حاملة طائرات (AFP)
تابعنا

وسط تصاعد حدة التوترات بين الصين والولايات المتحدة بشأن جزيرة تايوان البالغ عدد سكانها 24 مليون نسمة التي تعتبرها بكين مقاطعة تابعة لها وتعهّدت بضمها بالقوة إذا لزم الأمر، دشنت البحرية الصينية الجمعة حاملة طائرات متطورة، هي الأولى من نوعها التي يجري تصميمها وبناؤها في الصين، في خطوة تهدف إلى تعزيز قوة أسطولها البحري وقدراتها العسكرية التي وصلت إلى "نقطة تحول مهمة"، وفق خبراء.

وتزامناً مع الزيارة الأخيرة التي أجراها الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى كوريا الجنوبية واليابان، والتي تركز بشكل كبير على مواجهة التهديد المتصوّر من جانب بكين، أطلقت الصين مناورات عسكرية في بحر الصين الجنوبي المتنازع. وأجرت الصين وروسيا أيضاً دورية جوية مشتركة في المياه القريبة من اليابان وتايوان في مايو/أيار بأول دورية منذ الهجوم الروسي على أوكرانيا.

وفي 23 مايو الماضي، أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن أن الولايات المتحدة "ستتدخل عسكرياً" إذا أقدمت الصين على مهاجمة تايوان، فيما قالت الصين إنه يتعين على واشنطن عدم الدفاع عن استقلال تايوان، وإنه لا مجال للتهاون أو تقديم تنازلات في أمور تتعلق بسيادة الصين ووحدة أراضيها. فيما أكد المتحدث باسم وزارة الدفاع الصينية وو كيان، في 10 يونيو/حزيران الجاري، أن بلاده "لن تتردد في بدء حرب" إذا أعلنت تايوان استقلالها، وذلك في اعقاب اجتماع بين وزير الدفاع الصيني ونظيره الأمريكي.

البحرية الصينية

تأسست القوات البحرية لجيش التحرير الشعبي الصيني في 23 أبريل/نيسان عام 1949، وهي الفرع البحري في جيش التحرير الشعبي الصيني. وبالتزامن مع التطور الذي شهدته الصين واقتصادها، تطوّرت البحرية الصينية مع تطوّر قوة الصين العسكرية بشكل عام.

ووفقاً لموقع "غلوبال فاير بور" الأمريكي، أصبحت الصين تمتلك أضخم أسطول بحري في العالم بـ777 قطعة بحرية. ورغم امتلاك الصين أكبر قوة بحرية في العالم من حيث العدد، لا تزال البحرية الصينية بعيدة عن الإمكانات البحرية الأمريكية، بخاصة في مجال حاملات الطائرات.

ويضمّ الأسطول الصيني 3 حاملات طائرات و50 مدمرة و46 فرقاطة و72 كورفيت، و36 كاسحة ألغام بحرية و123 سفينة دورية، إضافة إلى 79 غواصة حربية، وهو ما يجعلها أضخم قوة غواصات في العالم. وتقدر الولايات المتحدة أن القوة ستنمو إلى 420 سفينة حربية بحلول عام 2025 و460 بحلول عام 2030.

ويرى الخبراء والمحللون العسكريون أن سلاح مُشاة البحرية، الذي خُطط له لينمو بنسبة 400% من 20 ألف إلى أكثر من 100 ألف جندي، سيكون بمثابة يد بكين الضاربة خلال عملية غزو واحتلال جزيرة تايوان، وذلك للتطورات الهائلة التي أُجريت على بنية هذا السلاح ومعداته في السنوات القليلة الماضية، بالإضافة إلى أعمال التعديل التي تشهدها السفن التجارية والتي يتوقع أن تشارك بالآلاف خلال عملية غزو تايوان.

حاملة طائرات عملاقة

غادرت الحاملة التي أطلق عليها اسم "فوجيان"، حوضها الجاف في حوض بناء السفن خارج شنغهاي لترسو عند رصيف قريب. ويرى خبراء أن قدرات "فوجيان" المجهزة بأحدث الأسلحة إضافة إلى تقنيات إطلاق الطائرات ستنافس قدرات حاملات الطائرات الغربية.

وتنضم بذلك "فوجيان" إلى حاملة الطائرات "شاندونغ"، التي جرى تشغيلها عام 2019، و"لياونينغ" التي اشترتها الصين مستعملة من أوكرانيا في عام 1998 وجرى تجديدها محلياً. لكن حاملة الطائرات الصينية الجديدة، تتميز عن الحاملتين الأخريين بحجمها الكبير فضلاً عن تمتعها بمنجنيق مغناطيسي لإطلاق الطائرات، ما يسمح للمقاتلات بحمل كمية أكبر من الوقود والأسلحة.

وحسب خبراء ستُطلَق الطائرة الأولى فقط من هذه الحاملة، التي يبلغ طولها 300 متر ولديها القدرة على نقل 100 ألف طن، ربما في أواخر عام 2023 إلى عام 2024، ومن المرجح أن تعلَن القدرة التشغيلية الكاملة بالقرب من عام 2025.

الاستعدادات الصينية لغزو تايوان

طوال العقد الأخير، اهتمت الصين في تطويرها وتوسعة قدرات سلاحها في مُشاة البحرية، إذ تسعى لإدماج المزيد من قواتها البرية الأكثر تعداداً على مستوى العالم مع قواتها البحرية التي شهدت تضخماً هائلاً في السنوات الأخيرة، لدرجة وصفها بـ"الوحش البحري" من مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية، لكثرة مشاريعها المستمرة في إنتاج قطع بحرية أكثر تطوراً وبأعداد ضخمة جاعلة من الأسطول الصيني الأضخم على مستوى العالم.

يرى الخبراء أن الحاملة الجديدة تعد قفزة مهمة للبحرية الصينية التي تبني السفن بوتيرة سريعة، ودليلاً على أن المهندسين الصينيين قادرون الآن على تصنيع مجموعة كاملة من المعدات المرتبطة بالحرب البحرية الحديثة، بما في ذلك الطرادات والفرقاطات والمدمرات والسفن الهجومية البرمائية والآن حاملة طائرات.

ولغزو جزيرة تايوان، يرى الخبراء أنّ الصين قد تحتاج إلى نقل ما يصل إلى مليوني جندي عبر مضيق تايوان البالغ طوله نحو 100 ميل، الأمر الذي يُعدّ عملية لوجستية معقدة للغاية، أكثر بكثير مما تستطيع بحرية جيش التحرير الشعبي نقله، إذ إن مهمة نقل الجنود ستوكل إلى آلاف من سفن الشحن التجارية التي يجري العمل على تعديلها بسرعة كبيرة، وذلك بعد أن استحدثت الحكومة الصينية في عام 2017 قانوناً جديداً يمكنها من السيطرة على سفن الشحن التجارية الصينية وقت الحاجة. وفي غضون هذا القانون، باشر المهندسون البحريون في تعديل السفن التجارية لجعلها سفناً هجومية أفضل، تكون قادرة على نقل مئات آلاف من جنود مشاة البحرية رفقة معداتهم.

TRT عربي