تابعنا
ارتفعت مؤخراً نسبة الزواج بين الأتراك والعرب، بما في هذا الزواج من مميزات ومصاعب. اكتشف قصص حبّ وتفاهم بين أتراك وعرب تُوّجت بالزواج.

جهّزت القهوة وبدأت تسكبها في الفناجين المزخرفة على صينية جميلة. وضعتها جانباً، ثم أعادت للمرة الأخيرة تعديل فستانها الذي اشترته خصيصاً للخطوبة، أمام المرآة، قبل أن تخرج بالقهوة التي حضرتها لـ"عريسها" ووالديه.

كان الشاب التركي يوسف كيريش يجلس في غرفة الصالون مع أمّه وأبيه، إذ استقبلتهم عائلة الشابة اللبنانية فادية حمودة في منزلهما بالعاصمة بيروت.

لم يكن يوسف ولا حتى والداه على علم أن العادة التي يقوم بها الأتراك في يوم الخطوبة، (حين تضع العروس الملح في قهوة العريس)، ستقوم بها عروس ابنهما العربية.

لكنّهم فوجئوا حين ارتشف يوسف قهوته من الفنجان، مبتهجين بالتقليد التركي الذي لم يغب في ذاك اليوم ولا في باقي مراسم زفاف ابنهما.

كانت قصة يوسف وفادية لا تشبه قصص الكثيرين من العرب الذين ارتبطوا بشباب أتراك كونهم استقروا قبل سنوات هنا بفعل الهجرة من بلادهم بسبب الحرب، مثل السوريين أو اليمنيين أو الليبيين أو المصريين.

إذ كانت فادية تعيش في لبنان منذ صغرها، لكن بعد زيارتها لإسطنبول أكثر من مرة للسياحة، أحبّت تركيا البلد، وقررت تعلّم اللغة التركية.

وعلى إثر تعلّمها اللغة، تقول فادية في حديثها إلى TRT عربي: إن صديقاً مشتركاً عرّفهما على بعضهما، بعدما أبدى يوسف إعجابه بها.

"يوسف من أنطاليا، لكنه كان يعلّم اللغة التركية للأجانب في جامعة بإسطنبول" تتحدث فادية. "كان لديه صديق معلّم، وهو من دائرة أصدقائي محبي اللغة التركية".

لم تكن فادية في بادئ الأمر متشجعة للقصة، لكن لم لا؟ ربما كان الأمر سيكون مستهجناً بقوة قبل عشر سنوات أو أكثر.

لكن في الآونة الأخيرة، ارتفعت نسبة الزواج بين الأتراك والعرب.

نسبة ارتباط العربيات بالشباب الأتراك..

إذ كشفت مؤسسة الإحصاء التركية أن الرجال الأتراك لديهم ميول كبيرة للزواج من الأجنبيات بالمقارنة مع زواج الفتيات التركيات من الأجانب.

وبلغ عدد الأجنبيات المتزوجات من أتراك 22 ألفاً و583 فتاةً عام 2016. وتصدرت السوريات المرتبة الأولى من زواج الأجانب في تركيا، إذ أوضحت الإحصائيات أن 6 آلاف و495 فتاةً سورية تزوجت من تركي أي 28.8% من الأجنبيات كن سوريات.

على أنغام الموسيقى العربية والتركية، أقام كل من يوسف وفادية حفل زفافهما في بيروت في يوليو/تموز 2018، سبقه حفل الحناء المشهور في التقاليد التركية والذي تحضره الفتيات فقط من صديقات وأقارب العروس.

تقول فادية: إن كانت تحاول قدر المستطاع أن تتواجد العادات التركية واللبنانية في الوقت نفسه خلال مراسم الخطوبة والزفاف.

وعن المصاعب التي تواجهها ما بعد الزواج، لا تذكر فادية الكثير. لكن بما أن يوسف انتقل للعيش في لبنان مع فادية، تتحدث أحياناً عن تعجّبه من بعض العادات غير المُطبّقة في لبنان كما في تركيا.

عادة خلع الأحذية خارج المنزل، فهي لا تزال موجودة في بعض المنازل اللبنانية، لكنّها لا تُطبق. وكذلك عادة تقبيل يد الأم والأب مثلاً.

وماذا عن ارتباط الشباب العرب بتركيات؟

أما بالنسبة إلى الشباب، فلقد وصل عدد الأجانب الذين ارتبطوا بفتيات تركيا إلى 3 آلاف و777 شاباً، ووصل عدد الشباب الألمان إلى ألف و338، بنسبة 35.4%، واحتلوا المرتبة الأولى، ليتبعهم السوريون 377 شخصاً بنسبة 10%.

نجم الدين عيد، الشاب السوري الذي جاء إلى إسطنبول منذ سنوات، واحدٌ من هؤلاء الشباب الذين ارتبطوا بفتاة تركية ويجهزان لزفافهما العام المقبل.

يتحدث نجم الدين عن قصة تعرّفه إلى خطيبته التركية عائشة غوبتشك، حين تطوّع في منظمة إنسانية في إسطنبول.

كانت طريقة تفكير عائشة المختلفة أكثر ما أعجب نجم الدين. "كانت طريقتها وتفكيرها بكل الأمور، مختلفة عما اعتدت عليه في سوريا.. أحببتها".

تطورت العلاقة بينهما وتكلّلت بخطوبة ثم بعقد قران، على أن يعقدا حفل زفافهما العام المقبل.

في حديثه لـTRT عربي يقول نجم الدين: "الثقافة التركية مختلفة عن ثقافتنا، توجد بعض العادات القريبة، لكن مع ذلك، لم أكن يوماً ضد فكرة الزواج من شابة غير عربية".

وعن يوم الخطوبة الذي جمع أصدقاء كثر وعائلة عائشة، يستذكر نجم الدين الذي لم تستطع والدته ووالده أن يكونا معه فيه، موقفاً طريفاً حصل خلال لبس الخواتم. فيقول إن الشريط الأحمر الذي تُربط فيه الخواتم كنوع من التقليد في تركيا، لا يقبل من يقصّه إلا أن يحصل على بعض المال كي يُتمم العملية.

ولأن المهر (المؤخر والمقدم) في البلاد العربية وتجهيز المنزل من الألف إلى الياء يشكل ثقلاً على الشباب، فإن ما عايشه نجم الدين في تركيا كان مختلفاً تماماً.

يشرح في حديثه قائلاً: "لا يوجد مهر، وهذا شيء جميل، أما تجهيز المنزل فيُقسم بين الطرفين، العروس والعريس وهو أجمل بكثير من تقاليدنا العربية وهذا أكثر ما أحببته في ثقافة الأتراك لأنه يسهّل الزواج على الشاب كثيراً".

لكن هل تكون الأمور أسهل وخالية من الصعوبات؟ بكل تأكيد لا، الصعوبات دائماً ستكون بين أي زوجين، كما يقول نجم الدين، وأكثر ما يصعّب الأمر هو اختلاف اللغة بين الطرفين.

لكن ومع ذلك، ينتهي الخلاف على محاولة جديدة لتقبّل معايير ثقافية مختلفة.

ستتنازل هي/هو هذه المرة لفهم معايير جديدة في المجتمع العربي، وسيتنازل هو/هي مرة أخرى لفهم معايير جديدة في المجتمع التركي.

وهكذا تُخلق بسبب حالات الزواج بين الأتراك والعرب، معايير مشتركة تبني بين المجتمعين مبادئ قائمة على الاحترام والتعايش ومحاولة تقبل الآخر.

كشفت مؤسسة الإحصاء التركية أن الرجال الأتراك لديهم ميول كبيرة للزواج من الأجنبيات بالمقارنة معزواج الفتيات التركيات من الأجانب (TRT Arabi)
أنغام الموسيقى العربية والتركية، أقام كل من يوسف وفادية حفل زفافهما في بيروت في يوليو/تموز 2018 (TRT Arabi)
تُخلق بسبب حالات الزواج بين الأتراك والعرب، معايير مشتركة تبني بين المجتمعين مبادئ قائمة على الاحترام والتعايش (TRT Arabi)
نجم الدين عيد، الشاب السوري الذي جاء إلى إسطنبول منذ سنوات، واحدٌ من هؤلاء الشباب الذين ارتبطوا بفتاة تركية ويجهزان لزفافهما العام المقبل (TRT Arabi)
TRT عربي