المغرب يرفض المساومة الأوروبية حول اتفاقية الصيد البحري (Others)
تابعنا

في تقرير وزّعه وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، على نواب البرلمان يوم الاثنين، أكد رفضه "منطق المساومة" الذي يتعامل به الاتحاد الأوروبي مع المغرب حول اتفاقية الصيد البحري، إذ كانت المحكمة الأوروبية حكمت ابتدائياً ببطلان تلك الاتفاقيات وفقاً لطعون قدَّمتها جبهة البوليساريو الانفصالية بإقليم الصحراء.

في المقابل تُعَدّ اتفاقية الصيد البحري أهمّ شراكة اقتصادية تجمع الاتحاد الأوروبي بالمغرب، منذ دخلت نسختها الجديدة حيّز التنفيذ في 6 يوليو/تموز 2019، ولكنها تقع الآن بين شد وجذب بين الطرفين لإعادة إنعاشها بما يواتي مصالح كل منهما، فيما يُطرح عديد من الأسئلة حول بدائل المغرب إذا ما فشل التوصل إلى اتفاق.

نرفض المساومة الأوروبية!

أردف الوزير المغربي في أثناء تقديمه مشروع ميزانية وزارته لسنة 2022، بأن "أي اتفاق مستقبلي ينبغي أن يكون في إطار احترام السيادة المغربية منطلَقاً لأي اتفاق كما أشار جلالة الملك محمد السادس في خطابه الأخير"، مشدّداً على أن "المغرب لا يتفاوض حول سيادته!" في اقتباس لما ورد في الخطاب الملكي في ذكرى "المسيرة الخضراء" الأسبوع الماضي.

وأوضح بوريطة أنه "ينبغي أن يتخلص من منطق المساومة الذي تنتهجه أوروبا من حين إلى آخر"، داعياً إلى ضرورة "إيجاد بدائل أخرى لاتفاقيات جديدة تحترم السيادة المغربية".

فيما يأتي حديث رئيس الدبلوماسية المغربية في سياق حكم المحكمة الأوروبية الصادر يوم 29 سبتمبر/أيلول الماضي، والذي يقضي ببطلان اتفاقيات الفلاحة والصيد البحري، التي تجمع الاتحاد الأوروبي بالمغرب. وقتها رجعت المحكمة قرارها إلى أن الاتفاقيتين "تشملان منتجات قادمة من إقليم الصحراء المتنازع عليه بين الرباط وجبهة البوليساريو، وجاء بناءً على دعوى تقدمت بها البوليساريو".

وفي رد على ذلك القرار أصدرت خارجيتا المغرب والاتحاد الأوروبي تصريحاً مشتركاً، أكَّدتا فيه عزمهما على "اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان الإطار القانوني لاستمرار واستقرار العلاقات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المغربية". وصرَّح بوريطة وقتها بأن "المغرب والاتحاد الأوروبي مستعدان بشكل كامل لمواصلة التعاون".

اتفاق مصيري وبدائل

وتُعَدّ اتفاقيات الصيد البحري بين أوروبا والمغرب أهمّ شراكة اقتصادية بين الجانبين، ودخلت نسختها الجديدة حيّز التنفيذ في يوليو/تموز 2019 عابرةً مسار مفاوضات يشبه الحالي، إذ اعتبرتها المحكمة الأوروبية نفسها سنة 2018 "متنافية وقواعد القانون الدولي" في ارتباطه مع نزاع الصحراء، وانتهت بتصديق البرلمان الأوروبي عليها بأغلبية بلغت 415 صوتاً مؤيداً.

فيما تتضمن تلك الاتفاقية سماح المغرب لـ128 سفينة أوروبية بالصيد في مياهه لمدة أربعة أعوام، مقابل 52.2 مليون يورو يمنحها الاتحاد كمقابل، ضمنها 93 سفينة إسبانية، مما يجعل الاتفاق أساساً مُعَدّاً لصالح الصيادين الإسبان، وأي بطلان له يهدّد مصالحهم، وبالتالي نجد مخاوف عديدة تسود قطاع الصيد بإسبانيا في هذا الصدد.

وفي ذات السياق أعلن وزير الفلاحة والصيد الإسباني لويس بلاناس في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أن "اتفاقية الصيد البحري تُعَدّ أولوية لإسبانيا، لما لها من أهمية للصيادين في بلادنا، لا سيما أساطيل جهة الأندلس وجزر الكناري وغاليسيا". مؤكداً: "إننا نعمل معاً على أساس الثقة لاتخاذ جميع الإجراءات اللازمة للدفاع عن مصالحنا". يُذكر أن لوبي الصيادين الإسبان لعب دوراً كبيراً في الضغط على الاتحاد لتوقيع الاتفاق سنة 2018 بعد تعثُّر مفاوضاته.

من جهة أخرى، يُعَدّ الأسطول الروسي أبرز منافس لنظيره الأوروبي على الصيد في المياه المغربية، إذ سبق في أبريل/نيسان الماضي تجديد اتفاقية الصيد التي تجمع الرباط بموسكو، وتسمح بموجبها بأن "تستغلّ السفن الروسية الثروة السمكية في المنطقة الخالصة للمغرب في المحيط الأطلسي، والتي تمارس فيها المملكة حقوقها السيادية الكاملة، بما فيها المياه المتاخمة للأقاليم الجنوبية"، مقابل "مساهمة مالية (روسية للمملكة)، تتكون من تعويض مالي سنوي، يمثل حقّ استغلال الموارد، والرسوم السنوية، وكذلك الرسوم التنظيمية لتراخيص الصيد" حسب ما جاء في تقديم الحكومة المغربية وقتها.

بالتالي يمكن لروسيا أن تكون بديلاً من الاتحاد الأوروبي بخصوص الصادرات الفلاحية والصيد البحري، إذ بلغ متوسط الصادرات الزراعية المغربية إلى روسيا بين عامي 2015 و2019 نحو 200 مليون دولار، وهو ما يعادل 82% من إجمالي صادرات المملكة إلى روسيا.

في المقابل، تثير اتفاقيات الصيد البحري بين المغرب والدول الأجنبية سخط الصيادين المحليين، بل إن إبطالها أمل طالما حلموا به، نظراً إلى المنافسة الكبيرة لتلك الأساطيل على خيرات السواحل المغربية. فحسب لعربي مهيدي، رئيس الكونفديرالية المغربية للصيد الساحلي، في حديثه لموقع Le Reporter، فإن "الصيادين الأوروبيين لا يحترمون بنود الاتفاقية الموقَّعة مع المغرب".

ويضيف مهيدي مؤكداً في هذا السياق أنه "إذا استمر الأمر على هذا الحال فلن يكفي الاحتياطي السمكي حتى توقيع اتفاقية جديدة مع الاتحاد"، مطالباً الحكومة بـ"إعادة النظر في سياسة تجديد توقيع اتفاقيات الصيد مع الاتحاد الأوروبي، لأننا مهددون في غضون سنوات قليلة بأن لا يبقى في مياهنا سمك لنصيده".

TRT عربي