تابعنا
اكتشف أشهر الينابيع الحارة في تركيا، وعلى فوائدها العلاجية على آلام المفاصل والتخلص من التوتر والإجهاد اليومي.

لا أذكر يوماً أني شعرت براحة جسدية كتلك التي أعقبت سباحتي لأيام في حمامات الينابيع الكبريتية أو الحارة كما يُطلق عليها البعض، لدى زيارتي مدينة إزمير غرب تركيا العام الماضي.

بالصدفة كانت تجربتي الأولى مع الينابيع الحرارية، كانت المياه الساخنة تتدفق من ثلاث جهات في البِركة الكبيرة المخصصة واحدة منها للنساء فقط وأخرى للعائلات في فندق بأعلى قمة جبل Hedef في إزمير.

ترعبك ترجمة الكلمة من التركية إلى العربية، "الكبريتية"، فما إن تلامس المياه حتى تحاول غير مدرك أن تشتم رائحة الكبريت! لكن لا، هي مياه عادية، لا رائحة لها.

اللافتات التي تحذر من البقاء في أحواض المياه الكبريتية أكثر من 10-15 دقيقة يومياً، توزعت حول البِركة نفسها وعند مدخل قاعة المسابح الكبيرة.

ما هي أحواض الينابيع الحارة؟

وقبل الانتقال للسباحة في أحواض المياه العادية الأخرى، يجب أخذ حمام ساخن كما يُكتب في التعليمات الخاصة بالسباحة في أحواض المياه الحارة.

فالينابيع الكبريتية أو الحارة هي عبارة عن ينابيع تدفّق مياهاً من باطن الأرض بشكل ساخن لتكوّن مجموعة من البحيرات العلاجية، وتنشأ الينابيع الحارة من تسرب المياه السطحية الناتجة عن الأمطار والثلوج إلى باطن الأرض.

وفي تركيا، تكثر هذه الينابيع، التي تتميز بفوائدها العلاجية الكبيرة، حيث تساهم في علاج أمراض المفاصل وتخلّص المرء من التوتر والإجهاد اليومي.

أين تنتشر الينابيع الحارة في تركيا؟

بعد أشهر من تجربتي الأولى في إزمير، قررت البحث أكثر عن أماكن الينابيع الحارة في تركيا.

بورصة

فكانت أكثر هذه الينابيع في مدينة بورصة والتي باتت واحدة من أهم معالم السياحة هناك، ويقصدها عدد كبير من السياح سنوياً.

أشهرها هي مغارة وينابيع أويلات ثالث أكبر مغارة بتركيا، تشكلت بسبب حدوث زلزال كبير قبل 300 مليون سنة، وتتميز بطولها الممتد إلى 665 متراً في عمق الجبل.

يوجد فيها أكثر من 146 درجة حتى يستطيع الزائر التجول، والاستمتاع بالينابيع الكبريتية العديدة الموجودة فيها.

لكن ليست بورصة وحدها هي الزاخرة بالينابيع الحارة، فهناك مدن ومناطق أخرى في تركيا أخذت شهرة وجذباً من قبل السياح على مدار العقود الماضية.

يلوا

ينابيع ولاية يلوا القريبة من بورصة هي إحداها، إذ تحوي مدينة تيرمال في يلوا ينابيع معدنية عدة غنية بالكالسيوم وفلوريد الكالسيوم.

تتميز بقيمتها التاريخية الكبيرة، وتحتوي على عدد من أهم المغاطس التاريخية كمغطس السلطان، حمام الوالدة، حمام قورشونلو، بالإضافة إلى الحمام القروي.

أفيون

من أهم الينابيع الموجودة في تركيا والتي تعود بجذورها إلى العهود القديمة.

من أبرز الحمامات الموجودة في هذه المنطقة حمامات كازلي كول، صندقلي هوادئي عمر كجك، و بولفادين هايبلي.

كما تشتهر ولاية أفيون بحمامات الطين الساخن التي تجذب السياح إليها.

صندقلي

يصنف ينبوع هوادي في ولاية صندقلي من أقدم ينابيع المياه الحارة، إذ تقول المراجع إنه يعود لنحو ألف عام، ولم تزل مياهه وحمامات الطين فيه تستقطب المرضى والسائحين.

أضنة

تحوي ينبوع أجه ديره في قرية صولو ديره ولمياه هذا الينبوع التي لا تتجاوز حرارتها الـ15 مئوية، قدرة على شفاء أمراض الكلى واضطرابات المعدة ومشاكل الأمعاء، على حسب ما تتضمن قوائم الترويج في المنطقة.

وهناك ينبوع آجيمان الذي يقال إنه يشفي من الأمراض النسائية وعلاج الكسور والخلوع.

أما ينبوع علي خوجالي، فإن مياهه مخصصة لاضطرابات المعدة والأمعاء، نظراً لما تحويه من صودا وأملاح.

وهناك ينبوع كورت تبه ذو المياه الباردة جداً، وينبوع كوكارينار الذي تساعد مياهه على الشفاء من الروماتيزم وأمراض الدم، نظرا لكثافة الكبريت فيها.

دينزلي

ثمة نوع من الينابيع في تركيا، تحتوي مياهها على نسبة عالية من الكالسيوم، كتلك الموجودة في باموكالي شمالي دينزلي.

تعود هذه الينابيع إلى الفترة الرومانية، وتنحدر من الجبال عن طريق مجموعة من المسالك المائية لتشكل أحواضاً دائرية رائعة وفريدة من الصخور البيضاء.

هي من أشهر الوجهات السياحية بتركيا، ومن اللافت ما يقال هنا بتركيا، إن هذه المياه مقدسة ولها القدرة على الشفاء والعلاج من أمراض عدة، منها أمراض القلب.

أرموطلو

تعود الينابيع الحارة في أرموطلو بتاريخها إلى الفترة التي سبقت الحضارة اليونانية، وتساهم مياه هذه الينابيع في علاج أمراض الروماتيزم.

ولا تعد زيارة السياح أو توجههم خصيصاً لهذه الينابيع في تركيا بهدف العلاج فقط، فهي نوع من السياحة العلاجية، التي تمزج بين رغبتهم في السياحة خارج البلاد وفي الوقت ذاته للتداوي أو العلاج من مرض جسدي يعانون منه.

السياحة العلاجية في تركيا.. الثالثة عالمياً

والتفتت تركيا لقطاع السياحة العلاجية بشكل كبير لا سيما ما يتعلق بالينابيع الحارة، وذلك للترويج وجذب السياح على مدار العام.

إذ يوجد حوالي 1100 ينبوع، منها 500 ذات مياه حارة تتراوح حرارة مياهها، بين 20 و100 درجة مئوية، ما دفع تركيا للتفكير بإنشاء "مدن معدنية".

وتعد إيطاليا الأولى أوروبياً بعدد المنشآت حول المياه الطبيعية بعدد 300 منشأة وألمانيا الثانية بنحو 260 منشأة.

أما تركيا فهي الأولى أوروبيا من حيث عدد الينابيع المعدنية الحارة.

لكن السياحة العلاجية في تركيا لا تقتصر فقط على الينابيع الحرارية، فهناك زراعة الشعر أيضاً وتجميل الأسنان وغيرها.

ومع ذلك فإن السياحة العلاجية في تركيا ليست رائدة على مستوى الشرق الأوسط فقط؛ إذ تحتل المركز الثالث بعد الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية في هذا المجال.

وسعياً منها إلى الاهتمام بالسياحة العلاجية أكثر، أقرت الحكومة التركية في العام 2015، تشكيل مجلس تنسيقي يهدف إلى تنظيم سير عمل السياحة العلاجية ومنح شهادات معتمدة للمشافي المتمرّسة بهذا القطاع في كافة مدن تركيا.

التفتت تركيا لقطاع السياحة العلاجية بشكل كبير لا سيما ما يتعلق بالينابيع الحارة، وذلك للترويج وجذب السياح على مدار العام (iStock)
السياحة العلاجية في تركيا ليست رائدة على مستوى الشرق الأوسط فقط؛ إذ تحت المركز الثالث بعد الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية في هذا المجال (iStock)
الينابيع الكبريتية أو الحارة هي عبارة عن ينابيع تدفّق مياهاً من باطن الأرض بشكل ساخن لتكوّن مجموعة من البحيرات العلاجية (iStock)
TRT عربي