة تركيا، فضلاً عن كونه مركزاً لنصرة قضايا المظلومين العادلة، التي تقف تركيا في صدارة المدافعين عنها ومتداوليها على الساحة الدولية.

TRT عربي