مهنة الصيد في غزة (TRT Arabi)
تابعنا

غزة ـــ تختلف مهنة الصيد داخل قطاع غزة عنها في جميع المدن الساحلية حول العالم، ليس لأن الأسماك التي يجري اصطيادها تعتبر نادرة وفريدة من نوعها، ولكن لكونها تعتبر مهنة محفوفة بالمخاطرة نتيجة لما يتعرض له الصيادون في عرض البحر.

ويتعرض الصيادون الفلسطينيون لمضايقات وانتهاكات بحقهم وهم بعرض البحر، ما يجعل عملهم محفوفاً بالمخاطر بخاصة إطلاق النار باستمرار من الزوارق الإسرائيلية الموجودة في البحر.

قيود مشددة

ونتيجة لتعطُّل عمل العديد من الصناعات بفعل الحصار الإسرائيلي وضعف الاقتصاد الفلسطيني، اتجه بعض أصحاب الصناعات التي توقفت إلى مهنة الصيد، فمنهم من يمتهن تلك المهنة عن طريق الصيد باستخدام الشباك أو (الصنار).

وتفرض إسرائيل قيوداً مشددة تمنع الصياد الفلسطيني من ممارسة مهنته بحرِّية، فلا يستطيع الصياد أن يتعدى في البحر سوى 9 أميال فقط، وإذا اقترب أكثر يُقتَل أو يعتقل ويصادر قاربه، ليتحول مصدر رزقه إلى مهنة محفوفة بالمخاطر، وخلال السنوات القليلة الماضية، استشهد وأصيب عدد من الصيادين وهم يمارسون الصيد، نتيجة إطلاق قوات الاحتلال الإسرائيلي الرصاص الحي والمطاطي تجاه قواربهم.

ورث المهنة من والده

محمد أبو ريالة، أحد الصيادين الذين يمارسون مهنة الصيد منذ أكثر من 15 عاماً، يقول وهو يتشبث بشباك الصيد على متن قاربه لـTRT عربي: "ورثت الصيد من والدي، لذا أنا متمسك به. فأنا أحب تلك المهنة ولا يمكنني أن أتركها على الرغم من أنها لم تعد كما كانت، فالبحر بالنسبة إليَّ هو بيتي الثاني".

وأشار أبو ريالة إلى وجود العديد من المهن المرتبطة بالصيد، مثل مهنة تجارة الأسماك وميكانيكي المراكب والكهربائي وتجار أدوات الصيد وأصحاب عربات النقل وغزل شباك الصيد، وجميع هذه المهن مهددة بالترك من قبل أصحابها جرّاء ما تفرضه إسرائيل من قيود على حياة الفلسطيني في غزة.

ويبين أبو ريالة أنه لا يوجد صياد فلسطيني إلا تعرض لإطلاق نار من قبل زوارق الاحتلال الإسرائيلي، لكن على الرغم من ذلك "سنستمر في تلك المهنة لنرسل من خلالها رسائل التحدي والصمود".

لقمة مغمسة بالدم

بالانتقال إلى "حسبة السمك" وهو المكان الذي يتجمع به الصيادون بهدف بيع الأسماك للتجار، هناك يحمل حاتم الهسي الصندوق الممتلئ بالسمك على كتفه، بهدف نقله وعرضه للزبائن.

يقول الهسي الذي يسكن في مخيم الشاطئ للاجئين لـTRT عربي: "أذهب إلى الصيد الساعة الرابعة عصراً برفقة مجموعة من الصيادين، نعمل حتى السادسة صباحاً من اليوم الذي يليه، ثم نذهب إلى الحسبة لكي نعرض الأسماك التي اصطدناها لبيعها"، منوهاً بأن تكلفة محروقات بعض المراكب تصل إلى 400 دولار في اليوم.

ويشير الهسي الذي يعول 4 أفراد إلى أن في بعض الأيام "يكون الصيد جيداً، وفي أيام أخرى يكون سيئاً، فأنا بدأت في مهنة الصيد عام 2005، وخلال تلك الفترة إلى يومنا هذا تعرضت لإطلاق نار ومطاردة من الزوارق الحربية الإسرائيلية"، واصافاً تلك المهنة بـ"اللقمة المغمسة بالدم".

مطاردة واعتقال وإطلاق نار

ومن جانبه، يقول مسؤول لجان الصيادين باتحاد لجان العمل الزراعي زكريا بكر لـTRT عربي: "إن مهنة الصيد تعتبر من المهن القديمة التي كانت تشكل مصدر رزق أساسي لأي إنسان، ففي قطاع غزة يعمل بها كثير من المواطنين، فمنهم من ورثوها عن آبائهم وأجدادهم وآخرون لجأوا إليها لعدم توفر فرص عمل بالصناعة التي كان يعمل بها وتوقفت بفعل الحصار الإسرائيلي على غزة منذ سنوات".

ويضيف بكر: "يعتبر الصيد مهنة شاقة لأنه يحتاج إلى قوة بدنية عالية، هذا فضلاً عن المخاطر التي يواجهها الصياد بسبب قوات الاحتلال الإسرائيلي. فخلال السنوات القليلة الماضية صادر الاحتلال 350 قارباً، وأعادها من دون محركاتها ومعدات الصيد التي كانت على متنها".

ويتابع بكر: "الاحتلال يسعى دائماً للتضيق على عمل الصياد الفلسطيني بممارسة عدد من الانتهاكات، منها إطلاق النار على الصيادين مباشرة من قبل الزوارق الحربية تجاه المراكب، ورشِّها بالمياه العادمة، فالصياد أصبح حقل تجارب للأسلحة الإسرائيلية".

ويضيف: "قبل 2006 كان الصياد يصل إلى 20 ميلاً في البحر، أما المساحة المحددة حالياً فهي بين 6 و9 أميال ببعض المناطق، ومن يتعدى تلك المساحة من الصيادين يُعتقل ويصادَر مركبه، فالفلسطيني يعيش أكبر فترة حصار بحري عرفه التاريخ، فمنذ أكثر من 14 عاماً يمنع دخول أي قطع غيار خاصة بقطاع الصيد، الأمر الذي أصبح يهدد بتوقف تلك المهنة إذا استمر الوضع علي ما هو عليه".

بعضهم قُتل وآخرون فقدوا البصر

ويوضح بكر أن قوات الاحتلال اتجهت في السنوات الثلاث الماضية إلى أسلوب جديد هو إطلاق النار على أعين الصيادين لتعجيزهم عن ممارسة الصيد إلى الأبد. حتى إن ثلاثة صيادين فقدوا البصر نتيجة إطلاق الرصاص المطاطي عليهم، أما عدد الشهداء من الصيادين فبلغ 10 والمصابين أكثر من 320.

ويبين بكر أن عدد الصيادين المسجلين بشكل رسمي بلغ 4 آلاف صياد، فيما بلغ عدد مراكب الصيد 1050 مركباً مختلفة الأحجام.

وفي نهاية حديثه، يؤكد بكر أن البحر بالنسبة إلى الفلسطينيين ليس مزاراً استجمامياً ومهنة فحسب، بل موروث حضاري وإنساني لا يمكن التخلي عنه، لهذا السبب يسعى الاحتلال الإسرائيلي إلى طمسه.

نتيجة لتعطُّل عمل العديد من الصناعات بفعل الحصار الإسرائيلي وضعف الاقتصادالفلسطيني، اتجه بعض أصحاب الصناعات التي توقفت إلى مهنة الصيد (TRT Arabi)
من الصيادين من ورثوا المهنة عن آبائهم وأجدادهم وآخرون لجأوا إليها لعدم توفر فرص عمل بالصناعة التي كان يعمل بها بفعل الحصار الإسرائيلي على غزة منذ سنوات (TRT Arabi)
مهنة الصيد تعتبر من المهن القديمة التي كانت تشكل مصدر رزق أساسي لأي إنسان، ففي قطاع غزة يعمل بها كثير من المواطنين (TRT Arabi)
يبين أبو ريالة أنه لا يوجد صياد فلسطيني إلا تعرض لإطلاق نار من قبلزوارق الاحتلال الإسرائيلي (TRT Arabi)
TRT عربي