تلجأ العصابات الإحرامية لسرقة الوقود من سيارات المواطنين في فرنسا للاستفادة من ارتفاع الأسعار (AFP)
تابعنا

سجلت أسعار النفط مستويات غير مسبوقة خلال الأيام القليلة الماضية، جراء تداعيات الهجوم العسكري الذي تشنه روسيا على أوكرانيا منذ ما يقارب الأسبوعين. وأثار ذلك صدمة في الأسواق العالمية، وتسبب في حالة من الارتباك والهلع.

وبينما لا يكاد يسلم بلد من تداعيات هذه الأزمة، اجتاحت فرنسا مؤخراً ظاهرة مقلقة زادت في حدتها. إذ بدأ الوقود يجذب المزيد والمزيد من اللصوص، وباتت عصابات شفط وسرقة الوقود تغزو عديداً من المناطق والطرق في فرنسا.

أثار ذلك بالتالي مخاوف الفرنسيين من مزيد تنامي هذه الظاهرة، خاصة بعد عجز السلطات الفرنسية عن مجابهتها، وحماية المارّين بسياراتهم وشاحناتهم من "قطاع طرق الوقود".

عصابات "السيفون" تغزو فرنسا

لا تعد ظاهرة سرقة الوقود في فرنسا بالظاهرة الجديدة، فشهدت البلاد سنة 2016 أيضاً نمواً مخيفاً لهذه العصابات، وذلك بالتزامن مع أزمة البنزين، التي كانت في ذلك الوقت نتيجة إضراب عمال مصافي تكرير النفط.

وطفا حينها على السطح مصطلح "السيفون" ويقصد به: "كيف يُسرق الوقود من خزان السيارات". وسجلت السلطات مئات من البلاغات عن سرقة الوقود من خزانات سيارات المواطنين في جنح الليل.

ومجدداً، تعود هذه الظاهرة لتستعر من جديد، مع ارتفاع أسعار النفط بشكل غير مسبوق.

وحسبما أفادت به مصادر أمنية في تصريحات لوسائل إعلام محلية، فقد تمكنت إحدى عصابات "السيفون" قبل أيام قليلة، من احتجاز شاحنة بصهريج وقود على الطريق السريع A13 والاستيلاء على ما فيها من وقود.

ولم تكن تلك الحادثة الوحيدة التي سجلتها الفرق الأمنية مؤخراً، فقد أصبحت الشاحنات والسيارات التي تقف في مختلف المواقف المتفرقة بالبلاد ومراكز الاستراحات، هدفاً سائغاً لهذه العصابات، التي لم تتردد في شفط الوقود باستخدام المثقاب أو الفأس أو الشفاطات الكهربائية.

وأظهرت عمليات السرقة التي عاينتها الأجهزة الأمنية، تطوراً دقيقاً وملحوظاً في التقنيات التي تستخدمها عصابات "السيفون" للاستيلاء على كميات كبيرة من الوقود وفي وقت قصير.

أكثر المتضررين

حسبما أفادت به التقارير الأمنية فإن الشركات الأكثر تضرراً من "السيفون" شركات المقاولات والبناء، التي لا تتحرك غالباً إلا في الليل. وتراجعت هذه الشركات عن حماية خزاناتها، إذ أن ذلك يكلفها أكثر من سرقة وقودها.

فبعد أن عززت في البدء الخزانات بطريقة أصبح فيها من المستحيل شفط وقودها، خربت هذه العصابات المركبات انتقاماً من أصحاب الشركات، وكان بالتالي الضرر أكبر من سرقة الوقود.

وإلى جانب شاحنات الصهريج، وحواجز المضخات والمنشآت الكبيرة، كان المواطنون العاديون أيضا هدفاً لعصابات السيفون. فقد تعرضت مئات من سيارات الفرنسيين للسرقة ليلاً، سواء من عصابات إجرامية محترفة أو من أفراد ولصوص عاديين، كان من السهل عليهم شفط الوقود بإدخال أنابيب بسيطة.

كما لم تعد الطرقات أيضاً خلال الفترة الأخيرة، آمنة للسفر أو التنقل، فقد وضعت العصابات الكثير من الحواجز، والفخاخ لتعطيل مرور السيارات أو الشاحنات ومن ثم الهجوم عليها والاستيلاء على ما فيها من وقود.

وعلى الرغم من إعلان الأجهزة الأمنية عن احتجازها كميات من المسروقات وتفكيكها بعض هذه الشبكات الإجرامية، فإن ذلك لا يبدو كافياً لإيقاف هذه الآفة التي باتت تؤرق الجميع في فرنسا، وتضاعف متاعب أزمة الوقود لديهم، التي تسببت أساساً في حالة كبيرة من الإرباك والهلع.

ويعتبرُ مختصون ومحللون، أن مثل هذه الأزمات في العالم، غالباً ما يرافقها ارتفاع في منسوب الجريمة والفوضى، وانتشار للعصابات والشبكات الإجرامية التي يصعب على السلطات مكافحتها بسهولة.

TRT عربي